خبر استشهادية من كتائب شهداء الأقصى ألغت التفجير بسبب طفل

الساعة 05:43 م|12 فبراير 2010

استشهادية من كتائب شهداء الأقصى ألغت التفجير بسبب طفل

كتب :عوض الرجوب

قبل نحو ثماني سنوات، كان يفترض أن تضغط الاستشهادية الفلسطينية الحية عرين شعيبات على زر التفجير لتحول نفسها وعددا آخر من الإسرائيليين إلى أشلاء، لكن ابتسامة طفل أوقفت العملية، فسجنت شعيبات سبع سنوات.

 

ويرجع الحادث إلى الثاني والعشرين من مايو/أيار 2002 عندما أوشكت الشابة الفلسطينية عرين (26 عاما) على تنفيذ عملية استشهادية، لكن اللحظات الأخيرة التي سبقت التنفيذ غيرت مسار حياة ابنة بلدة بيت ساحور، حيث تراجعت في اللحظة الأخيرة عن تفجير نفسها داخل الخط الأخضر بسبب طفل نظر إليها بابتسامة بريئة.

 

وكانت عملية عرين -التي جندتها حينذاك كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)- مقررة في مجمع تجاري إسرائيلي بمدينة ريشون ليتسيون، ورغم تراجعها عن تنفيذ العملية اقتحمت سلطات الاحتلال منزل عائلتها واعتقلتها وحكمت عليها بالسجن لمدة سبع سنوات.

 

دوافع التفجير

قبل الحديث عن تراجعها عن التنفيذ، فضلت عرين التحدث عن الأسباب التي دفعتها للتفكير في عملية استشهادية. وتقول "عشنا خلال انتفاضة الأقصى ظروفا قاسية، وكانت عمليات اغتيال واجتياح وغطرسة إسرائيلية غير مسبوقة، وحرمنا من حرية التنقل والحركة والدراسة والعيش بكرامة، حينها شعرت أن أقل ما يمكن أن أقدمه هو تحويل نفسي إلى عبوة ناسفة لأذيق الاحتلال شيئا من الكأس الذي يسقينا منه في كل ساعة".

 

وتضيف عرين في حديثها للجزيرة نت بينما كنت في طريقي إلى المكان المحدد في ريشون ليتسيون شاهدت طفلا لم يتجاوز العام من عمره على عربة صغيرة، وكان مبتسما ولسان حاله يقول هذا يوم جميل ورائع، فتبادرت إلى ذهني تساؤلات كثيرة.

 

ماذا سأقول؟

وتابعت "أعلم أن الأطفال قد يصبحون جنودا في جيش الاحتلال يوما ما، لكني سألت نفسي ما ذنب هذا الطفل الآن؟ وهل بالضرورة سيكون جنديا؟ ماذا سأقول لربي عندما يسألني عن قتل طفل بريء؟ حينها بدأت أشكك في العمل الذي سأقوم به، وفيما إذا كان مشروعا أم لا؟ فقررت رفع يدي عن زر التفجير وإبلاغ المسؤولين عني في كتائب الأقصى عن هذا القرار".

 

وتضيف "صحيح أن الاحتلال قتل ويتّم منا آلاف الأطفال، ولأني أعرف حجم الآلام الناتجة عن قتل الأطفال، وحتى لا أكون شبيهة للاحتلال في استهداف الأطفال، ولأن ديننا دين سماح ورسالتنا سمحة، قررت التراجع عن العملية".

 

وأشارت إلى أن العملية كانت مزدوجة مع الاستشهادي عيسى بدير الذي فجر نفسه بالفعل، بينما تراجعت هي وعادت إلى البيت بعد نحو أربع ساعات.

 

وفيما إذا كانت تشعر بالألم لقساوة العقوبة التي فرضت عليها، تقول عرين "لم أكن أتوقع من الاحتلال أن يشكرني، فهم يعاقبوني على نية تنفيذ العملية رغم التراجع عنها من جهة، وأرادوا أن أكون عبرة لغيري -كما صرحوا بذلك- من جهة ثانية".

الاعتقال والحكم

رغم تراجع عرين عن التفجير، داهمت قوات الاحتلال منزلها بعد أسبوع واعتقلتها وأخضعتها لتحقيق قاس، ثم حكمت عليها بالسجن لمدة سبع سنوات، وتقول إنها كانت مرحلة مفيدة بالنسبة لها.

 

وتؤكد أن التجربة جعلتها تنظر إلى الأمور بأفق أوسع وتقيّم الأحداث بشكل أفضل وأصبحت أقدر على فهم ما يجري في المحيط وفي العالم من أحداث سياسية داخلية وخارجية، حسب تعبيرها.

 

بدأت عرين شعيبات بعد الإفراج عنها حياة جديدة بالزواج في مخيم العزة ببيت لحم. وخلصت من هذه التجربة إلى ضرورة أن يستفيد المستوى السياسي الفلسطيني من المقاومة ويقطف ثمار تضحيات الشهداء والأسرى حتى لا تذهب سدى، معربة عن أسفها لعدم جني ثمار التضحيات السابقة وتحقيق الأهداف السامية التي تربى عليها الشعب الفلسطيني.

 

وتناشد الاستشهادية الحية شعيبات القيادة الفلسطينية وقادة الفصائل أن يحترموا دماء الشهداء وتضحيات الجرحى والأسرى التي قدمت منذ العام 1967. وتقول "كفانا انقساما، عيب على أناس أن يقتتلوا في ظل الاحتلال".