خبر غزة: ستينية يتنازعها شوقٌ كبير لابن أسير وحزن على آخر شهيد

الساعة 06:39 ص|16 فبراير 2010

فلسطين اليوم : غزة

"يا ابني يا حبيبي... أنت نور عيني وفداك عمري كله"! تحلـم الحاجة هدى أبو غالي (61 عاماً) أن تقول هذه الكلـمات لابنها الأسير أحمد حسين أبو غالي (30 عاماً) من رفح، الذي اعتقلته قوات الاحتلال قبل سنتين.

الحاجة أبو غالي لـم تخف لوعتها وشوقها لاحتضان ابنها، بعد أن غاب عنها فجأة من دون أن تقول له كلـمات الوداع، عندما أخذه جنود الاحتلال بعيداً إلى السجن.

قالت بحزن: كل يوم أفكر فيه، وأحلـم بأن يأتي اليوم الذي أتمكن من رؤيته خارج أو داخل السجن.

وعادت بذاكرتها إلى لحظة اعتقاله، حيث كانت في البيت، عندما تلقت فجأة اتصالاً من أقارب وأصدقاء لإبلاغها بأن قوات الاحتلال اعتقلت أحمد عندما كان قريباً من الـمنطقة الحدودية الشرقية في رفح.

قالت: توغلت دبابتان في الـمكان، واختطف الجنود أحمد، ومنذ ذلك الوقت وهم يوجهون له تهمة تهريب أسلحة ووسائل قتالية والاشتراك في الـمقاومة.

منذ اعتقال أحمد لـم تترك الحاجة أبو غالي وسيلة للاطمئنان عليه إلا وسلكتها، ولكن من دون جدوى، وهي تواصل منذ ذلك الوقت الحلـم باحتضانه والاطمئنان على أخباره.

عائلة أبو غالي تعيش أوضاعاً صعبة في ظل غياب معيلها بعد وفاة والده، والذي كان يعيل أسرة كبيرة مكونة من 14 فرداً.

قالت أبو غالي وهي تحتضن صورة ابنها الأسير: نتلقى شهرياً ألف شيكل، تذهب 800 شيكل منها إليه في السجن والباقي نأخذه لـمصروف البيت، إلى جانب الـمساعدات التي تقدمها مؤسسات خيرية.

وكانت العائلة نفسها فقدت ابناً آخر، عندما قتله مسلحون خلال الأحداث التي تزامنت مع سيطرة "حماس" على قطاع غزة.

الشهيد عبد الفتاح أبو غالي كان يعمل عاملاً للنظافة في وكالة الغوث "أونروا"، وعندما استشهد ترك خلفه زوجة وعشرة أبناء، أحدهم وضعته زوجته بعد استشهاده بأربعة أشهر.

وتقول الحاجة أبو غالي إن آلام غياب الشهيد عبد الفتاح ما زالت ماثلة أمام عينيها في كل لحظة، وعندما اعتقلت قوات الاحتلال أحمد اسودت الدنيا أمامها تماماً.

ولـم يشفع للأم أبو غالي استشهاد أحد ولديها واعتقال الآخر، فما زال ابنها الثالث "طه" يعاني من جروح أصيب بها أثناء وجوده بالقرب من حاجز عسكري إسرائيلي قبل الانسحاب من غزة.

هذه الآلام الـمتراكمة لـم تمنع الحاجة أبو غالي من مواصلة التشبث بأمل يلوح في الأفق بأن يتحرر ابنها أحمد من السجن، فيما تواصل التوجه من رفح إلى غزة كل يوم اثنين للـمشاركة في الاعتصام الأسبوعي والـمطالبة بإطلاق سراح الأسرى.

هناك، غالباً ما تجلس صامتة تلوك حزنها بصمت كبير، وأحياناً تردد الشعارات مثلها مثل باقي الأمهات، لكن نار الشوق لابنها تزداد لهيباً، كما تقول، مردفة: "كل يوم أزداد شوقاً إليه، ولا يمكن أن أعبر بكلـمات عما يدور في قلبي وعقلي".

وقبل أن تصمت أبو غالي، أكدت بشوق فائض أن "الولد غالي، ويعز على أمه كثيراً، ويصعب على أي إنسان تخيل مقدار الحزن على غيابه".

تعالت أصوات أهالي الأسرى وهتافاتهم في فضاء الـمكان، محاولة اختراق أسوار مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، إلا أن شوق الأم هدى أبو غالي كان أكبر من أن يتم تجاهله.