خبر وكأن الحرب واقعة غداً! .. نواف الزرو

الساعة 10:59 ص|17 فبراير 2010

بقلم: نواف الزرو

الذي يتابع الافكار والتصريحات والخطط والمناورات والقرارات والوقائع ومختلف الاجراءات الاسرائيلية اليومية على مختلف الجبهات الداخلية والخارجية شمالا وجنوبا ، يستخلص بان الاوضاع تسير بقوة باتجاه حرب اخرى لا محالة ، بل وكأن الحرب آتية واقعة غدا حتما،.

ومثل هذا الاستخلاص ليس عبثيا او ضربة مندل ، فتلك الدولة تتبنى منذ اختراعها ونشأتها استراتيجيات حربية على الارض والشعب والدول العربية ، وفي مقدمتها استراتيجية "الحرب اولا ودائما" ، كما جاء في تقرير صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار العدد رقم 42 من سلسلة "أوراق إسرائيلية" حمل عنوان "الحرب أولاً ودائمًا" ، وشارك في اعداده عشرات الضباط والخبراء العسكريين الذي عقدوا اللقاءات التقويمية الاستخلاصية بعد هزيمة جيشهم في لبنان ، واجمعوا على استراتيجية الحرب فقط مع العرب باعتبارها دائما المخرج لهم ، وتشمل هذه الورقة تفصيلات الخطة الخماسية للجيش الإسرائيلي ، المسماة "خطة تيفن 2012".

تتلبس الدولة الصهيونية والمجتمع الصهيوني ما يمكن ان نطلق عليه "جنون الحروب والقتل" ، ولكنه على خلاف اي جنون قد يخطر بالبال ، فانه جنون مدجج بالفكر والايدولوجيا والادبيات العنصرية الارهابية.

فها هو افيغدور بيغن حفيد مناحيم بيغن يعلن فقط يوم الجمعة الماضي في مقابلة اجرتها معه صحيفة "يديعوت احرونوت 12 ـ 2 ـ 2010 قائلا: "تتدفق في عروقنا جميعا دماء قتلة".

وفي التمهيد لسيناريوهات الحروب المنتظرة في عهده ، كان نتنياهو اعلن امام مؤتمر سابان قبل اسابيع قائلا: لن يحل السلام قبل مواجهة ثلاثة تهديدات لاسرائيل هي: سعي ايران للحصول على سلاح نووي ، وصواريخ حزب الله في لبنان وحماس في غزة التي تهدد اسرائيل ، والثالث تحصين الامن الاسرائيلي ـ الجزيرة 16 ـ 11 ـ "2009 ، ومنذ ذلك الوقت والمشهد في تصعيد مذهل على مختلف الجبهات العسكرية والاستيطانية التهويدية والسياسية والديبلوماسية والاعلامية السيكولوجية.

وفي اقرب تطور سياسي اسرائيلي داخلي على علاقة مباشرة بالبعد الحربي ، ذكرت الاذاعة العبرية الرسمية ـ الخميس 11 ـ 2 ـ 2010 "ان نتنياهو اجتمع مع رئيسة المعارضة ورئيسة حزب كاديما تسيبي ليفني" ، وبينما زعمت الاذاعة ان هذا الاجتماع يأتي في اطار الاجتماعات الروتينية التي يعقدها رئيس الوزراء بموجب القانون مع رئيسة المعارضة لاطلاعها على تطورات الاوضاع" ، سربت مصادر اسرائيلية بان" الاجتماع ياتي في ظل تطورات تعتبرها اسرائيل خطيرة في المنطقة" فيما اشارت مصادر اخرى الى" ان مثل تلك الاجتماعات تحدث حين اتخاذ قرارات مصيرية تحتم اطلاع المعارضة عليها".

فالقصة اذن هنا ليست لقاء روتينية وانما على تماس مباشر مع الاوضاع والتصعيدات الحربية في المنطقة.

وبالتاكيد نحن امام تطورات وقرارات حاسمة ، فالتمادي الاجرامي الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وضد العرب يتجاوز كل الحدود والخطوط الحمراء ، وهم في "اسرائيل" يجمعون على مواصلة اختطاف الوطن العربي في فلسطين من البحر الى النهر ، ويهددون من العرب من تجرأ على مواصلة التصدي بالويل والثبور ، كما تجلى ذلك في تهديدات ليبرمان بتدمير سوريا واسقاط عائلة الرئيس الاسد..،.

الكاتب والمحلل الاسرائيلي الوف بن عقب على تصريحات نتنياهو في هآرتس تحت عنوان "صدقوه.." قائلا: "في الاستراتيجية.. يبدو ان نتنياهو يستعد لمحاربة ايران وحزب الله في الربيع القريب ، مع ذوبان الثلوج وتفرق الغيوم ، ويشهد بذلك الزيادة على ميزانية الامن واعداد الجبهة الداخلية للمواجهة ، حتى اذا لم يهاجم نتنياهو اخر الامر فان عليه ان يكون مستعدا".

الى ذلك ، فان متابعة حثيثة للخريطة السياسية الاسرائيلية تشير الى انهم في "اسرائيل" من ساسة وجنرالات وباحثين وخبراء يجمعون على خيار الحرب ، بل انهم يتبنون استراتيجية الحرب المفتوحة.

وفي صميم هذا الاستخلاص كتب المحلل العسكري الكبير لديهم ايتان هابر (مدير مكتب رابين سابقا) في يديعوت تحت عنوان: "حرب واحدة طويلة" يثبت: "التجربة الاسرائيلية تدل على ان اسرائيل في حالة حرب واحدة طويلة منذ 1948 (وهناك من يبدأ العد قبل ذلك ايضا) ، وفقط اسماؤها تتغير ، ولما كانت هذه حربا واحدة طويلة".

وتحت عنوان "سلاح يوم الدين".. كتب جدعون ليفي في هآرتس يقول: "مرة كل بضعة اسابيع ينبغي القاء الرعب في القلوب ، مرة كل بضعة اشهر ينبغي نثر التهديدات ومرة كل سنة او سنتين ينبغي الخروج الى حرب صغيرة اخرى ، تعاون اعمى وبشع بين جهاز الامن ووسائل الاعلام يضمن جولة اخرى" ، ويضيف: "يقولون ان الحرب لا بد ستأتي ، ربما في الشهر القادم".

ويستخلص ليفي: "في القيادة الامنية لا يسألون اذا كانت ستقع مواجهة عسكرية اخرى مع حماس - بل متى" ، مرة اخرى يكتب بذاته كليشيه الحرب القادمة".

وتحت عنوان "التاريخ والخدعة" كتب يونتان يفين في يديعوت يقول: "إذن ماذا سيكون؟ أسيكون السلام؟ أستكون حرب اخرى؟ بالتأكيد ستكون حرب اخرى ، دوما توجد حروب ، السؤال هو مع من ستكون الحرب اولا ، مع ايران ام مع سوريا ، وربما اذا بقي ليبرمان وزير خارجية لما يكفي من الوقت ، فستكون على أي حال حرب مع مصر".

وحروبهم الطويلة والمفتوحة ليست عفوية ، اذ تقف وراءها ثقافة وسيكولوجيا عنصرية عدوانية ، فالكاتبة الإسرائيلية "أوريت دغاني" قرأت سيكولوجيا الاسرائيلييين وكثفت الخلاصة في "معاريف" قائلة: "أن الإسرائيليين يندفعون للحرب لأنهم يكرهون السلام ، ويعتبرون أن القوة هي الخيار الوحيد لتحقيق الأهداف ليس فقط هذا بل إن الحروب تجري في عروقنا مجرى الدم".

ولذلك نقول في الخلاصة المكثفة وفي سياق قراءتنا الاستراتيجية للعقلية الحربية الاسرائيلية: ان الاوضاع الاستراتيجية بالنسبة لـ"اسرائيل" غير مريحة وبالتالي فهي لم تتوقف في استعداداتها لحرب اخرى قريبة تغير هذه الاوضاع من وجهة نظرها ، وحسب الرسم البياني الاسرائيلي فان وقت وتوقيت هذه الحرب قريب ، ولن تطول الامور ، فهناك في فلسطين جبهة مشتعلة ومرشحة لمزيد من التصعيد نظرا لمخططات الاحتلال الابادية للحقوق الفلسطينية المتآكلة ، وهناك في لبنان هزيمة حارقة تكبدها الجيش الذي لا يقهر على يد حزب الله وتمزقت صورته الردعية بصورة مذهلة؟،.

وهناك.. في سوريا تعاظم عسكري استراتيجي مقلق لتلك الدولة؟، وهناك في الافق المقروء حرب اقليمية تتزايد احتمالاتها على نحو خاص في ضوء تطورات الملف النووي الايراني،.