خبر الرئيس عباس لـ« ديرشبيغل »: لا تدفعونا إلى فقدان الأمل

الساعة 12:35 م|08 فبراير 2010

فلسطين اليوم – وكالات

حذر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس العالم من فقدان الفلسطينيين للأمل، وقال في مقابلة أجرتها معه مجلة ديرشبيغل الألمانية، ونشرت في عددها الصادر في السابع من شباط الحالي، إن الطريق باتجاه حل سياسي مسدود، لذلك فإني لا أرى جديد من بقائي رئيسا للسلطة، وأنا أوجه تحذيرا للعالم: لا تدفعونا نحن الفلسطينيون تجاه النقطة التي تقودنا إلى فقدان الأمل.

وفيما يلي نص المقابلة:

دير شبيغل: سيادة الرئيس، العالم كله ينتظر لقاءكم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتفاوض، متى سوف يتحقق ذلك؟

الرئيس عباس: هذا مرهون بإسرائيل، نحن الفلسطينيون كنا نقول دائما بأننا جاهزون للتفاوض عندما تتوقف اسرائيل عن بناء المستوطنات بشكل كامل وعندما تعترف بحدود عام 1967.

دير شبيغل: لماذا تثقل كاهل المباحثات الجارية لتوفير فرصة لقائكم وذلك بوضعكم شروط مسبقة؟

الرئيس عباس: هذه ليست شروط، وإنما خطوات ضرورية لابد من تنفيذها خاصة بعد انتهاء المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق، نحن اعترفنا بحق اسرائيل في الوجود ونحاول اقناع التنظيمات الفلسطينية التي تعتمد العنف بالابتعاد عنه، وهذا ما يعترف لنا به الأميركيون والأوربيون، بل أكثر من ذلك والإسرائيليون ايضاً.

دير شبيغل: نتنياهو قرر وقف الإستيطان لمدة ثمانية أشهر، وهذا لم يحدث قبل ذلك من أي رئيس وزراء اسرائيلي سابقاً، ألم يأتي دوركم الآن لإتخاذ خطوة في اتجاهه؟

الرئيس عباس: هذا لا يعتبر تعهدا حقيقيا، حيث ما زال البناء في المستوطنات مستمراً لبضعة ألاف وحدات سكنية في الضفة الغربية وتم استثناء القدس بشكل تام في هذا التعهد.

دير شبيغل: كنتم تتفاوضون مع رئيس الوزراء السابق لنتنياهو ايهود أولمرت، بالرغم من استمراره في بناء المستوطنات آنذاك، ألا تمارس هنا استخدام معايير مزدوجه؟

الرئيس عباس: الى حد ما نعم، لكنني كنت اطالب أولمرت في كل لقاء لي معه بضرورة وقف الإستيطان، بالإضاقة الى ذلك وفي الوقت اللاحق تم انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، ولقد طالب في رسالته الموجهة للعالم الإسلامي من القاهرة بوقف الإستيطان بشكل تام، وعندما يكون هذا موقف الرئيس الأميركي فانني لا أستطيع أن أطالب بأقل من ذلك.

دير شبيغل:لكن اوباما الآن يتحدث عن ضرورة'التريث الإسرائيلي' اثناء بناء المستوطنات، وبناء على رجائه لكم، قمتم بمصافحة نتنياهو في نيويورك.

الرئيس عباس: بعد فوز اوباما بالإنتخابات، كنت فعلاً متفائلا جداً، جورج ميتشل مبعوثه للشرق الأوسط جاء عدة مرات الينا ووعد ببذل جهده لدى الاسرائيلين لوقف الإستيطان وميتشل نفسه أكد

بان المفاوضات ستبدأ بعد اعلان التعهد،(MORATORIUM) وفجأة في سبتمبر تراجعت الحكومة الأميركية.

دير شبيغل: هل يعني ذلك بأن الأمريكيون يتحملون مسؤولية التوقف؟

الرئيس عباس: أنا لست سعيداً طبعا بتغيير الموقف الأمريكي، ولكنني لن أتنازل.

دير شبيغل: ماذا تتوقعون من اوباما؟

الرئيس عباس: ما زلت على أمل بأن يستطيع أعادة الحياة لعملية السلام، عليه ان يقنع الإسرائيليين بضرورة الإعلان بوقف الإستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية بشكل تام، على الأقل بضعة اشهر.

دير شبيغل: من الواضح أن الضغط الذي مارسه أوباما حتى الآن على اسرائيل لم يكن مؤثراً تجاه اسرائيل.

الرئيس عباس: ليست مهمتي (واجبي) تحديد الخطوات الواجب إتخاذها من طرف الأمريكان تجاه اسرائيل، لكن لديهم العديد من الإمكانيات، وهم ما زالوا القوة العالمية الأقوى، لقد قال أوباما أن قيام دولة فلسطينية يعتبر مصلحة استراتيجية أميركية. الرئيس الأميركي تعهد بوضع كل طاقته لكي يحقق السلام ويساعد في اقامة دولة فلسطينية.

دير شبيغل: قد يكون السبب الحقيقي للتوقف الحالي هو عدم ثقتكم بنتنياهو؟

الرئيس عباس: ما صدر عنه من تصريحات حتى الآن يثير شكوكي ويجعلني اتساءل عما اذا كان يريد حقيقة التوصل الى حل، وهو لم يعلن قبوله بحل الدولتين بشكل واضح.

دير شبيغل: في خطابه في جامعة بار ايلان في حزيران 2009 قال نتنياهو ' عندما يعترف الفلسطينيون بيهودية دولة اسرائيل، فإننا على استعداد لقبول دولة فلسطينية منزوعة السلاح'.

الرئيس عباس: انت ترى، هو الذي يفرض الشروط المسبقة، وهو يقول القدس ستبقى العاصمة الأبدية الموحده لإسرائيل، وهو لايريد التفاوض حول قضية اللاجئين الفلسطينيين، ويصر علينا الإعتراف مسبقا بيهودية دولة اسرائيل.

دير شبيغل: لكن مبدأ حل الدولتين يعني بالضرورة دولة فلسطينية وأخرى يهودية فلماذا يوجد لديكم مشكلة للإعتراف بيهودية دولة اسرائيل؟

الرئيس عباس: نحن اعترفنا بإسرائيل في حدود 1967، وإن أرادت اسرائيل تسمية نفسها الدولة اليهودية أو الدولة العبرية أو الدولة الصهيونية فهذا شأنهم. يستطيعون أختيار أسم الدولة التي يريدون لكنهم لايستطيعون اجباري القبول بهذه التسمية.

دير شبيغل: ولكن بدون أغلبية يهودية فان اسرائيل لن تكون هي اسرائيل؟

الرئيس عباس: انها حقيقة. فغالبية مواطني اسرائيل هم يهود وليس بإمكاني تعريف هوية اسرائيل.

دير شبيغل: بمثل هذه التصريحات فإنكم تثيرون الشك لدى الإسرائيليين بأنكم في الحقيقه تأملون يوماً ما تخطي مشكلة الأكثرية اليهودية، خاصة وأنكم ما زلتم تتمسكون بحق عودة كافة اللاجئين اللذين طردوا عام 1948؟

الرئيس عباس: أنا أتفهم هذا التخوف، فهناك خمسة ملايين فلسطيني طردوا، وأنا لا أقول عليهم أن يعودوا جميعاً ولكننا نحتاج الى حل عادل، فقرار الأمم المتحدة رقم 194...

دير شبيغل: الصادر في 11 ديسمبر 1948.....

الرئيس عباس: .... ينص بأنه لابد من التعويض ماديا للذين يريدون التنازل عن حقهم في العودة، الحل موضوع على الطاولة منذ 60 عاماً فأين المشكلة؟

دير شبيغل: لكنكم انتظرتم طويلا. ولو أنكم وافقتم لكانت غالبية الإسرائيليين على استعداد لغض النظر عن الإتهام بالفساد الموجه لأولمرت، ووزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق ابا ايبان قال منذ زمن ذات مرة.... الفلسطينيون لا يتركون مناسبة لإضاعة....

الرئيس عباس: .....فرصة إلا واضاعوها. نعم أنا عرف هذه الجملة. لكننا اغتنمنا الفرصه في عهد أولمرت – لقد تفاوضنا معه بشكل جدي- لقد تبادلنا خرائط ترسيم الحدود. ولكنه تخلى عن منصبه. وتسيفي لفني التي جاءت من بعده لم تنجح في الإنتخابات- اين هي أذا الفرصة التي اضعناها؟

دير شبيغل: لو أنكم قبلتم عرض اولمرت في الوقت المناسب، لإزدادت قوة أولئك المقتنعين بعملية السلام، ولكن بدلاً من ذلك أنتم الآن مرغمون على التعامل مع نتنياهو وليبرمان.

الرئيس عباس: هذا صحيح، لقد كنا قي سباق مع الزمن للوصول الى حل، ولكنني لست المسؤول عن الفشل في التوصل لإتفاق، أولمرت ترك منصبه قبل الوصول الى الهدف.

دير شبيغل: سيادة الرئيس، معسكر الفلسطينيين منقسم بشكل عميق، وحركتكم فتح لم تستطع منع حماس عام 2007 من السيطرة بالقوة على قطاع غزه، فكيف تستطيعون ضمان عدم تكرار ذلك في الضقة الغربية؟

الرئيس عباس: نحن نسيطر بشكل كامل على كافة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، الوضع الآن مضمون مائة بالمائة، ونحن لن نسمح بتكرار ما حدث في غزة في الضفة الغربية.

دير شبيغل: طالما بقيت حماس تحكم قطاع غزة فإن اسرائيل لن توافق ابداً على اقامة دولة فلسطينية؟

الرئيس عباس: لقد قمنا بإجراء حوار للمصالحة الوطنية برعاية المصريين لمدة عامين ونصف، وتمخض عن ذاك في النهاية وثيقة المصالحة، نحن في حركة فتح  قمنا بالتوقيع على هذه الوثيقة بتاريخ 15 تشرين أول/ اكتوبر 2009 حماس ترفض التوقيع حتى يومنا هذا على هذه الوثيقة.

دير شبيغل:  كيف يمكن أن تتم المصالحة  بين الرؤية العلمانية والرؤية الإسلامية لحركة حماس؟

الرئيس عباس: نحن شعب يوجد فيه تعددية في الرؤية الدينية والسياسية فهناك من هو متطرف دينياً، وهناك من هو متعصب علمانياً، وهناك آخرون معتدلون ولكننا تعودنا منذ ستين عاماً التعايش مع بعضنا البعض، هذه تيارات مختلفة موجودة في منظمة التحرير.

دير شبيغل: هل يمكن لمروان البرغوثي السجين في اسرائيل بطل الإنتقاضة الثانية أن يكون الرجل القادر على اجراء مصالحة بين حماس وفتح؟

الرئيس عباس: مروان البرغوثي موجود في قيادة فتح، وهو عضو في اللجنة المركزية لحركتنا وخروجه من السجن يشكل مكسبا كبيراً لنا، لكنه لايستطيع التوصل للمصالحة بمفرده، وهناك سبب خارجي لرفض حماس التوقيع على وثيقة المصالحة.

دير شبيغل: أنت تقصد بذلك ايران؟

الرئيس عباس: هذا ما تقوله أنت.

دير شبيغل: سيادة الرئيس لقد اعلنتم بعدم ترشيح انفسكم من جديد لرئاسة السلطة الفلسطينية، هل يعني ذلك التسليم بأنكم لا تستطيعون تحقيق حلم الفلسطينينن بإقامة الدولة الفلسطينية؟

الرئيس عباس:هذا صحيح بشكل تام، الطريق بإتجاه حل سياسي مسدود، لذلك فأنني لا أرى جدوى من بقائي رئيسا للسلطة الفلسطينية وأنا أوجه تحذيراً للعالم : لا تدفعونا نحن الفلسطينيون تجاه النقطة التي تقودنا الى فقدان الأمل...