خبر فليبدأوا بالخوف -إسرائيل اليوم

الساعة 10:38 ص|08 فبراير 2010

بقلم: يوآف ليمور

 (المضمون: في العالم العربي مقتنعون بان هذا حصل في بداية كانون الثاني في طهران وفي نهايته في دبي، وقبل سنتين في دمشق وفي اللاذقية. الان يتساءلون هناك متى سيحصل هذا مرة اخرى ومن سيكون الهدف القادم - المصدر).

        في العالم العربي تحدثوا هذا الاسبوع عن الشخصيات الاربعة الذين زعم ان اسرائيل صفتهم. أربعة تبدأ اسماؤهم بالميم، ثلاثة تبدأ اسماء عائلاتهم بالميم والرابع اسمه الشخصي. واحد ايراني، عالم ذرة يدعى مسعود علي محمدي، صفي الشهر الماضي في طهران؛ الثاني سوري، الجنرال محمد سليمان، مستشار الرئيس الاسد الذي صفي قبل سنتين في شمالي الدولة؛ الثالث لبناني، رئيس اركان حزب الله عماد مغنية، الذي صفي قبل سنتين في دمشق؛ والرابع فلسطيني محمود المبحوح، الذي صفي قبل اسبوعين في دبي.

        أربع تصفيات لا توجد أي صلة بينها باستثناء واحدة: كلها تنسب في العالم للموساد. والسبب في ذلك هو أن ليس فقط المصلحة الظاهرة التي لاسرائيل في ازالة كل واحد من الاربعة، بل لان الموساد يعتبر في العالم العربي المنظمة الوحيدة تقريبا القادرة على تنفيذ اعمال تشد الخيال حتى اقصاه: القدرة على انتاج معلومات استخبارية فاخرة وحياكة بدلة تنفيذية لها بحيث تبقي علامات استفهام أكثر مما تعطي من أجوبة.

        المبحوح مثلا. مشكوك أن يكونوا في حماس فكروا بان احدا ما يعرف عن الدور الذي أبداه في شبكة تهريب السلاح الى غزة، ولكن من أجل ان يكونوا واثقين – بعثوه الى دبي في شخصية زائفة. هذا لم يمنع المصفين الذين لاحقوه، قتلوه وصوروا الوثائق قبل أن يعلقوا على الباب شارة "الرجاء عدم الازعاج" في غرفته في الفندق. من هو قادر – باستثناء الموساد – على مثل هذه الجرأة؟ اذا ما سألتم في دبي، لا أحد.

        ورغم ذلك، مشكوك أن يظهر التحقيق أي شيء. بالضبط مثلما حققت سوريا ولم تحل لغز تصفية مغنية وسليمان، بالضبط مثلما تتهم اسرائيل ولكنها لا تعرف كيف تثبت من قتل محمدي. كل هذه الاعمال كانت حريصة ونفذت بكتمان.

        نجاحها هو ليس فقط في أن الهدف صفي وان المصفين فروا، بل في الغموض والشك اللذين بقيا وراءها؛ من كان هنا وما الذي فعله بالضبط، والاكثر اقلاقا من ذلك – ما الذي ينوي عمله اكثر. ان شئتم، هذا هو الانجاز الاساس. ردع يسمون هذا بالكلام المهني، خوف في لغة الشارع.

        ليس سرا ان بالضبط هذا الخوف هو ما تسعى اسرائيل الى زرعه في قلوب اعدائنا. احيانا يكفي ذلك لتبرير عملية تصفية. مشكوك ان تكون هناك حالة كهذه يكون فيها هذا هو المبرر الوحيد، ولكن هذا بالتأكيد يمكنه أن يرجح كفة الميزان في صالح التنفيذ.

        لنأخذ المبحوح كمثال. اذا صدقنا للحظة الادعاء بان الموساد هي المسؤولة فبعد أن عرضت المعلومات الاستخبارية والقدرات التنفيذية، كان مطلوبا من المجلس الوزاري ان يقرر التنفيذ ام لا. ملف المخرب كان يعرفه وكذا مسؤوليته عن خطف وقتل الجنديين، ولكن ايام مطاردة "ايلول الاسود" انقضت، والثأر وحده ليس سببا كافيا لاقرار حملة على مستوى من الخطورة بهذا الارتفاع.

        ماذا نعم؟ مواضيع السلاح والمعرفة في أنه اذا ما صفي – ستنشأ لحماس ثغرة مهنية في المجال. بكلمة واحدة: احباط. من جهة اخرى فان من اتخذ القرار، اذا ما اتخذه، يعرف انه لا يوجد فراغ. فللمبحوح سيعين بديل، يواصل بالضبط من ذات النقطة. غير أن البديل سيكون اكثر حذرا باضعاف. وهذه هي القيمة المضافة. فهو لن يسافر وحده، ولا باسم زائف، ومشكوك ان يتجرأ على لقاء اناس التقاهم المبحوح او ان يدير شركات وأموال بالطريقة التي اديرت بها حتى الان.

        المعنى العملي هو أنه سيكون من الصعب عليه اكثر العمل، ومن سيتصل به – دول، شركات واشخاص عاديين – سيفكرون جيدا جدا اذا كان هذا مجديا لهم إذ هم ايضا تعلموا الدرس بان هناك من يلاحقهم ويتآمر عليهم، وذاك الاحد ما من شأنه ان يمس بهم ايضا.

        باختصار، كل عملية كهذه تورط الطرف الاخر. علماء الذرة في ايران يخافون الان من أن يكونوا هم التالين في الدور، كبار حماس وحزب الله يعرفون بان كل خروج من القبو من شأنه أن يكون ايضا سجل نهاية. ومن رغم ذلك يعمل، يكون مقيدا اكثر بكثير. في الاعمال وفي ردود الافعال على حد سواء.

        كل واحد من المسؤولين عن الاربعة ميمات – ايران، سوريا، حزب الله وحماس – مصممون على الثأر. في هذه الاثناء تصميمهم عابث. صحيح أن هذا يمكن ان يحصل في الصباح ومحظور التبجح او فتح الفم للشيطان، ومع ذلك – الردع يعمل. والدليل: حزب الله يخشى الانتقام مخافة أن يشعل لبنان من جديد، سوريا خشيت الرد حتى على تدمير المنشأة النووية، حماس حذرة هذا الاسبوع من القيام بالعمل الاولي من ناحيتها – اطلاق القسام.

 

        حساب ربح وخسارة

        غير أنه محظور علينا أن نتشوش. في كل الحالات كانت هناك رغبة شديدة في الثأر، ولكن يوجد ايضا تفكير موزون بان مثل هذا الثأر من شأنه أن يشعل سلسلة ردود فعل توقع عليهم خرابا اضافيا. الفهم المثير للاهتمام في كل هذا هو أنه في الطرف الاخر تجري عملية مرتبة ومنطقية من اتخاذ القرارات، يحركها منطق عقلاني وليس عاطفيا.

        عندنا بالذات لم تتوفر دوما مثل هذه العملية (محاولة التصفية الفاشلة لخالد مشعل في الاردن هي مثال ممتاز، وليس الوحيد)، تدرس بشكل بارد الكلفة حيال المنفعة او ببساطة: العنوان الرئيس عن العملية الناجحة حيال العنوان الرئيس عن الفشل المدوي.

        في كل حملة، التوقع من القائد هو يعرف كيف يسأل. هل المعلومات كاملة وكيف سيتم التنفيذ، ولكن اكثر من ذلك، ما الذي سيحصل اذا ما فشلت لا سمح الله. ما هو مدى الخطورة على المقاتلين في المستوى التكتيكي – الانساني، ما هو مدى الخطورة على الدولة في المستوى الاستراتيجي.

        اذا كان هذا هو الحال، يبدو أن من قرر كان واثقا تماما بان هذه العملية يمكنها أن تنفذ بنجاح تام. وهنا نعود الى المعلومات الاستخبارية. بقدر كبير الحروب اليوم هي استخبارية في أساسها. الموساد تقود الصراع ضد النووي الايراني، المخابرات – ضد الارهاب الفلسطيني. في حالات عديدة الجيش هو مجرد مقاول تنفيذ. وان كان مقاولا ذا مغزى، قادر على الهجوم، حسب منشورات في العالم، على قافلة في السودان او اعتراض سفينة سلاح في قلب البحر – الا أنه مقاول. هذا لا يعني أننا نقلل من قيمته لا سمح الله. فللجيش الاسرائيلي مزايا عديدة وحقوق اكبر، ولكن واضح لقادته ايضا بان امير المعركة الحديث (وليغفر لي رفاقي المدفعيين) هو الاستخبارات. بدونها كل القنابل الذكية عديمة المنفعة وكل الجسارة تبقى عاطلة عن العمل.

        في الاستخبارات يكمن ايضا التفوق المطلق لنا. في غزة يرسلون براميل مفخخة في محاولة بدائية لتفجير سفينة، في اسرائيل يعرفون  - هكذا حسب منشورات أجنبية – كيف يصل الى مخدة الرأس في السيارة المحصنة لمغنية، المخرب المطلوب في الشرق الاوسط. ولسوء الحظ فان استخبارات نوعية كهذه نادرة، وعمليا التصفية نادرة اكثر. الموساد تدحرج الاف النشاطات في السنة، معظمها لاغراض الاستخبارات. قليل منها فقط تخلف وراءها جثة مثلما يعزى للموساد في هذه الحالة.

        كي يحصل هذا هناك حاجة الى معلومات كاملة، جدوى تنفيذية ومنطق سياسي – ثلاثة عناصر لا تتداخل دوما بالضبط عندما يريدون. في العالم العربي مقتنعون بان هذا حصل في بداية كانون الثاني في طهران وفي نهايته في دبي، وقبل سنتين في دمشق وفي اللاذقية. الان يتساءلون هناك متى سيحصل هذا مرة اخرى ومن سيكون الهدف القادم.