خبر حلم لبنان -هآرتس

الساعة 10:15 ص|14 فبراير 2010

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: واذا كان حتى سنوات قليلة مضت الاسد هو الذي كان يخشى ان يصل لبنان الى اتفاق سلام منفصل مع اسرائيل بل وفرض عليه "المسار المشترك" الذي يقيد سياسته الخارجية، فاليوم اختفى هذا القلق - المصدر).

       ما كان بوسعنا ان نخمن من ستكون الدولة الاولى التي تعقد اتفاق سلام مع اسرائيل ولكننا كنا نعرف دوما من ستكون الثانية: لبنان. في هذه الاثناء وقعت مصر على اتفاق، الاردن جاء في اعقابها، وفلسطين وقعت على اتفاق انهار ولكن لا لبنان ولا سوريا سيكونان التاليين في الدور. لبنان دحر الى نهاية القائمة. من يشكك في ذلك، يمكنه ان يمتشق من الارشيف الاقتباس الواضح واللاذع برئيس حكومته السابق فؤاد السنيورة. الرجل الذي ادار نزالا مريرا للغاية ضد حزب الله، وحكمه اندثر في اعقاب حرب لبنان، اوضح بأن "لبنان سيكون الدولة الاخيرة التي ستوقع اتفاق سلام مع اسرائيل". اليوم، وبينما يحيي لبنان الذكرى الخامسة لاغتيال رفيق الحريري، رئيس حكومته، يكمل لبنان دائرة كاملة ويعود الى الحضن السوري. في 2005 كان هذا هو الرأي العام اللبناني الذي طرد جنود سوريا من لبنان. سياسيون وكتاب رأي لبنانيون اقسموا في حينه على ألا تطأ قدم لسوريا ارض لبنان بعد اليوم، حزب الله علق في معضلة فظيعة بين ولائه للوطن اللبناني وولائه وتعلقه بسوريا. ولكن "النظام" اللبناني عاد الى ما كان عليه. رئيس الوزراء الحالي، سعد الحريري، ابن الضحية، سبق ان زار سوريا وتعانق مع الاسد والسياسة اللبنانية تواصل كونها تملى من سوريا وايران.

       لا يدور الحديث عن مراجعة نظرية لما يجري في دولة بعيدة. الحدود الجنوبية للبنان هي التهديد الدائم والاكثر قتلا لاسرائيل، والسلام مع سوريا يحركه اساسا الامل في ان تعطل سوريا نيابة عنا هذا الخطر اللبناني. انسحاب من الجولان، تقول اسرائيل مقابل حزب الله. اردنا نظاما جديدة في لبنان وحصلنا عليه. واذا كان التطلع ذات يوم هو التوقيع على سلام مع لبنان لتعطيل التهديد السوري، فالان انقلب الترتيب. سوريا مطلوبة كي تبدد تهديدات حزب الله الصاروخية.

       لبنان هو مثال ممتاز على ان صفحات التاريخ هي مثل صفحات الرزنامة، تنزع ويطيرها الريح مع الفرص التي تسجل فيها. الفرضية في أنه ستكون دوما قيادة لبنانية تتطلع الى الارتياح في حضن اسرائيل تشبه الفرضية في ان دوما ستكون قيادة فلسطينية تضطر الى التوقيع على اتفاق مع اسرائيل. ولكن لبنان الصغير عديم الاهمية الاستراتيجية، يوجه اصبعا مشينة لاسرائيل بالضبط مثلما قرر محمود عباس ذات يوم بأنه مل الاستجداء، واذا كانت اسرائيل معنية بالسلام معه، فالتبحث عنه.

       موقف لبنان يعكس جيدا ايضا الموقف الجديد لاسرائيل في المنطقة. لا يوجد لها اي رافعة بواسطتها يمكنها ان تجبر بيروت على التوقيع معها على اتفاق سلام. اذا ما تبقت في ايديها اراض لبنانية فليس فيها ما يكفي كي تشكل رافعة كهذه. في اقسى الاحوال تشكل ذريعة لمواصلة تسلح حزب الله، او للتهديد بمهاجمة اهداف في اسرائيل. كما ان لبنان هو نموذج لدولة تسيطر عليها منظمة تملي سياستها الخارجية، بالضبط مثلما تملي حماس جزءا هاما من السياسة الخارجية للسلطة الفلسطينية رغم انها غير شريك فيها. الارض مقابل عدم القتال، يقول حزب الله في افضل ا لاحوال، مثلما تقترح حماس هدنة طويلة مقابل الانسحاب. لا اعتراف ولا مفاوضات.

       كما ان هذا هو الموقف الذي يعرضه الرئيس السوري بشار الاسد. في مقابلة منحها لصحيفة "نيو يوركر" يوضح قائلا انه يوجد فرق بين اتفاق السلام والسلام. مقابل الجولان مستعد لان يعطي اتفاق سلام، بمعنى عدم القتال والغاء التهديد العسكري. بالمقابل، فان السلام، التطبيع، الدفء والحب، هي قصة اخرى. وذلك بالقياس الى بداية طريقه كرئيس، حين قال ان وجهته محور تطبيع.

       واذا كان حتى سنوات قليلة مضت الاسد هو الذي كان يخشى ان يصل لبنان الى اتفاق سلام منفصل مع اسرائيل بل وفرض عليه "المسار المشترك" الذي يقيد سياسته الخارجية، فاليوم اختفى هذا القلق. وحتى لو اراد، لن يكون بوسع الاسد ان يعطي اسرائيل لبنان كمهر. امامه سيقف حزب الله وايران ولم يتبق لاسرائيل غير الانتظار للفرصة التالية، او لتلك التي ستأتي بعدها، على الا يؤخذ منها حلم السلام. اسرائيل، مثل حماس، حزب الله او ايران، واثقة من انه ذات يوم شيء ما طيب سيحصل. ينبغي فقط الصبر.