خبر صوت الحكمة- هآرتس

الساعة 11:03 ص|04 فبراير 2010

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: توجيه اسرائيل ضربة الى ايران سيحفز ايران على تطوير سلاح ذري وان لم تشأ ذلك الان - المصدر).

في لج غسل الادمغة، والتخويفات والكليشيهات يحسن من آن لآخر ان نصغي الى صوت آخر، صوت الحكمة، صوت يدعو من الخارج، عارف مثل "الخبراء" الاسرائيليين على الاقل بالشؤون الامنية عامة وبايران خاصة. كهذا كان صوت الدبلوماسي الاوروبي الرفيع الذي عمل مدة خمس سنين سفيرا لبلده في طهران وكان ضيفا هذا الاسبوع في اسرائيل.

        في بيت سفير بلده في اسرائيل، على عشاء، بسط الرجل الذي يوشك الان ان يعين سفيرا في المانيا وما زال يزور ايران حتى بعد ان انهى عمله فيها في 2004، بسط تصوره عن الدولة التي لبلده بها علاقات واسعة متشعبة.

        الرسالة الرئيسة واضحة حادة كحد السيف: يجب ألا تهاجم اسرائيل ايران لان هذا سيسبب الضرر فقط. اذا كان يوجد شيء يقرب الايرانيين من القنبلة فسيكون الهجوم الاسرائيلي الذي يبدو انه أخذ يقترب. الدبلوماسي الاوروبي على قناعة من أن ايران لا تنوي انتاج قنبلة ذرية، بل ان تسير فوق الهاوية وان تعد نفسها فقط لامكان تطويرها. اصبحت هذه المسألة مسألة كرامة وطنية في ايران.

        وهو يعلم انه يوجد ايضا امكان آخر وهو ان ايران متجهة الى قنبلة، ويدرك انه لا ضمان عنده ان يكون الامر مختلفا، لكنه مقتنع مع ذلك كله بالكلية ان ايران لن تفعل ذلك. لكن الهجوم الاسرائيلي، في مقابلة ذلك، الذي يعوق في تقديره امكان تطوير القنبلة سنتين فقط، سيستحث الايرانيين على تطويرها. يعلمون في طهران ان الولايات المتحدة ما كانت لتجرؤ على غزو العراق وافغانستان لو انهما كانتا مسلحتين بسلاح ذري؛ وهم على قناعة هناك ان نفس الحكم ينطبق على بلدهم ايضا، ولهذا فالطريق للحفاظ على نظام الحكم اذا شعر هذا بأنه مهدد هو تطوير قنبلة. التهديد بالهجوم سيدفعهم فقط نحو الذرة.

        ان هجوما اسرائيليا على ايران سيوحد الشعب الايراني حول نظام الحكم كما يقول الرجل. ان عدو اسرائيل اليوم هو نظام الحكم فقط لا الشعب. فالشعب الايراني مشغول بمشكلات أخر لا بالمشكلة الفلسطينية او بمسألة وجود اسرائيل او عدم وجودها. ان الانتخابات الاخيرة، التي يعتقد الدبلوماسي ان نتائجها قد زورت، أظهرت في رأيه صدوعا واسعة في التأييد العام لنظام محمود احمدي نجاد. ينبغي ألا يتدخل الغرب الان فيما يجري في ايران في الداخل، يحذر، لان كل تدخل كهذا سيوحد الصفوف فقط ويهدم المعارضة التي ما زالت لم تقل كلمتها الاخيرة. يجب ترك مسارات الدسائس تتم عملها وعدم التدخل البتة.

        ما سيكون أخطر من التدخل هو هجوم اسرائيلي يسقط بمرة واحدة المعارضة ويوحد الشعب وراء نظام الحكم. فكما في كل دولة اخرى، يفضي كل اذلال عسكري الى تأييد تام للحاكم.

        منذ تولى احمدي نجاد الرئاسة، زاد نظام الحكم في ايران تدخله جدا في الحياة اليومية. وكذلك بدل احمدي نجاد جميع موظفي البيروقراطية الحكومية وأحل رجاله محلهم، من أناس الضواحي والقرى، وقبضته على الجهاز أقوى مما كانت دائما، وهو شيء من المحقق انه يثير معارضة شديدة. ينبغي ان نتذكر ان الايرانيين قد برهنوا على أنهم يستطيعون التحرر من نظام حكم ديكتاتوري. النساء قوة صاعدة في المجتمع وربما تأتي النظرية منهن. قال الدبلوماسي بالفرنسية ابحث عن المرأة.

        ماذا نفعل اذن؟ يقول الرجل انه توج اوضاع ينبغي عدم فعل شيء فيها. فكل خيار آخر أسوأ وأخطر كثيرا. ماذا نفعل اذن، يستطيع المستمع الاسرائيلي ان يسأل نفسه وأن يجيب: نصنع سلاما مع سورية ومع الفلسطينيين لاضعاف تهديدات ايران. لقد قال مسؤولون ايرانيون كبار في الماضي ان كل سلام بين اسرائيل والفلسطينيين سيقبلونه وهكذا سيسحب البساط من تحت تهديدات الابادة.

        هل تستطيع اسرائيل المتحمسة، المسارعة أحيانا الى الهجوم، والتي لغتها عنيفة على نحو عام، والتي تؤمن اكثر من كل شيء بالحلول العسكرية للضربة الخاطفة، هل تستطيع ان تكون مصغية لهذه النصائح الحكيمة؟ اشك كثيرا. فالسلام لا يصنع، لانه لماذا نفعل وما الذي يستحثنا، وحملة بث المخاوف في اسرائيل والقاء الرعب على العالم تخدم النظام ها هنا جيدا. فهي تنسي أزمات أخر وتعفي اسرائيل من الحاجة الى شغل نفسها بغولدستون وبالاحتلال وبسائر الاشياء. اذن مرحى للهجوم يا بيبي وليحفظنا الله.