خبر سنة أخرى في الساعة الرملية.. هآرتس

الساعة 10:27 ص|07 فبراير 2010

بقلم: أمير اورن

كفين سبايسي زار الاسبوع الماضي اسرائيل. ليس الممثل السينمائي، بل جنرال – رائد فضاء، كفين الفضائي. بطل الفضاء. باسمه وبلقبه الكاملين، جنرال من اربع نجوم كفين تشلتون، قائد القيادة الاستراتيجية للجيش الامريكي. تشلتون رأى الكرة الارضية ثلاث مرات من سفينة الفضاء. يبدو ان تجربته كرجل فضاء هي تأهيل الزامي لمن يحمل أربع نجوم على كتفيه. وهو الرجل المسؤول عن الذخيرة الاستراتيجية – صواريخ وقاذفات، نووية ايضا – توجد تحت السيطرة المباشرة للرئيس براك اوباما ووزير الدفاع روبرت غيتس. اذا ما شاركت قوات امريكية في حملة هجومية ضد ايران، سيكون له دور ذو مغزى.

هو رجل مريح ومليء بحس الدعابة، كان يتزلج على الأمواج في جنوب كاليفورنيا، يفهم جيدا مخاوف اسرائيل من النووي الايراني. وكما هو دارج، جلبه مضيفوه الى "يد واسم" ولكن في حديثه مع قائد سلاح الجو عيدو نحشوتان، ومع نائب رئيس الاركان بني غنيتس، لم يتفوه بأي تلميح عن تنسيق تنفيذي ضد خصم مشترك. بالعكس. عندما ذكر الاسم الصريح، تساءل اذا كان ربما يمكن كيفما اتفق اقناع ايران بالتخلي عن سعيها نحو السلاح النووي، منعا لمواجهة بالقوة.

لدى مسؤولين كبار في الادارة الامريكية، لا توجد صدف. كل رسالة للاجانب مخطط لها بعناية، منسقة ومقرة، وردود الفعل عليها تحلل جيدا. يحتمل ان يكون تشلتون كان يمزح حين قال بأن فوق كل مستوى قيادي عال يوجد مستوى أعلى، باستثناء ما فوق ميشيل أوباما – ولعل هذا كان مثالا لحاكمة أقرب – ولكن في المسائل المصيرية للخارجية والامن، لا يمكن الخطأ في التفسير. عندما تساءل تشلتون عن ايران فقد عبر عن ارادة اوباما في تأجيل النهاية. ايران بالتأكيد توجد على بؤرة استهداف أوباما وقد كف عن مغازلتها ويستعد للتصدي لها ولكن ليس الان، ليس بعد، أغلب الظن ليس هذه السنة. في المعادلة التي أمام ناظر بنيامين نتنياهو، هذه هي احدى المعطيات الأهم. اذا كان نتنياهو يريد ان يهاجم ايران، فعليه ان يراعي أربعة أبعاد أساسية: الحاجة الجوهرية، القدرة التنفيذية، الدعم الداخلي والموافقة الخارجية. فقط جملة علامات تقدير عالية جدا في كل المجالات الاربع ستسمح له بأن يقود نحو قرار بحملة.

•الحاجة. في شباط 2010 ليس لايران حتى الان سلاح نووي. تصريحات علنية لرؤساء الاستخبارات والبنتاغون في واشنطن تتطابق، الى هذا الحد او ذاك والتقديرات التي اطلقت في  اسرائيل: لدى الايرانيين 1.8 طن من اليورانيوم في مستوى تخصيب منخفض. اذا كان تخصيب اضافي على مستوى عال، فان الكمية  اعلى مما هو مطلوب لانتاج قنبلة واحدة. وتقدر الاستخبارات الامريكية بأنه لم يتقرر بعد في طهران انتاج المزيد من اطنان مثل هذه ا لمادة من اجل الحصول في لحظة واحدة على "قدرة تنفيذية أولية"، مثل أربعة او ستة صواريخ تحمل رؤوسا متفجرة، نووية تنصب في مواضع خفية مختلفة. اذا تقلص المبرر للهجوم على النووي الايراني الى برهان قانوني على أن الحافة النووية قد اجتيزت، فانه سيتعين على نتنياهو ان ينتظر.

مبرر آخر، لا يكفي، هو العداء السائد بين اسرائيل وايران في جبهة الارهاب. ايران تهاجم اسرائيل دون انقطاع من خلال حزب الله، حماس ومنظمات أخرى، يمولها يدربها ويشرف عليها حراس الثورة وأجهزة العمليات في خارج البلاد في الاستخبارات الايرانية. اسرائيل لا تكتفي بموقف سلبي من الهجمات الايرانية. اذا كانت الموساد بالفعل اغتالت محمد المبحوح في دبي، فان الدافع لذلك هو لا بد حاضره وليس دوره في الماضي في العلاقات الايرانية – الحماسية او مسؤوليته عن قتل الجنديين ايلان سعدون وآفي سسبورتس.

•القدرة. نتنياهو سيكون بحاجة الى تصريح لا لبس فيه من جهاز الامن في انه توجد قدرة عسكرية لضرب الاهداف وتحقيق الغاية المقربة، بالاحرى بتعابير نسبية: ضرر ترميمه يستغرق سنوات، خلافا لابادة لا قيامة بعدها.

المستشارون المركزيون الاربعة للقيادة السياسية سيكونون رئيس الاركان غابي اشكنازي، نائبه بني غينتس، رئيس شعبة الاستخبارات عاموس يدلين وقائد سلاح الجو عيدو نحشوتان. ولن يكون مفاجئا اذا ما سئل الرأي نصف دزينة من كبار الضباط المتقاعدين ممن شغلوا في السنوات الاخيرة مثابة مجموعة رقابة قبل القرارات الحاسمة. كما يمكن ان يسمع ايضا صوت ضباط كانوا ضالعين في هذه  المسألة في السنوات الاخيرة، بحكم ناصبهم: نائب رئيس الاركان السابق دان هرئيل، رئيس دائرة العمليات حتى وقت اخير مضى العميد أفيف كوخافي والعميد نمرود شيفر من سلاح الجو، الذي كان رئيس دائرة التخطيط في هيئة الاركان وبعد ذلك رئيس سرب جوي.

من المعقول الا يكون رد الجيش الاسرائيلي على سؤال يعرض عليه تبسيطيا. فالضباط كفيلون بأن يقولوا بأن التنفيذ ممكن ولكن لن يتحقق فيه سوى معدل ما من النجاح؛ أو ان النجاح سيكون أقصى، ولكن لم تستكمل بعد الاستعدادات للتصعيد الذي من شأنه أن يقع في ساحات أخرى – سوريا، حزب الله، حماس وربما ايضا في الضفة الغربية. مواقف لابسي البزات محظورة النشر، ولكن من وجهات نظر زملائهم الذين اعتزلوا الجيش الاسرائيلي يمكن الاستنتاج بأنه لا يوجد توافق في الاراء، لا في التقدير ولا في التوصية. بين قادة سلاح الجو، مثلا، كان اليعزر شكدي كفاحيا في السياق الايراني اكثر من دان حالوتس.

رجال أمن مجربون يعرفون انه في حملات خاصة، مثل اغتيال المبحوح (اذا ما كانت اسرائيل هي التي نفذته)، لا تعكس بالضرورة قدرة الجيش والامة في الحرب. القدرة على الهجوم المفاجىء لا تدل على قدرة دفاع وامتصاص. اسرائيل، التي اغتالت نشطاء الايلول الاسود في اوروبا في 1973، لم تستعد كما ينبغي لحرب يوم الغفران. الوثيقة الاجمالية لاشكنازي ومرؤوسيه، والتي ستوضع على طاولة حكومة اسرائيل يمكن ان تقرأ بطريقتين: "ها أنا، ارسلني"، ولكن ايضا "الى: القاضي... رئيس لجنة التحقيق الرسمية في حرب...".

•التأييد الداخلي. نتنياهو – قال هذا الاسبوع احد خصومه السياسيين بشماتة ظاهرة، مخلوطة بالتمنيات – ينزف. رغم الاستطلاعات. حقيقة ان معظم الايدي التي ترفع في صالحه في الحكومة وفي الكنيست تمنع الانهيار، ولكنها لا تكفي للاقلاع فبعد قصص سارة أحبطت ارادته لتعيين احد مقربيه رئيسا لمجلس مدراء بنك لئومي. لا توجد له هيبة. دون قدر معين القدرة السياسية، الزعامة الأمنية والصلاحية الاخلاقية، لا يمكن الخروج بالدولة الى حرب مبادر اليها.

•موافقة خارجية. الجنرال تشلتون، الى جانب قائد المنطقة الوسطى الامريكية، الجنرال ديفيد بتراوس، ورئيس هيئات الاركان، ادميرال مايكل ملان، الذي التقى اشكنازي الاسبوع الماضي في بروكسل، يؤثرون على اوباما، ولكنهم منصتون لسياسته. في رأس اهتمامات الرئيس يوجد استقرار الاقتصاد، قطع الارتباط بالعراق، نجاعة الحرب في افغانستان وتبديد التوترات مع الصين وروسيا، وذلك ايضا في صالح تشديد الطوق حول ايران. الجيش الامريكي وصف ايران وكوريا الشمالية "بالمعتدين الاقليميين". المواجهة مع واحدة منهما مع الافضلية لايران تقترب ولكنها لا تزال قابلة للمنع.

الناطق بلسان مجلس الامن القومي في ادارة اوباما مايك هامر، وصف في  الشهر الماضي الانتقال من الحوار مع طهران الى العقوبات ضدها بأنه "قناة الضغط". 2009 كان عام العلاقات العامة. 2010 هو عام الضغط. السحق الذي يأتي بعد الضغط لن يأتي قبل السنة القادمة. بتراوس في حديثه عن العراق وافغانستان ذكر مؤخرا الفارق بين "زمن واشنطن" و "زمن بغداد". كما ان التحول النووي الايراني يجري حسب توقيت طهران، ولكن أوباما ينظر الى ساعة واشنطن ويرى فيها الانتخابات للكونغرس في تشرين الثاني. كان للجيش الامريكي، الذي احترق في كوريا وفي فيتنام، قاعدة ذات مرة – "عدم التورط في حرب برية في آسيا". الرئيسان من عائلة بوش اللذان شنا حربين ضد العراق في 1991 وفي 2003، علما اوباما قاعدة أخرى – عدم التورط في حرب في الخليج الفارسي قبل انتخابات منتصف الولاية. في فترة الانتظار، الى ان يأتي 2011، يمكن لاسرائيل ان تعمق قدرتها الاستخبارية، تحسن قوتها العسكرية ومن الافضل ايضا ان تضع على رأسها قيادة سياسية يمكن الثقة بها.