خبر البدو ضد الوطن- هآرتس

الساعة 09:22 ص|11 فبراير 2010

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: الجدار الحديدي الذي تبنيه مصر على حدود قطاع غزة يثير عليها بدو شمال سيناء الذين أوضاعهم الاقتصادية صعبة وتمكنهم التجارة من طريق الانفاق من البقاء - المصدر).

        مر يوم شديد على عبدالله الجهامة، رئيس مجلس القبائل البدوية في  مركز سيناء. ففي حين كان يجتهد في تجنيد مساعدة حكومية مصرية لمصلحة البدو الذين فقدوا املاكهم بالفيضانات القوية في الشهر الماضي (بقي كثير منهم بغير سقف)، واعادة بناء المشفى الذي غرق في العريش، وقع على رأسه تقرير صحفي في مجلة "تايم" الامريكية، التي عرضت البدو في سيناء على أنهم  لا يرون مصر وطنا.

        صفق البدو عندما كانوا يشاهدون لعبة كرة القدم بين الجزائر ومصر في نطاق بطولة افريقيا للفريق الجزائري لا المصري كما ورد في التقرير الصحفي؛ وهم يريدون ان تعود اسرائيل الى سيناء لان وضعهم الاقتصادي في فترتها كان أفضل. بل ان احد البدو أتى بأمر عجيب وفتح صندوق سيارته وأظهر المراسلة افيغيل هاوسلوهنر، على رشاش مخصص للمصريين لا للاسرائيليين كما قال.

        أعلن الجهامة الذي كان عضوا في مجلس النوي المصري وأصبح متحدث البدو الرسمي، أعلن نهاية الاسبوع بأنه ينوي أن يرفع دعوى على "تايم" اذا لم تعتذر وان "العملية منسقة مع أعلى المستويات في مصر"، ومن بينها وزارة الخارجية المصرية التي  توجهت الى السفارة الامريكية في هذا الشأن.

        من أجل بيان مبلغ "خطأ" التقرير الصحفي ومبلغ اهتمام حسني مبارك بشأن البدو في سيناء، أبلغت صحف مصر عن جلسة عقدها الرئيس مع لجنة الشؤون الامنية في مجلس الشورى حيث اهتم بأن يعلم كيف تتقدم خطة استيطان البدو سيناء. لكن في ذلك الوقت قال بدو في شمال سيناء لصحفيين مصريين ان المساعدة الحكومية اخفقت، وان بضع مئات فقط من البطانيات أتت من لا بيوت لهم، وأن جزءا من المال الذي تم التبرع به من أجلهم اختفى، وكانت هنالك حاجة لتجنيد مساعدة الشرطة لمنع المشاجرات بين العائلات التي انقضت على سيارات المساعدة.

        ليست العناية بالبدو مسألة انسانية فقط. فبدو شمال سيناء يقلقون حكومة مصر لقربهم من غزة ومشاركتهم الفعالة في الاتجار الاقتصادي والعسكري في الانفاق. في مقابلة ذلك استقرار رأي حكومة مصر على بناء جدار حديدي بين غزة وسيناء يقلق البدو جدا. يسكن شمال سيناء عشرات الآلاف من الناس بغير مصادر نخل ثابتة، وبغير مصانع، ومع جهاز تربية مصري فاشل لا ينمي التراث البدوي. ولهذا فان التهريب الى غزة قاعدة اقتصادية حيوية توشك ان تتضرر الان كثيرا.

        كان بدء العلاقات المتوترة بين سلطات مصر والبدو في سنة 2004 بعد  الاعمال التفجيرية في طابا. اعتقل آلاف البدو مشتبها فيهم أنهم ساعدوا منفذي العمليات، وفرضت رقابة عسكرية شديدة على مناطق سكنهم في شمال سيناء وجنوبها وبعد ذلك سلب كثير منهم أعمالهم "التقليدية"، كمرشدين وسائقين، واحتل مكانهم مواطنون من القاهرة والاسكندرية انتقلوا الى سيناء بتشجيع السلطات. بعد ذلك بثلاث سنين، في 2007 حدثت في العريش ضجة عامة عندما اشعل البدو مركز الحزب الحاكم وأحرقوا صور مبارك نتاج دعاوى تمييز وتنكيل. أراد أيمن الظواهري استغلال التوتر وعدم الثقة هذين فدعى البدو الى التمرد على السلطة والتعاون مع حماس.

        رويدا رويدا هدأت النفوس. لكن آنذاك في الاسبوع الماضي اطلقت النار على ضابط وجندي مصريين فأرديا قتيلين حينما حاولا ان يقفا بدويا كان مشتبها بأنه مهرب. تبحث السلطات المصرية عن القتلة والبدو غاضبون مرة اخرى.

        لا يوجد عند مصر حل رف بوضع البدو الاقتصادي، واهتمام مبارك بوضعهم ايضا لن يسبب بناء سريعا للبيوت او اعادة تعمير الخراب الذي احدثته الفيضانات. الخوف الاكبر هو من أن تستغل منظمات متطرفة وضعهم وتحاول جعل سيناء قاعدة اطلاق لعمليات في المنطقة.