خبر الفساد السياسي، وأشرطة العار! .. د. فايز ابو شمالة

الساعة 04:16 م|12 فبراير 2010

بقلم: د. فايز ابو شمالة

لم يأت ضابط المخابرات الفلسطيني "فهمي التميمي" بشيء جديد، فمنذ التوقيع على اتفاقية أوسلو، ومسلسل الفساد يضرب أطنابه، ومن يراجع ملفات المجلس التشريعي السابق، سيكتشف أن ما توصلت إليه اللجان التي تم تشكيلها للتحقيق في ملفات الفساد هي أكبر بكثير مما يعرضه التلفاز الإسرائيلي، لقد وصل الفساد إلى حد التحايل لاستيراد الأسمنت المصري لبناء جدار العزل العنصري، الذي مزّق الضفة الغربية، وقد تمت سرقة مئات ملايين الدولارات الموثقة بالاسم، والتاريخ، والكيفية، ولسنا بحاجة إلى ضابط المخابرات المكلف بمحاربة الفساد، ليؤكد لنا ما بات معروفاً، وفي تقديري؛ أن ما جاء فيه التلفاز الإسرائيلي من دلائل، وما نشرته الصحف الإسرائيلية، من وثائق لا تشكل مصدر إزعاج كبير للقضية الفلسطينية، ولا قيمة له أمام الفساد السياسي، والإفساد الوطني، والتنسيق الأمني الذي عبد الطريق لهذا الفساد المالي، والفساد الأخلاقي، والإداري.

وأزعم أن تصريح السيد سلام فياض الذي أدان مقتل إسرائيلي على يد ضابط فلسطيني قرب نابلس، ليمثل طعنة إفساد نجلاء في ظهر المقاومة، وأزعم أن مشاركة السيد فياض في مؤتمر هرتسيليا مثل فساداً وطنياً أقسى على القضية الفلسطينية من سرقة الأموال، والاعتداء على الأعراض. من يراجع ملفات الفساد التي عرضت على المجلس التشريعي السابق، ومن يدقق في حجم الأموال التي تمت سرقتها في السنوات العشر الماضية، يستنتج أن الفساد قد جاء ليتمم ويعزز أركان الفساد السياسي، ولا داعي للقول إن ضابط المخابرات "التميمي" جزء من مخطط للنيل من السيد عباس، كما أدعى الطيب عبد الرحيم، دون التحقق من صحة الملفات التي تطرق إليها التميمي، الذي كلف بجمع هذه المعلومات من مسئولين فلسطينيين يتهمونه الآن بالعمالة لـ(إسرائيل)، فكيف يصير الرجل عميلاً بين عشية وضحاها، وقد كان حتى زمن قريب موضع ثقتكم؟ وإذا صح ذلك، وتم التشكك الرجل، ألا يعني هذا بدء التشكيك في الأسس التي يقوم عليها مجمل العمل الإداري، والتنظيمي الفلسطيني بشكل عام. إنه الفساد السياسي الذي يفتح الأبواب للفساد المالي، والأخلاقي، والإداري.

وإذا كان الفساد المذكور يمس الأشياء المادية، فإن الفساد السياسي يعتدي على الأرواح، والنفوس، ويسرق الولاء، والوفاء من العيون، وهو الذي برر ترك آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حتى يومنا هذا في أكبر عملية فساد سياسي عرفها مجتمع بشري منظم. وهو الذي يبرر التخلي عن 78% من فلسطين بجرة قلم، فهل تشتري كل أموال الفساد التي يجري الحديث عنها قرية فلسطينية صغيرة اغتصبتها (إسرائيل) سنة 1948، وتم التنازل عنها بسهولة، لمجرد الاعتراف بـ(إسرائيل)، وشروط الرباعية؟ وهل تمحور الفساد في شخصية رفيق الحسيني فقط!؟ وماذا عن الآخرين، إخوة يوسف، وأبناء عمه الذين تغطي عليهم المهزلة؟!. ثم؛ إذا كان صحيحاً ما يدعيه البعض؛ بأن الهدف من شريط العار هو الضغط على السيد عباس للعودة إلى المفاوضات مع الإسرائيليين. فهل يمكن الاستنتاج: أن عودة المفاوضات غير المباشرة، ودون توقف الاستيطان سيجيء تجاوباً مع ضغط شريط العار!؟ وهل يمكن الاستنتاج أن تأجيل السيد عباس عرض تقرير "غولدستون" على لجنة حقوق الإنسان الدولية في حينه، كان بسبب وجود هكذا أشرطة عار!؟ وإذا كانت السياسة الفلسطينية تساق بالتخويف من الفضائح، فهل معنى ذلك أن نقول: عوضنا عليك، يا رب؟.