خبر لبنان: اعتقال عميل دلّ الإسرائيليين على منزل جاره ليقتلوا عائلته بأكملها

الساعة 05:49 ص|18 فبراير 2010

 

 فلسطين اليوم-الأخبار اللبنانية

أوقفت قوى الأمن الداخلي حسن ش. بشبهة التعامل مع العدو الإسرائيلي. تبيّن أن الموقوف كان قد زوّد إسرائيل بمعلومات أدّت إلى استشهاد عائلة جاره بأكملها خلال حرب تموز. منذ أيام، أصدر قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية سميح الحاج قراره بحق المتهم

 

بدأت القصة عام 1999. فحسن ش. كان يعمل بائعاً متجولاً للألبان والأجبان، إضافة إلى عمله في مجال الموسيقى بصفة عازف ضمن فرقة موسيقية يتعهّد حفلاتها جوزف ن. وفي عيد رأس تلك السنة، حصلت هذه الفرقة على ترخيص من مديرية الاستخبارات لدخول بنت جبيل، التي كانت في حينها تحت الاحتلال الإسرائيلي، لإحياء الحفلة الفنية. أثناء ذلك، تعرّف حسن ش. إلى شوقي ع. الذي عرّفه إلى رب عمله، جمال ض. الذي كان معروفاً بتعامله مع العدو الإسرائيلي. اختلى جمال بحسن في منزل شوقي ع. وعرض عليه العمل معه لمصلحة العدو الإسرائيلي. العمل كان جمع معلومات عن بعض الأشخاص في المناطق المحررة، مقابل مبالغ مالية وتوفير نفقات الدراسة لأولاد حسن. وافق الأخير على العرض، مشترطاً عدم قيامه بأية أعمال إرهابية، ثم زوّده برقم هاتفه الخلوي الذي كان لا يزال في حوزته حتى تاريخ توقيفه في 21/5/2009. تعهّد الاثنان باللقاء مجدداً لمتابعة ما اتفقا عليه. وبالفعل، في اليوم الأخير من تلك السنة، التقى حسن بشوقي في بلدة مرجعيون، أثناء توجّه الفرقة الموسيقية لإحياء حفلة هناك. طلب شوقي من حسن الصعود معه إلى سيارته، فأراد أحد عناصر الفرقة الموسيقية الصعود معهما، لكنّ شوقي منعه وطلب منه عدم الصعود. توجه أعضاء الفرقة إلى بلدة مرجعيون بسياراتهم، فيما عرّج شوقي إلى منزل قديم يبعد قليلاً عن البلدة، بعدما سلك طريقاً ضيّقاً متفرّعاً عن الطريق العام لمسافة ثلاثمئة متر. هناك في المنزل، كان ينتظرهما جمال برفقة ضابط من الاستخبارات الإسرائيلية يدعى «روني». اجتمعوا معاً، فكرّر الضابط الإسرائيلي المذكور تأكيده لحسن العمل لمصلحتهم. أبدى حسن موافقته مجدداً، فالتقط له الضابط عدة صور فوتوغرافية ونقده مبلغ ثمانمئة دولار أميركي، ثمّ زوّده برقم هاتفه وتواعدا على التواصل. بعد انتهاء الاجتماع، طلب جمال من شوقي اصطحاب حسن إلى مكان وجود الفرقة.

مرّ شهر على اللقاء، فاتصل جمال بحسن طالباً منه كتابة سيرة حياته على ورقة، وشراء جهاز «رسيفر» من أحد المحال في صيدا، وطلب إليه وضعها في داخله ثم الانتقال إلى محلّة الأوّلي وانتظار وصول سيارة مرسيدس أجرة لون أحمر يقودها شخص يدعى «أبو محمد» لتسليمه جهاز «الرسيفر». نفّذ حسن التعليمات، وبالفعل تمّ الأمر وفق التسلسل الذي أعلموه به.

تلقّى حسن أوائل عام 2005 اتصالاً هاتفياً من جمال، من رقم دولي، أخبره خلاله أنه موجود في الولايات المتحدة الأميركية، وعرض عليه إعادة تفعيل عمله لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية. كذلك طرح معه إمكان سفره إلى دولة المجر لمقابلة ضباط من الاستخبارات الإسرائيلية. وافق حسن مجدداً، فأعلمه جمال بأن أحد الضباط الإسرائيليين سيتصل به خلال يومين، للتنسيق معه في عملية سفره إلى المجر. مرّت ثلاثة أيام، فتلقّى حسن اتصالاً هاتفياً من أحد ضباط العدو الإسرائيلي، يطلب فيه التوجه إلى سفارة دولة المجر في بيروت للحصول على تأشيرة دخول إلى المجر، وأعلمه بأن الاستخبارات الإسرائيلية ستعطي اسمه للسفارة المذكورة. توجه حسن إلى سفارة المجر، وما إن قرأت الموظفة اسمه حتى عمدت بنفسها إلى تعبئة طلبه، ثم أخذت جواز سفره، وطلبت منه العودة بعد ثلاثة أيام. حضر لاحقاً شقيقه محمود ومعه الإيصال وتسلّم جواز السفر وتأشيرة دخول إلى دولة المجر، ثم سلّمه لشقيقه حسن الذي كان قد أوهمه بأنه بصدد إقامة حفلة فنية مع الفرقة الموسيقية في دولة المجر.

نزل حسن في فندق IBIS في مدينة بودابست، وفقاً للتعليمات الإسرائيلية. وهناك اتصل به ضابطان، هما جوني وجاني، حضرا إليه واصطحباه في اليوم التالي إلى مكتب شركة العال في مطار بودابست، ومنه إلى الطائرة، دون أن يمر بأي جهاز أمني، ومن هناك انتقلوا إلى بلاد العدو. أقام في أحد فنادق مستعمرة نهاريا لمدة تسعة أيام، خضع خلالها لتدريبات على جهاز حاسوب محمول، وعلى تشفير الرسائل وإنشائها وبثّها عبر الإنترنت، وتحديد الأهداف على قاعدة النظيم والقطوع (X.Y)، وذلك على يد أحد ضباط العدو الإسرائيلي يدعى أديب. وفي نهاية الدورة، خضع لامتحان على ما تدرّب عليه، ثم نقده الإسرائيليون مبلغ أربعة آلاف وخمسمئة دولار أميركي، وأُعطي عنواناً على موقع البريد الإلكتروني، وسُلّم كتاباً يتضمن كيفية إنشاء الرسائل، وحلّ الرسائل المرسلة إليه من الاستخبارات الإسرائيلية.

انتهت الرحلة، فعاد حسن إلى لبنان. توالت عمليات الاتصال والتواصل بينه وبين العدو الإسرائيلي عبر البريد الإلكتروني عن طريق أحد محال الإنترنت. كان يتلقّى الرسائل ويفكّ رموزها بواسطة الكتاب، وكان يزوّدهم برسائل تتضمن معلومات عن أشخاص، كان يحدّدهم العدو الإسرائيلي، يقيمون في بلدة الغازية والصرفند وصيدا وقناريت والسكسكية والبيسارية ومخيم عين الحلوة، عن انتمائهم الحزبي والسياسي ووضعية عملهم، وعما إذا كان هناك حراس على منازلهم، مع وصف دقيق لهذه الأخيرة. ومن بين هذه الشخصيات مسؤولون في حزب الله وحركة أمل. وقد اقتصر عمله قبل حرب تموز 2006 على جمع معلومات عن أشخاص وانتماءاتهم.

يشار إلى أن حسن أعطى معلومات عن جاره الحاج محمود خليفة، المعروف باسم الحاج كاظم، حيث تعرّض منزل الأخير للقصف خلال حرب تموز، فقضى مع أفراد عائلته.

 

بعد انتهاء الحرب، اقتصر عمله على تحديد الأهداف المطلوبة منه بواسطة النظيم والقطوع، من مؤسسات وملاعب، إضافة إلى إعطائه معلومات عن حواجز الجيش المنتشرة على طول الساحل، بدءاً من نهر الأوّلي حتى مدينة الغازية.

تلقّى حسن خلال فترة تعامله التي استمرت لغاية توقيفه، في الأعوام 2005 و2006 و2007 و2008، بواسطة البريد الميت الذي كان يُزرع له في مناطق رويسة البلوط وبلدة جون وبلدة الزعرورية، مبالغ مالية تراوحت قيمتها في كل مرة بحدود خمسة آلاف دولار أميركي، إضافة إلى اثنتين من الـ«Flash memory».

 

كما ذكرت صحيفة الأخبار أن فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قد تمكن، نتيجة الاستقصاءات وعمليات الرصد والتعقّب التي قام بها، من توقيف حسن ش.

وقرر قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية سميح الحاج اتهام حسن ش. وجمال ض. بالجنايات المنصوص عنها والمعاقب عليها بمقتضى أحكام المواد 274 و275 و278 و549/219 من قانون العقوبات، التي تصل عقوبتها إلى حدّ الإعدام، إضافة إلى المادتين 5 و6 من قانون 11/1/1958، وإصدار مذكرة إلقاء قبض بحق كل منهما.