خبر دولة تنشغل بالهراء-هآرتس

الساعة 11:58 ص|12 فبراير 2010

بقلم: يوئيل ماركوس

حين سيكتب تاريخ اسرائيل، سيطرح السؤال ما الذي انشغل به زعماء الدولة حين تباهت ايران علنا بانها ارتفعت درجة في تنمية النووي وقادتها هددوا بتصفية اسرائيل. وعندما سيراجع الباحثون في المستقبل وثائق هذه الايام فانهم ببساطة لن يصدقوا ما يشاهدوه، حين سيقرأون كيف ان دولة كاملة، بمؤسساتها ومنتخبيها، انشغلت بالهراء.

هل السماح او عدم السماح، مثلا، للنواب بان يترفعوا مجانا من جناح السياح الى جناح رجال الاعمال في رحلاتهم الجوية الى خارج البلاد. اقتراح بادر اليه بالذات رئيس الكنيست، روبي ريفلين، الذي منذ أن بكى كالطفل حين حظي بان ينتخب للكنيست والى أن وصل مفعما بالبهجة الى كرسي رئيس الكنيست – وهو يبطن طريقه لولاية رئيس الدولة القادم.

او مثلا مبادرة نتنياهو – ليبرمان السماح للمهاجرين من اسرائيل ممن يعيشون في خارج البلاد التصويت في الانتخابات للكنيست. مسافة بعيدة اجتازتها اسرائيل منذ وصف اسحق رابين المهاجرين بالبعوض المتساقط. واليوم نحن نظهر تجاه الاسرائيليين الذين استقروا في الخارج موقفا اكثر ايجابية. بالاساس لان بعضهم يأتون لزيارة اقربائهم في البلاد وبعض اكبر منهم لا يأتي، ومع ذلك يهتمون بما يجري هنا. فهم مشتركون في الصحف الاسرائيلية ويشاهدون التلفزيون الاسرائيلي. من حيث المبدأ الكثير منهم يميلون الى اليمين. غير مرة في زياراتي الى خارج البلاد سمعتهم يزاودون علينا اخلاقيا مثل قول "لماذا انتم لا تلقنون العرب درسا".

مبادرو الاقتراح ومؤيدوه يدعون بان الهدف هو الحفاظ على المشاركة والعلاقة مع البلاد. من جهة اخرى، فان التفكير في أن تنتخب نحو عشرة مقاعد من اسرائيل ستقيم حكومة لن يعيشوا في ظلها، هو تفكير لا يطاق. غريب ايضا ما في هذا الاقتراح من تهكم في أن من لا يخدم في الجيش ولا يدفع الضرائب يمكنه بتصويته ان يقرر مصير هذه الدولة.

النبأ الذي بث هذا الاسبوع، وبموجبه يفكر وزير الدفاع بتمديد ولاية رئيس الاركان غابي اشكنازي بسنة اخرى خامسة، يبدو غريبا. موعد النشر كان غريبا، اذا اخذنا بالحسبان حقيقة أن اشكنازي ينهي بعد بضعة ايام سنته الثالثة. ولمن لا يذكر كانت ولاية رئيس الاركان رسميا ثلاث سنوات. والصراع على السنة الرابعة كان احيانا يترافق وحبكات (بما في ذلك الشائعة التي اطلقت عن احدهم، في أنه لوطي). عقب ذلك تقرر بتوصية المستشار القانوني السابق، بان تتقرر ولاية رئيس الاركان مسبقا لاربع سنوات. والتسريب عن السنة الخامسة بدا سابق لاوانه جدا او ببساطة عملا سخيفا.

ولكن حتى قبل ان تمكن مذيع القناة الاولى من تجفيف العرق من على جبينه، جاء رد فعل حاد من مكتب وزير الدفاع باللهجة التالية: "في جهاز الامن وفي الجيش يوجد تقدير كبير لرئيس الاركان غابي اشكنازي، ولكن موضوع تمديد الولاية بسنة اخرى في ضوء التهديدات لم يبحث في أي مكان. صيغة النشر كما بثت هي من مدرسة "آفي بنيهو" الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي والذي يؤدي الى هزال مكانة رئيس الاركان ومؤسسة رئاسة الاركان". حتى في الايام التي دارت فيها حروب يهودية على رئاسة الاركان لم ينشر مكتب وزير الدفاع تنديدا بهذه الحدة ضد عميد في الجيش الاسرائيلي. كان هذا عمليا انتقادا من وزير دفاع غاضب ضد رئيس الاركان – تنديدات كهذه لا تخرج دون إذن من ذي الصلاحية العليا.الدولة شهدت في الماضي علاقات متوترة بين رؤساء الاركان ووزراء الدفاع. مثلما بين موفاز وفؤاد، بين بيبي وليبكن شاحك وغيرهم؛ صحيح بيبي لم يكن وزيرا للدفاع بل رئيس وزراء، الا ان مردخاي في حينه كان وزيرا للدفاع. في حينه بنحاس سبير طلب من غولدا مائير ابقاء شارون سنة اخرى في الجيش ليمنعه من الدخول الى السياسة. خطوات كهذه على الاقل لا توجد اليوم.         العلاقات بين اشكنازي وباراك سليمة رغم التوتر البنيوي بين المنصبين. ولكن اشكنازي لا يحتك بالسياسيين، لا يتدافع على الكاميرات، لا يسرق من المسؤولين عنه المقابلات الصحفية. وذلك خلافا لباراك، الذي في حياته العسكرية كرئيس شعبة الاستخبارات، كنائب رئيس الاركان وكرئيس للاركان احتك باصحاب الاموال الاغنياء والمشهورين والسياسيين. وكلنا عرفنا بانه يشق طريقه نحو حياة سياسية.    اشكنازي افضل من سابقيه الاثنين. فهو رمم الجيش الاسرائيلي وأدار حربا مفتخرة وحملات خفية، وحسب اقواله يتطلع الى الدخول في نهاية خدمته الى الاعمال التجارية. فاي خوف يمكن ان يكون لباراك، حين يكون بعد انتهاء السنة الرابعة سيتعين على اشكنازي الانتظار ثلاث سنوات اخرى في البرد قبل أن يتمكن من دخول السياسة؟         لواء متقاعد رأى كل شيء واجتاز كل شيء، وصف تبادل الاقاويل كعار وخجل. ولنفترض أن اشكنازي اراد حقا سنة اخرى، فماذا في ذلك؟ الى ان يكون اشكنازي مخولا للخدمة كوزير للدفاع، سيكون باراك ابن 71. فإما ان يكون رئيس وزراء او ان يكون مرة اخرى في رحلة اعمال تجارية في خارج البلاد. وحسب السابقة التاريخية فان مقر الرئيس سيكون مفتوحا امامه حتى عندما سيكون ابن 80 زائد.        اعرف اني اكتب هراءا ولكن على ماذا يمكن الكتابة في دولة تكرس هذا القدر الكبير من الزمن للهراء.