خبر هيومن رايتس ووتش: إسرائيل أخفقت في إجراء تحقيقات نزيهة بانتهاكات الحرب على غزة

الساعة 05:35 م|08 فبراير 2010

فلسطين اليوم-وكالات

قالت منظمة 'هيومن رايتس ووتش' اليوم، إن إسرائيل أخفقت في إظهار أنها ستجري تحقيقات مستفيضة ونزيهة في انتهاكات قوانين الحرب على يد قواتها أثناء الحرب على غزة العام الماضي.

 

 وقالت 'هيومن رايتس ووتش' إن هناك ضرورة لإجراء تحقيق مستقل إذا كانت هناك رغبة لتحميل المسؤولية لمن ارتكبوا الانتهاكات، ومنهم كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين الذين وضعوا سياسات تخالف قوانين الحرب.

 

وكانت هيومن رايتس ووتش قابلت في 4 فبراير/ شباط 2010 محامين عسكريين من الجيش الإسرائيلي لمناقشة التحقيقات. وفيما يجري الجيش تحقيقاته في الوقت الحالي، فلم يوفر المسؤولون أية معلومات تُظهر أن تحقيقات الجيش ستكون مستفيضة أو نزيهة أو أنها ستتصدى للقرارات القيادية والسياسات التي أدت لاستشهاد المدنيين دون وجه حق.

 

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: 'تزعم إسرائيل أنها تُجري تحقيقات تتمتع بالمصداقية والنزاهة، لكنها إلى الآن أخفقت في إثبات هذا'. وتابع: 'هناك ضرورة لتحقيق مستقل لفهم سبب مقتل الكثير من المدنيين على هذا النحو ولتوفير العدالة لضحايا الهجمات غير القانونية'.

 

وفي إحدى الحالات، يبدو أن التحقيق العسكري لم يلتفت إلى أدلة هامة: بقايا قنبلة تم إطلاقها جواً تم العثور عليها في طاحونة البدر على مشارف جباليا. وأنكرت إسرائيل استهداف الطاحونة من الجو، كما تقول بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة. لكن، ظهر من تسجيل فيديو حصلت عليه هيومن رايتس ووتش وأطلقته اليوم ما يبدو أنه بقايا قنبلة جوية إسرائيلية طراز إم كيه 82 زنة 500 رطل في الطاحونة المحطمة، ويقول القائمون على نزع الألغام من الأمم المتحدة أنهم نزعوا فتيل القنبلة.

 

 

 

ووثقت هيومن رايتس ووتش استشهاد 53 مدنياً في 19 حادثاً يبدو فيها أن القوات الإسرائيلية خرقت قوانين الحرب. وست من هذه الحوادث شملت الاستخدام غير القانوني للفسفور الأبيض، وست حوادث استشهد فيها مدنيون جراء الصواريخ التي أطلقتها طائرات الاستطلاع (الزنانة)، وسبع بواسطة إطلاق الجنود النار على المدنيين ممن كانوا في جماعات ترفع  الأعلام البيضاء.

 

وحتى الآن لم تقم المحاكم الإسرائيلية بإدانة أحد على ذمة انتهاكات الحرب أثناء نزاع غزة إلا جندياً واحداً، بتهمة سرقة بطاقة ائتمان.

 

وقال محامو الجيش الإسرائيلي إن الجيش يحقق في جميع الحالات التي كشفت عنها هيومن رايتس ووتش. سبع من الحالات هي تحقيقات جنائية في الزعم بإطلاق النار على المدنيين ممن كانوا يلوحون بالأعلام البيضاء، على حد قولهم. وكان الجيش في البداية قد تجاهل ما ورد في تقرير هيومن رايتس ووتش عن هذه الحالات باعتبارها 'تقارير من شهود غير موثوقين'.

 

وحتى الآن نظر الجيش الإسرائيلي في أمر حوادث محددة، لكن ليس في السياسات العريضة التي ربما أدت إلى الخسائر في صفوف المدنيين في خرق لقوانين الحرب، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

 

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب أن يشمل التحقيق المستقل فحص قرارات ما قبل العمليات التي أدت إلى الخسائر في صفوف المدنيين. وتشمل قرار استهداف البنية التحتية السياسية لحماس، واستخدام المدفعية الثقيلة وذخائر الفسفور الأبيض في أماكن المدنيين، والهجمات على شرطة غزة، والقواعد المتساهلة على ما يبدو في إطلاق الصواريخ من طائرات الاستطلاع، ومسلك القوات البرية.

 

وقال جو ستورك: 'التحقيقات الإسرائيلية حتى الآن كانت بالأساس تنظر في أمر الجنود الذين عصوا أوامر أو خالفوا قواعد الاشتباك، لكنها أخفقت في طرح السؤال الهام حول ما إذا كانت الأوامر وقواعد الاشتباك نفسها تخرق قوانين الحرب'. وأضاف: 'بالنسبة لهذه القرارات والسياسات، يجب تحميل كبار العسكريين والسياسيين من صناع القرار المسؤولية'.

 

 

 

وفي سبتمبر/ أيلول 2009، خلصت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة، برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون، إلى أن إسرائيل وحماس ارتكبا جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية، وطالبت الطرفين بإجراء تحقيقات نزيهة خلال ستة أشهر.

 

وفي 5 نوفمبر/ تشرين الثاني، صدقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على تقرير غولدستون وطالبت الأمين العام بان كي مون بإصدار تقرير عن التقدم في التحقيقات الداخلية. وقدم بان تقريره في 4 فبراير/ شباط، كاشفاً عن وثائق أرسلتها إليه إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وأكد على دعوته لإجراء تحقيقات موثوقة ونزيهة من قبل مختلف الأطراف.

 

وقال جو ستورك: 'لم يزد الأمين العام بان كي مون عن نقل مزاعم الأطراف، لكنه أكد أيضاً أهمية إجراء تحقيقات موثوقة بما يتفق مع المعايير الدولية'. وأضاف: 'ما زال هناك ضغط يمارس على إسرائيل وحماس لإظهار أنهما سيجريان التحقيقات على النحو الصحيح'.

 

وطبقاً لإسرائيل، فقد أجرى الجيش نحو 150 'تحقيقاً' في حوادث وقعت في غزة، لكنه لم يكشف عن قائمة بالحوادث المذكورة. 90 تقريباً من الحوادث المائة والخمسين هي ما يدعوه الجيش باسم 'تقرير ميداني'. وهناك تقارير تتم بعد إتمام العمليات، وليست جنائية، وفيها يقابل أحد الضباط الجنود المشاركين في العمليات دون الحصول على شهادات من الضحايا أو الشهود. 45 من القضايا التسعين أقفلت ملفاتها بالفعل.

 

ويقول الجيش الإسرائيلي إن الشرطة العسكرية فتحت 36 تحقيقاً جنائياً، يأخذ فيها محقق شرطة عسكرية أقوالاً من الجنود ويسعى للإطلاع على شهادات من مصادر خارجية. أسفرت إحدى هذه التحقيقات عن إدانة جندي بسرقة بطاقة ائتمان، ليُعاقب بالحبس سبعة أشهر ونصف الشهر، وأغلقت سبع قضايا لنقص الأدلة أو لأن المشتكين لم يكونوا على استعداد للشهادة. وما زال هناك 28 تحقيقاً  قائماً.

 

 

 

وقال الجيش إنه أدب الجنود والضباط الذين خالفوا الأوامر أثناء حرب غزة. في إحدى الحالات، تلقى قائدان رسائل توبيخ جراء إطلاق قذائف مدفعية عالية التفجير أصابت مقراً للأمم المتحدة كان يؤوي 700 مدني، رغم العشرات من المكالمات الهاتفية من مسؤولي الأمم المتحدة يطلبون فيها توقف القصف. وأثناء الهجوم نفسه، أدت ذخائر فسفور أبيض أُطلقت في القذائف إلى إحراق مخزن للأمم المتحدة وإصابة 3 أشخاص كانوا في المبنى. وقال الجيش لـ هيومن رايتس ووتش إن الفسفور الأبيض ما زال تحت التحقيق ولم يكن من أسباب رسائل التوبيخ. المعلومات الوحيدة التي كشف عنها الجيش بشأن قضيتي التأديب الآخريين هي أن واحدة كانت على خلفية هجوم على عقار أو شخص تابع للأمم المتحدة، والأخرى بشأن واقعة تدمير ممتلكات.

 

تسجيل الفيديو الذي أصدرته هيومن رايتس ووتش اليوم لطاحونة البدر تم تصويره من قبل مُلاك الطاحونة بعد أن تعرضت للضرر، في 10 يناير/ كانون الثاني 2009. وقال تقرير بعثة تقصي الحقائق إن الجيش الإسرائيلي قصف الطاحونة في محاولة متعمدة للإضرار بالبنية التحتية في قطاع غزة. وقالت إسرائيل إن تحقيقاتها خلصت إلى أن الطاحونة كانت هدفاً عسكرياً مشروعاً بسبب نشاط حماس في المنطقة وأنها لم تطلق عليها إلا قذيفة دبابة ولم تقصف الطاحونة من الجو.

 

وقالت الأمم المتحدة لـ'هيومن رايتس ووتش' إن القائمين على نزع الألغام والمتفجرات زاروا الطاحونة في 11 فبراير/ شباط 2009، وعثروا على النصف الأمامي من قنبلة جوية طراز إم كيه 82 زنة 500 رطل في الطابق العلوي من الطاحونة، ما يؤكد ما ورد في تسجيل الفيديو.

وقال محامو الجيش الإسرائيلي لـ'هيومن رايتس ووتش' إنه لدى إطلاعهم على الأدلة الجديدة فسوف يعاودون فتح التحقيق.

ولإسرائيل تاريخ من التحقيقات العسكرية متواضعة المستوى في مزاعم الانتهاكات بحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، على حد قول هيومن رايتس ووتش. ووثقت منظمة 'ييش دين' الإسرائيلية الحقوقية المستويات المتدنية للتحقيقات الجنائية والمقاضاة والإدانة بحق الجنود، رغم وجود عدد كبير من الوفيات المزعومة غير القانونية.