خبر خطة الاهانة.. هآرتس

الساعة 09:41 ص|05 فبراير 2010

بقلم: ألوف بن

قبل نحو ثلاثة أسابيع نشرت "نيويورك تايمز" قائمة المواقع السياحية التي توصي بها للعام 2010. في المكان السابع ظهرت دمشق وتساءل الكاتب اذا كانت عاصمة سوريا هي "مراكش الجديدة". وروى أنه في المدينة القديمة من دمشق تتحول المباني الى فنادق في محاولة لمحاكاة المدينة في المغرب. العروض لا بأس بها: فندق "اولد واين"، تسع غرف في مبنى من القرن السابع عشر، مسافة دقيقتين سيرا على الاقدام من المسجد الكبير للخلفاء الامويين، يعرض غرفة بـ 140 يورو لليلة اقل منه في ايلات.

صعود دمشق على خريطة السياحة الامريكية والتعيين القريب لسفير امريكي جديد في سوريا يدلان على تقارب متجدد بين نظام بشار الاسد والولايات المتحدة، بعد سنوات من القطيعة والتوتر الشديد. في مقابلة مع "نيو يوركر"، روى الاسد بانه استأنف التعاون الاستخباري مع الولايات المتحدة ومع بريطانيا ضد الارهاب. المبعوث جورج ميتشيل نقل له طلبا من الرئيس براك اوباما لتقديم مساعدة استخبارية، والزعيم السوري استجاب؛ المقابل الفوري كان بيانا عن اعادة السفير الامريكي. كل هذه المؤشرات تدل على أن الاسد يسعى الى توثيق العلاقات مع امريكا دون ان يضطر "للمرور عبر القدس"، ودون ان يتنازل عن الحلف الاستراتيجي مع ايران. وقد نجح في أن يصر على موقفه امام الامريكيين دون أن يدفع أي ثمن، ودون أن يكون مطالبا بمصافحة اسرائيلية او تلطيف لحدة مواقفه في المسيرة السلمية. بالعكس، الاسد قال لمراسل "نيو يوركر" سيمور هيرش بان التعاون الاستخباري سيكون منوطا "بالتقدم السياسي".

في الاشهر الاخيرة، بدا كل شيء هادئا على جانبي "ستار البازيلت" في الجولان: سوريا واسرائيل تبادلتا رسائل غير ملزمة عن رغبتهما بالسلام، وفي الحدود حوفظ على الهدوء والوضع الراهن يبدو مريحا ومستقرا كما كان دوما. اسرائيل لا تريد الانسحاب من الجولان، وسوريا لا تريد المخاطرة بحرب وتفضل تطوير فنادقها الصغيرة. الاسرة الدولية تهتم بالفلسطينيين، الذين يتمتعون برأي عام مؤيد في الغرب، ويتجاهل القناة السورية. ليس للسوريين اصدقاء في الحرم الجامعي وفي منظمات حقوق الانسان ليتظاهروا من اجل "تحرير الجولان من الاحتلال الاسرائيلي".

وفجأة اندلعت أزمة: سياسيون سوريون واسرائيليون تبادلوا رسائل علنية عن حرب وصعدوا التهديدات. وزير الدفاع حذر من انه اذا لم يتحقق سلام مع سوريا، فستتورط اسرائيل في حرب لا داعي لها؛ وزير الخارجية السوري هدد بان مدن اسرائيل ستتضرر؛ نظيره الاسرائيلي هدد معقبا باسقاط نظام "الاسد وعائلته". رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول على عادته ارضاء وزيريه الكبيرين ونشر بيانا فاترا – أيضا "وجهة اسرائيل نحو السلام دون شروط مسبقة" (في صالح ايهود باراك) وكذا "اسرائيل سترد بتصميم وبحزم على كل تهديد لها" (في صالح افيغدور ليبرمان). اما وزراء الحكومة فقد أمروا بالسكوت.

الذاكرة التاريخية مقلقة. حرب الايام الستة اندلعت بعد أن هدد رئيس الاركان في حينه اسحق رابين بضرب  النظام السوري بسبب تأييد دعمه للاعمال التخريبية لفتح. تهديد أقل علانية وأكثر تركيزا من رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية – أهرون يريف، على مسمع من الملحقين العسكريين الاجانب اضرموا النار على ما يبدو في التدهور الذي أدى الى الحرب.

تصريحات ليبرمان أمس بدت كتكرار لتلك الفترة الخطيرة. فقد خرقت المبدأ الذي فرضه جهاز الامن بعناية في السنوات الاخيرة ويقضي بانه محظور اغضاب الاسد واهانته. تهديد ليبرمان باسقاط النظام يأتي في خلاف تام مع سياسة عدم الاهانة.

ولكن لا حاجة الى الابتعاد الى الوراء كثيرا، كي نشخص بان الهدوء الامني الذي تتمتع به اسرائيل في السنة الماضية آخذ في الاهتزاز. يكفي أن نحصي احداث الاسبوع الاخير: تصفية كبير حماس في دبي والتي نسبت الى اسرائيل؛ هجوم البراميل المتفجرة في شواطىء الجنوب؛ اطلاق الصاروخ الايراني الى الفضاء؛ وتبادل التهديدات مع سوريا. في جهاز الامن يحذرون من توتر موسمي في الشمال، قبيل يوم الذكرى السنوية لاغتيال مغنية.

يمكن أن نرى في كل هذه الاحداث تطورات عادية في الحرب الباردة التي تديرها اسرائيل ضد ايران وسوريا، بادوات معروفة من صراعات القوى العظمى – سباق التسلح، النشاطات السرية وكسب الحلفاء. ولكن التجربة في الشرق الاوسط تدل على أن الانتقال من الهدوء الى التوتر ومن التوتر الى الحرب يمكن ان يقع في رمشة عين. وعليه، مطلوب حذر زائد في أفعال، وكذا في اقوال زعماء الطرفين.