خبر ذاكرة لبنانية قصيرة- يديعوت

الساعة 10:14 ص|14 فبراير 2010

بقلم: سمدار بيري

انظروا أي حبال ذاكرة مطاطة تمر بين لبنان وسوريا وكيف يمكن شد وتقصير خيوط الاحباط والغضب. اليوم بالضبط قبل خمس سنوات صفي رئيس لبنان الاسبق رفيق الحريري في وسط بيروت. عبوة ناسفة شديدة الانفجار زرعها خبراء في المكان الذي مرت فيه قافلة "سيد لبنان" لم تترك له فرصة وهزت ليس فقط جارتنا من الشمال.

السعودية أعلنت على الفور المقاطعة على بشار الاسد. الولايات المتحدة اعادت السفير من دمشق. فرنسا ردت بشد على الاسنان. الى جانب الحريري قتل 22 لبنانيا، وابنه، سعد، رئيس الوزراء اليوم اقسم بان "ابدا لن ننسى، ابدا لن نغفر، ابدا سنلاحق القتلة (وكان يعرف بالضبط انه يقصد دمشق) الى أن يدفعوا الثمن".

 بعد نحو ستة اسابيع اضطرت سوريا الى اخراج جنودها من لبنان، اغلاق مقر المخابرات الذي كان يتدخل باياد عنيفة ويملي جدول الاعمال على اللبنانيين. وحتى خلايا مصفي السياسيين ورجال الاعلام الكبار تلقوا الاوامر بالانسحاب.

 وعندها أقامت الامم المتحدة لجنة تحقيق، تلقت تكليفا بان تؤدي الى تقديم قتلة رئيس الوزراء الى المحاكمة، وفي دمشق وجد رئيس الوزراء غازي كنعان مصابا برصاصة في رأسه. كي لا يفشي الاسرار. لا ريب ان اعضاء اللجنة يعرفون من خطط ومن نفذ التصفية ولكن القضية محكوم عليها بان تبقى بلا حل للغزها.

فقط خمس سنوات مرت، وها هي سوريا تعود من البوابة الخلفية للبنان. ببطء، بتصميم، بلا عراقيل. ثأر؟ كراهية؟ لا أحد يفتح فمه. لولا التدخل الفظ من دمشق، لما كان سعد الحريري ينجح في تشكيل حكومة وحدة. قبل ذلك، عندما هددت الايادي الطويلة للمخابرات بالوصول اليه ايضا، فر لاشهر طويلة الى باريس. ولولا السوريين لما كان لبنان سينجح في أن يدخل رئيس الاركان الاسبق، ميشيل سليمان، الى قصر الرئاسة.

خمس سنوات مرة، وكأن بالذاكرة اللبنانية قد محيت: مرة في الاسبوع تصل الى قصر الرئيس  مكالمة هاتفية من الاسد، ليملي كيفية ادارة الدولة التي تعود الان اليهما الاثنين. اختفت عن وسائل الاعلام المقالات الحماسية ضد الاحتلال في صالح "المصالحة التاريخية". كما جلب السوريون المرشدين من ايران الذين لا يكلفون انفسهم عناء التخفي في معسكرات تدريب حزب الله.

سعد الحريري سيقف اليوم في الميدان الذي صفي فيه أبوه، وسيلقي خطابا ملتهبا في صالح الوحدة. وسيمجد الصفحة الجديدة التي فتحت بين لبنان وسوريا، وسيبالغ في فضائل الهدوء الداخلي وسيحذر اسرائيل. وفقط قبل شهرين رفعت الحواجب، حين عانق ذات الحريري وتبادل القبل مع الاسد، ودشن السفارة اللبنانية الاولى لدى قتلة ابيه.

من زاويتنا، لبنان يعود لان يكون الورقة المظفرة لدمشق قبيل استئناف المفاوضات. سوريا ستمسك بالرئيس ورئيس الوزراء اللبنانيين من رقبتهما، لمنع الهروب الى اتفاق منفرد بين بيروت والقدس. سعد الحريري يمكنه أن يلوح حتى غد بشعارات معتادة – فمن مثله يعرف بان في كل لحظة معينة يمكن قلب الدولة له والتخلص من كل من يتجرأ على الازعاج.

بعد قليل سيصل السفير الامريكي الاول الى دمشق، والاسرة المالكة السعودية منحت لتوها الاسد العفو واللبنانيون ادخلوا الى الجارور مخططات الثأر. وعندما ستستيقظ المسيرة امامنا سيحرص الوفد السوري على أن يشرح للاسرائيليين الذين سيجلسون امامه بانه في كل ما يتعلق بالهدوء على الحدود اللبنانية، يجدر بهم ان يتحدثوا معهم، هم السوريون.