خبر غزة: حمار وعربة أُمنية يحلم بها « الصادق » للتخلص من الفقر

الساعة 06:40 ص|08 فبراير 2010

فلسطين اليوم : كتب/ عيسى سعد الله

لا يعتقد خالد الصادق أنه سيجد من سيسلفه 600 دينار أردني كي يشتري حماراً وعربة "كارو" حتى يتغلب على حالة التشرد والطرد اليومي التي يواجهها من خلال عمله كبائع على بسطة في الأسواق.

ويعزو الصادق (42 عاماً) تشاؤمه هذا إلى بحثه المتواصل وطرقه لأبواب الأقارب والمحسنين في بلدته كي يساعدوه دون جدوى، حيث اضطر لتجرع المزيد من التعب واستئجار حمار يجر عربة "كارو" من قبل أحد الجيران حتى يتمكن من الحفاظ على عمله دون توقف لإطعام أسرته.

وكلفت عملية الاستئجار هذه الصادق نصف أرباحه التي لا تتعدى الأربعين شيكلاً يومياً، ما يشكل عبئاً مادياً عليه وعلى نوعية وكمية الطعام الذي يشتريه لأسرته المكونة من تسعة أفراد غالبيتهم من الشباب.

وقف الصادق أمام بوابتي وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل التابعتين للحكومة المقالة، المتلاصقتين في شارع الثورة بمدينة غزة، ينتظر انصراف الموظفين للشراء، وربط حماره بأحد أعمدة الكهرباء وأخذ يسرد معاناته المتواصلة منذ عدة سنوات.

أوضاع الصادق المادية والاقتصادية تدهورت وأخذت تقلقه بعد أن نظمت الشرطة والبلديات حملات لتنظيم الأسواق، الأمر الذي افقده بسطته الصغيرة.

ويشير الصادق الذي كان يعمل في السابق عامل بناء في سوق العمل الإسرائيلية لأكثر من خمسة عشر عاما، إلى أنه عاش فترة طويلة خلال الأشهر الماضية شبه مطارد لشرطة الأسواق لمنعها له من التواجد في محيط الأسواق بحجة عدم قانونية وجوده.

وللتغلب على هذه المعضلة اضطر خالد لفترة طويلة أيضاً إلى حمل بسطته التي تتجاوز الأربعين كيلوغراماً والتجوال بها أمام الدوائر الحكومية والبنوك التي تشهد حركة نشطة للموظفين والمواطنين.

ولأن جسد الصادق النحيف والضعيف لم يقدر على تحمل هذا التعب والإرهاق اليومي، فقد قرر الاتجاه لشراء حمار بعربة "كارو" للتغلب على ذلك لكنه فشل حتى الآن.

وبدا الصادق الذي قطع الحديث عدة مرات للترويج لبضاعته عند مرور كل شخص، متضايقاً جداً لتجاهل مطلبه رغم أنه مطلب إنساني بالدرجة الأولى ويساهم في حماية أسرة كبيرة من الضياع والتشرد والجوع.

ويشتكي من ضعف المردود المادي الذي يعود عليه بعد أن يدفع بدل إيجار الحمار لصاحبه، والذي يبلغ عشرين شيكلاً يومياً.

وبالرغم من ذلك، فلا يجد الصادق أمامه مفراً إلا الاستمرار في ذلك لأن البديل مواجهة البطالة والجلوس في المنزل والدخول في مشادات وشجارات مع الزوجة التي لا تحتمل إهمال أسرتها.

ويركز الصادق، الذي يبيع الأدوات المنزلية، على الوزارات والبنوك بعد أن ينتهي من جولة في الأحياء الراقية، معتبراً أن الأمر سيكون أفضل في حال وجد من يسلفه المال الكافي لشراء الحمار.

ولم تقتصر شكوى الصادق على ذلك فقط، فقد اشتكى من صعوبة تسويق البضاعة لدى الكثير من المشترين الذين يريدون الشراء بأبخس الأثمان ودون أرباح وهو ما يشكل إزعاجاً له.

وفي نهاية حديثه، طالب الصادق الذي اشتكى من عدم قدرته على تلبية الكثير من احتياجات أسرته، بعودته إلى العمل والبيع في السوق ومحيطه حتى يستريح من عناء التجوال في الحواري وزحمة السيارات، خصوصاً أنه لا يجيد ركوب الحيوانات في المناطق المزدحمة.

ويظل توفير العائد المادي والحد الأدنى من المستلزمات الضرورية للعائلة الهم الذي يؤرق ويقض مضجع الصادق.