خبر دولة واحدة، دولتان، انتفاضة ثالثة؟.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:36 ص|05 فبراير 2010

بقلم: دان مرغليت

هناك وجهتا نظر طرحتا من خلال صحيفة "هآرتس" على لسان حاييم غوري ومايرون بنفنستي قد اوغلتا لدرجة التلامس مع فلسفة اليمين على طراز اوري التسور في صحيفة "نيكودا" ومفادها ان اسرائيل الغربية ليست قابلة للتقسيم في اطار "الدولتين للشعبين". فكرة التقسيم قد اجتازت نقطة اللاعودة.

بنفنستي يطرح وجهة النظر هذه منذ سنوات طويلة ويؤيد الدولة ثنائية القومية وفقا لنموذج يمكنه ان يستديم لمدة من الزمن حسب تقديره. غوري توصل لاستنتاج مشابه في مقالة كتبت بمرور مائة عام على ميلاد نتان الترمان. الشاعران وقعا في عام 1967 على عريضة مؤيدة لارض اسرائيل الكاملة وغوري يسعى بواسطة الترمان للتوضيح بأن ذلك الموقف قد رمى الى خدمة ابناء الشعبين. يبدو ان غوري قد ندم وهو يأمل بأن الترمان كان لينضم اليه لولا انه مات قبل 40 عاما.

الا ان السياسة الشرق اوسطية موجودة في ساحة اخرى. سلام فياض من جهة وبنيامين نتنياهو وايهود باراك من جهة اخرى، يسعيان لحث استئناف المفاوضات من اجل احباط اندلاع الانتفاضة الثالثة، الا ان رئيس الوزراء الفلسطيني اضاف المصاعب واوغل كثيرا. عندما ظهر فياض امام مؤتمر هرتسليا قال بأنه ان لم يتم التوصل الى اتفاق خلال عامين – فستقام الدولة الفلسطينية بصورة احادية الجانب بيهودا والسامرة وهنا ستكون سيادة وتزيل المستوطنات.

الى ان سلام فياض لا يدرك بأن اسرائيل هي خريجة اكاديمية الانسحاب الخاطىء احادي الجانب تحت اسم غوش قطيف ولن تكرر مثل هذه الخطوة من دون اتفاق في يهودا والسامرة.

وفقا لذلك ستبقى الكتل الاستيطانية هناك لابد الابدين الا ان حسمت بحد السيف وحتى ان كانت هناك سيادة فلسطينية – فليس هناك مبرر من عدم امكانية وجود كيان يهودي داخلها. تصريحاته حول فلسطين احادية الجانب تقترب من اضغاث الاحلام.

من هنا يسعى الجانبان الى الاتفاق ويضعان الشروط امام المفاوضات. ولكن هل من الممكن ان يكون الجانبان مخطئين في كونهما يتحاوران حول شروط بدء المفاوضات لاقامة دولتين لشعبين في الوقت الذي يعرفان فيه ان وقت هذه المفاوضات قد ولى وقد عفى عليها الزمن؟ وانه ليس هناك كائن سياسي كهذا؟ وانهم قد فوتوا قطارهم؟ وان كانوا مدركين لذلك – فلماذا يتحاورون حول هذه النقطة؟

من المحتمل ان يكون هناك تفسيرا واحدا فقط. كلاهما يريدان الوصول الى اللامكان. الطريق الى اللامكان تقود الى صراعات وهمية حول اهداف المفاوضات غير القائمة.

ولكن حتى ان تمخضت المفاوضات عن الجدوى فيبدو بصورة صارخة ان اسرائيل والفلسطينيين لم يعدوا انفسهم لنتائج هذه المفاوضات التي يقوم نتنياهو انها ستستأنف قريبا. لو ان نتنياهو وحكومته قدروا اللاحتمالية لعقد تسوية مع السلطة الفلسطينية وحماس وان السيطرة على البلاد من النهر الى البحر ليست مسألة عابرة في العقود القادمة – لعملوا على زيادة عدد الشعب اليهودي.

هناك في البلاد مئات آلاف الاجانب. وفي العالم ملايين الحيارى. لو أن منظومة التهويد قد فعلت بصورة مكثفة لاستوعبت مليون اجنبي في صفوف الشعب اليهودي في العقد القادم ولكان من الممكن تدارس السيطرة على كل البلاد كدولة واحدة لشعبين. الا ان امرا لم يحدث في هذا المضمار بل على العكس العلمانيون واصحاب القبعات المسروجة يتقهقرون في مواجهة الحاخامية الظلامية التي لا تتحمل عبء الامن القومي.

ابو مازن وفياض يتحركان في واقع غير واقعي. فياض وصل الى هرتسليا من دون ان يدرك كما اسلفنا انه ان قامت فلسطيني عموما فسيكون ذلك مشروطا بالحصول على موافقة عربية على بقاء الجزء الاستيطاني داخل سيادة تلك الدولة.

من هذه الناحية يتحرك الجانبان وكأنهما لا يؤمنان بقدرتهما على الاتفاق حول حل واحد او آخر. وكأنهما يدركان ان ما تبقى لهما هو "ادارة الازمات" وليس حلها. هذا يبث رياحا مستطيرة سيئة تتسم باللامبالاة واليأس في مقاهي رعنانا ورام الله.