خبر جياد قوية.. اسرائيل اليوم

الساعة 12:30 م|18 فبراير 2010

بقلم: دانييل بايبس

مدير منتدى الشرق الاوسط في معهد هوفر في جامعة ستانفورد

باحثون كثيرون حاولوا حل لغز معنى الشعور المضاد لاسرائيل في الشرق الاوسط. احد البحوث الجديدة في هذا الموضوع يعرض في كتاب لي سميث "جواد قوي: قوة، سياسة وصدام الحضارات العربية".

ويستخدم سميث الجملة الشهيرة التي قالها اسامة بن لادن في 2001، "عندما يرى النار جوادا قويا وجوادا ضعيفا، فبطبيعتهم سيحبون الجواد القوي"، كأساس لاثبات نظريته. ويشخص سميث مبدأين واضحين للارهاب العربي بالنسبة لنظرية "الجواد القوي": السيطرة على الحكم وبعدها الحفاظ على القوة. في هذه الثقافة، مبدأ القوة والسيطرة هو المقرر. عندما يقاتل الاسلاميون ضد الغرب، وكذا بينهم وبين أنفسهم لا يعترفون "باي آلية انتقال هادىء وقانوني للحكم الى آخر او بتوزيع الصلاحيات. النزاع السياسي هو من ناحيتهم مثل معركة حتى الموت بين جياد قوية". ولهذا السبب فان العنف "هو عنصر مركزي في سياستهم وثقافتهم". بالتوازي مع الصراع على القوة بشكل عنيف تتم كل الوقت متابعة للجواد القومي القادم.

ادعاء سميث بشأن مبدأ "الجواد القوي" في ثقافة المسلمين مثير للاهتمام، لانه بموجبه يفسر بان المشكلة هي بشكل عام ليست "الامبريالية الغربية او الصهيونية". المشكلة تكمن في صراع مستمر مع الجواد القوي في سبيل السيطرة والقوة. النبي محمد هو الاخر، رغم أنه كان شخصية دينية اخلاقية، يعرض كشخصية قوية احتلت قلوب الجماهير من خلال الصراعات العنيفة. حكام مسلمون حكموا على مدى مئات السنين على اساس "العنف، القمع والاكراه" وهذه المبادىء لم تعتبر سيئة. كما أن النظرية الشهيرة للمؤرخ العربي ابن خلدون تتعاطى مع التاريخ كدائرة ثابتة من الصراع العنيف على القوة والسيطرة بين جياد قوية وضعيفة. ومن يعتبر ضعيفا، مثل الاقليات في بلدان عربية، يعتبرون رعايا، "ذمة". وقد حظوا ببعض الحماية من جانب السلطة، والى جانب ذلك بالاهانة الدائمة. هكذا يتصرفون مع الضعيف.

من هنا، استنادا الى التاريخ السابق للشرق الاوسط، يحلل سميث التاريخ الحديث. مفهوم العروبة لناصر وامثاله يعزوها الى الصراع من أجل تحويل جياد صغيرة، دول وطنية، الى جواد واحد اسلامي وقوي. اسرائيل، التي تأسست في الشرق الاوسط، تعتبر كـ "جواد قوي" بدعم الولايات المتحدة والكتلة المصرية – السعودية وعليه فان المعسكر برئاسة الايرانيين يحاول التصدي لها بخلق "جواد قوي" خاص به.

ما يجلبنا الى مسألة أي سياسة يفترض باسرائيل والغرب ان تتبناها عندما يلعبون في الملعب الشرق اوسطي. سميث يشدد بان من يعتبر "جوادا ضعيفا" سيفقد التقدير له، وان التجربة تثبت بان من يحاول أن يكون نزيها واخلاقيا مثلما في حالة الانسحاب الاسرائيلي من غزة ومن لبنان – يدخل في مسار واضح من الفشل لانهم سيفهمونه كـ "جواد ضعيف" يمكن استبداله.

كون الحديث يدور عن عقلية مئات السنين، فان الوضع صعب ولكن ليس ضائعا. هذا هو السبب الذي جعل جورج بوش محقا حين حاول الدفع الى الامام بمشروع التحول الديمقراطي في البلدان العربية – في المدى البعيد هذا الامل في تغيير عقلية "الجواد القوي" والانتقال الى النهج الديمقراطي. ولكنه اخطأ حين لم يدعم بما فيه الكفاية الليبراليين العرب وهجر هذا الطريق الصعب. في العراق ايضا تجاهلت الادارة من النصيحة التي دعته الى فرض زعيم قوي هناك ذي نهج ديمقراطي كي يملي هذا الفهم في البداية بالقوة وبعد ذلك انطلاقا من فهم الشعب.

فضلا عن ذلك، عندما امتنعت الادارة الحالية عن فرض ارادتها على ايران فانها عززت فقط المتطرفين. ليس صدفة اقترح لواشنطن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وان كان في نصف مزحة "ارسال سيارات متفجرة الى دمشق" لنقل الرسالة بالنسبة لجدية نوايا الامريكيين. في هذه اللحظة، على الاقل، في الشرق الاوسط يفهمون لغة القوة.

سميث يشرح بانه في المرحلة التاريخية الحالية، لا مفر للغرب من تبني مبدأ "الجواد القوي" في كل ما يتعلق بالنشاط الشرق اوسطي، مهما بدا هذا المبدأ تبسيطيا، وحشيا ونزاعا الى القوة.