خبر وهم سوريا اولا- هآرتس

الساعة 10:38 ص|08 فبراير 2010

بقلم: عكيفا الدار

 (المضمون: يجب اعادة القناة نحو دمشق من جديد. يجب عمل ذلك بالتوازي مع القناة نحو رام الله. وليس محلها بأي حال - المصدر).

        ما الذي يريده هؤلاء الفلسطينيين اللجوجين من حياتنا؟ فليقولوا شكرا على أن بيبي قال انه يؤيد دولتين لشعبين. فماذا هناك اذا ما أقسم ايضا على أن تبقى القدس الموحدة الى الابد تحت السيادة الاسرائيلية، تعهد بأن تكون ارئيل جزءا لا يتجزأ من الدولة ووعد بأن يواصل الجيش الاسرائيلي على نهر الاردن؟ محمود عباس لم يولد أمس. فهو يفهم بأن رئيس الوزراء لا يقصد حقا تخليد ضم الحي الاسلامي في البلدة القديمة في القدس. من المسلم به ان بنيامين نتنياهو يعرف أنه من غير الوارد دق اصبع طويلة مثل ارئيل في قلب فلسطين. وبالتأكيد لا يتصور أنه في الطريق من نهر الاردن الى الديار، سيكون المواطن في فلسطين السيادية مطالبا بأن يروي للحارس الاسرائيلي من حزم له حقيبته.

        لماذا نحن نصدق نتنياهو كلما أطلق نغمات السلام ونقنع أنفسنا بأنه يذر الرماد في العيون حين يعانق المستوطنين؟ اذا لم تكن لرئيس الوزراء مشكلة في نثر تصريحات بلا غطاء لاغراض داخلية فلماذا تكون له مشكلة في أن يمتشق تصريحات مخلولة لاغراض خارجية؟ اذا كان رئيس الوزراء مستعدا لان يرفع عبثا اسم القدس كي يصالح موشيه يعلون وأفيغدور ليبرمان فماذا يضير ابو مازن ان يكون خطاب بار ايلان لا يرمي الا الى نفض براك اوباما وهيلاري كلينتون عن كاهله؟

        هذه المسائل موضوعة أمام الادارة الامريكية. وهذه لن ترفع العتب الى ان تنتزع من نتنياهو موقفا صريحا من مبادىء التسوية الدائمة مع الفلسطينيين. المبعوث الرئاسي جورج ميتشل اضاع زمنا طويلا جدا في التجسس على مخططات البناء في الحوض المقدس في القدس، في ارئيل وفي غور الاردن. حان الوقت لان يطلب رؤية مخططات اخلاء البلدات والاحياء اليهودية شرقي الخط الاخضر. اذا تبين بأن القسم الفلسطيني في حل الدولتين لدى نتنياهو يبدو مثل البنتوستانات لتلك العهود المظلمة في جنوب افريقيا، فان ميتشل يمكنه ان يتفرغ لتسوية نزاعات اخرى. نحن سنعرف بأنها انتهت الاعيب "المسيرة السلمية" ونستعد للعيش في نظام أبرتهايد.

        حين يعيد ميتشل التفويض لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين للرئيس اوباما، من المفضل ان يعيد ايضا التفويض لفتح القناة السورية. ثلاثة رؤساء وزراء، اسحاق رابين، شمعون بيرس وايهود باراك، اغروا الرئيس كلينتون بالالتفاف على ياسر عرفات وتجربة حظه لدى حافظ الاسد. نتنياهو هو الاخر جرب حظه. ما الذي كان لنا منذئذ؟ انتفاضة اخرى في الضفة، حرب اخرى في لبنان وحرب اخرى في غزة. كم يوما سيصمد خلفاء عرفات في الحكم اذا ما خانهم اوباما مع الاسد الابن؟ كم من الوقت سيستغرق حماس لتسيطر على "قوة دايتون" بعد ا ن يتبين بأن ليس للاحتلال موعدا ينفد فيه تاريخه؟

        من الصعب التصديق بان السوريين انفسهم مستعدين للتعاون مع جولة اخرى من المفاوضات على ظهر الفلسطينيين. فقبل اسبوع فقط هاجمت وزيرة الاعلام السورية، بثينة شعبان، الدول العربية التي تتجاهل معاناة سكان قطاع غزة. في مقال حاد في صحيفة "الشرق الاوسط" كتبت الناطقة بلسان الرئيس الاسد بأن ما يقوله الامريكيون عن المسيرة السلمية "تطمس حقيقة ان الفلسطينيين هم أسرى احتلال عنصري، عقاب جماعي وقتل شعب".

        منذ آذار 2002، سوريا وم.ت.ف تجددان كل سنة تأييدهما لمبادرة السلام العربية. وينبغي الامل بأن تكررا ذلك في القمة العربية التي ستنعقد في الشهر القادم في طرابلس. المبادرة تقترح على اسرائيل التطبيع مع كل اعضاء الجامعة العربية، مقابل انسحاب من المناطق التي احتلت في كل الجبهات في حرب 1967. شك كبير ان يكون حتى اعادة كل هضبة الجولان اليه ستقنع الاسد بالخروج عن الاجماع العربي واستضافة سفير اسرائيلي، في الوقت الذي تخلد فيه حكومته الاحتلال في الضفة وفي شرقي القدس.

        من الصعب التقليل من اهمية مساهمة السلام مع سوريا في مكانة اسرائيل في المنطقة، ولا سيما أمن الضفة وغزة. يجب اعادة القناة نحو دمشق من جديد. يجب عمل ذلك بالتوازي مع القناة نحو رام الله. وليس محلها بأي حال.