خبر تهجمات خطيرة.. هآرتس

الساعة 09:40 ص|05 فبراير 2010

بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف

نجح أفيغدور ليبرمان أمس في أن يظهر نائبه، داني ايالون، كسياسي واع ومسؤول. بالقياس الى التهجم غير مكبوح الجماح من جانب وزير الخارجية على سوريا، فان احتفال الاهانة التي نظمه نائبه لتركيا قبل بضعة اسابيع (والاعتذار المحرج في اعقابه) يبدو كشأن هامشي نسبيا. صحيح أننا خربنا العلاقات مع الشريك الاستراتيجي في تركيا باسم فكرة الكرامة الوطنية لاسرائيل بيتنا، ولكن تهجمات ليبرمان على الرئيس السوري بشار الاسد، اخطر بلا قياس.

في الشرق الاوسط سبق أن اندلعت حروب على اقل من هذا. ولا غرو أن شركاء ليبرمان في القيادة الاسرائيلية، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك، سارعا أمس الى محاولة تهدئة الخواطر.

في الجيش الاسرائيلي وجدوا صعوبة امس في هضم دوامة الايام الثلاثة الاخيرة. "هذا انعدام مجنون للمسؤولية"، قال ضباط وهزوا رؤوسهم يأسا في ضوء تصريحات ليبرمان، "فيما أنه على الارض لا يوجد أي اساس للتهديدات الحربية". بقدر ما هو معروف لا يوجد في هذه اللحظة معلومات استخبارية تشير الى نوايا مغرضة شاذة من دمشق، التي لا تبحث عن صدام مباشر مع اسرائيل. بالمقابل، يتعزز التعاون بين سوريا وحزب الله، في مجالات حساسة ايضا، باسناد ايراني، وطهران تشدد التوتر. الى جانب ذلك، يقترب يوم الذكرى السنوية (13 شباط) لاغتيال كبير حزب الله، عماد مغنية، وهو موعد معقول لعمل ثأري من جانب المنظمة اللبنانية. هذه السياقات تستدعي زيادة اليقظة الاستخبارية، وليس التصريحات الحربية. في هيئة الاركان وفي قيادة المنطقة الشمالية امتنعوا امس عن قصد عن رفع حالة التأهب، والتي قد تفسر بشكل مغلوط في الطرف الاخر.

السلوك الاسرائيلي، وبالاساس انعدام السيطرة الظاهرة من جانب نتنياهو على وزير خارجيته المنفلت يثير العجب بل والنفور، في واشنطن ايضا. ويمكن فقط ان نتخيل حرج المسؤول الدوري في وزارة الخارجية الامريكية الذي طلب منه أمس ان يشرح لمسؤوليه من اين ظهرت فجأة شبه حرب جديدة في المنطقة المتوترة على أي حال، وكيف يرتبط كل هذا، او لا يرتبط، مع لائحة الاتهام المقتربة ضد وزير الخارجية الاسرائيلي.

التصعيد الحالي في التصريحات ولد في اقوال اطلقها وزير الدفاع أمام طاقم القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي، يوم الاثنين من هذا الاسبوع. فقد ادعى الوزير هناك بانه بدون تسوية سياسية قد تنشب حرب مع سوريا، ولكن يمكن تصديق باراك الذي مثل رئيس الاركان غابي اشكنازي يروج منذ فترة طويلة لاستئناف المفاوضات ، بان تصريحاته كانت موجهة اساس لاذان اسرائيلية. الرد الفظ من جانب الاسد يدل على ما يبدو على مستوى الضغط في دمشق، بتأثير طهران. يمكن لهذا ان ينتهي هكذا لولا ان ليبرمان اختار ان يضيف المزيد من الزيت الى الشعلة بالهجوم على عائلة الرئيس السوري.

عمليا، يأخذ الدبلوماسيون الاجانب الذين زاروا دمشق مؤخرا الانطباع بان السوريين معنيون باتفاق سلام مع اسرائيل، في اطاره يستعيدون الجولان بأسره. في شعبة الاستخبارات يقدرون بان ليس لسوريا حلف دم مع ايران بل شراكة مصالح مؤقتة يجب فحص ضعفها من خلال المفاوضات مع اسرائيل ناهيك عن انه لا يوجد ارتباط ديني وتاريخي بين نظام آيات الله والحكم العلوي، وكذا الضائقة الاقتصادية العسيرة في سوريا كفيلة بان تشجعها على التوجه الى طريق المفاوضات (رئيس الموساد، مئير دغان، هو الوحيد في القيادة الامنية الذي يختلف مع هذا الموقف).

ولكن السوريين يشككون بمدى رغبة اسرائيل في اتفاق سلام معهم. ترددات نتنياهو، الى جانب المعارضة القاطعة من ليبرمان لاتفاق يترافق واعادة الجولان، تخوفهم. في السنتين الاخيرتين حطم السوريون العزلة الدبلوماسية حولهم. دول الاتحاد الاوروبي عادوا للحديث معهم، رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، جاء لمحادثات مصالحة في دمشق رغم التقدير بان الاسد مسؤول عن اغتيال والده بل والولايات المتحدة باتت مستعدة للعودة لتنصيب سفير لها في سوريا.

دون تدخل وضغط امريكي، ليس للاسد ما يدعوه الى الموافقة على الشروع في مفاوضات دون شروط مسبقة مع اسرائيل. وفيما هو يعرض خطا متصلبا في مسألة المسيرة السياسية، فانه يحاول اظهار التصميم والتصلب حيال اسرائيل وذلك ايضا كي يوضح بان مسلسل الاهانات التي تلقاها في السنوات الاخيرة – من قصف المفاعل النووي حتى تصفية مغنية والجنرال السوري محمد سليمان – لا يمكن ان تستأنف دون رد شديد من جانبه.