خبر هل يزال ممكنا التقسيم؟.. يديعوت

الساعة 02:37 م|15 فبراير 2010

بقلم: يرون لندن

منذ بدء سنين تدور في داخلنا حرب ديموغرافية. الخصوم يتقاتلون على عدد الفلسطينيين الذين يعيشون بين البحر والنهر وعلى توقع النمو السكاني لديهم. الزعم بأن الكف تميل في طالح اليهود تخدم مؤيدي فك الارتباط. الزعم بأن العكس هو الصحيح يعزز النازعين الى الالحاق.

ايهود باراك يعد من الاوائل. في خطابه في مؤتمر هرتسيليا قال انه بين النهر والبحر يعيش 12 مليون نسمة السيطرة على كامل هذه المنطقة والتحكم بالسكان العرب الذين يعيشون فيها سيضعانا امام الاختيار بين نهاية الدولة اليهودية وبين فرض نظام ابرتهايد.

العدد الذي ذكره الوزير يثير التساؤل. عدد سكان اسرائيل يبلغ 7.5 مليون، منهم 1.5 مليون عربي. من هنا بحيث ان السكان العرب في يهودا، السامرة وغزة يبلغ عددهم 4.5 مليون. نضيف اليه عدد العرب من مواطني اسرائيل فنجد ان منذ الان يتساوى اليهود والعرب في حجم السكان. الحساب مخلول.

سكان اسرائيل يحصيهم مكتب الاحصاء المركزي. ونتائجه مصداقة. المكتب لا يحصي العرب في يهودا والسامرة وفي غزة. المعطيات عنه تؤخذ اساسا من مصادر فلسطينية، ولكن حتى هم، الفلسطينيين، المعنيين بتضخيم عضلات الشيطان الديموغرافي، لا يدعون بأن عددهم 4.5 مليون. مكتب الاحصاء المركزي الفلسطيني يقول: 3.8 مليون. هذا الرقم يقبله البروفيسور ارنون تسوفير، الصاخب بين "الديموغرافيين والموسعين". مقابله يدعي "الديموغرافيين المقلصون"، ولا سيما مجموعة الناطق البارز بلسانها هو الدبلوماسي السابق يورام اتينغر، بان العدد الحقيقي هو 2.5 مليون. الفارق بين التقديرين هو 1.3 مليون نسمة. واضح انه على الاقل واحد من الطرفين يجند اختصاصه في صالح مذهبه السياسي.

وهكذا فقط يبدأ الخلاف الذي أساسه هو المستقبل وليس الحاضر. ومن أجل اتقان التوقع ينبغي المعرفة ليس فقط ما هو الوضع الان، بل ايضا ما هي الميول. التقديرات حول معدل الخصوبة في المستقبل، حول مدى العمر وحول ميزان الهجرة المتوقع تعتمد على جملة من السوابق، ولكن ايضا على مخاوف وأماني.

ارنون سوفير، الذي يعتقد انه منذ الان يتمتع العرب باغلبية طفيفة، يحذر بأنه سيمر وقت طويل الى ان ينتاب الرحم العربي الكسل، وعليه فبعد سنوات قليلة سيكون اليهود 40 في المائة فقط من السكان. خصومه يتوصلون الى استنتاجات متعارضة تماما: خصوبة المرأة العربية تنخفض بسرعة شديدة وستتساوى مع خصوبة المرأة اليهودية. وفي نفس الوقت ستزداد هجرة الفلسطينيين من ارض اسرائيل. اليهود سيزيدون وزنهم بين السكان مثلما فعلوا منذ بداية الحركة الصهيونية.

لن أحسم في الخلاف، لان الحسابات الديموغرافية ليست بمقدوري، ولاني أتذكر التحذير الشهير لتوماس ملتوس. القسيس، ابن بداية القرن التاسع عشر، قضى بأن التكاثر السكاني اسرع من قدرة البشرية على توفير احتياجاتهم من الغذاء. توقعه المغلوط اثر على التفكير الاجتماعي لابناء بعض الاجيال. وحتى الشروحات الديموغرافية التي تعطى بنظرة الى الوراء ليست مبررة. فمثلا، لم نتمكن من ان نشرح الارتفاع في عدد اليهود من اواخر القرون الوسطى وحتى بداية القرن السابق.

وهناك أسباب أخرى بسببها لا توجد توقعات ديموغرافية تساعد مؤيدي تقسيم البلاد او معارضيه. ها هي الاسئلة للمعارضين: لنفترض ان في المستقبل ايضا ستبقى الاغلبية اليهودية في أرض اسرائيل فهل سينقذنا الواقع الديموغرافي هذا من الحاجة الى تقسيم البلاد؟ هل ستعيش دولة يهودية ديمقراطية 40 في المائة من اعضاء برلمانها هم فلسطينيون؟ هل يمكن الامتناع عن اقامة دولة فلسطينية حتى لو كانت فقط اقلية كبيرة من السكان الذين بين البحر والنهر هم فلسطينيون؟ السؤال لمؤيدي التقسيم قصير جدا: هل لا يزال ممكنا التقسيم؟