خبر شعث: اللقاء مع حماس « إيجابي »

الساعة 07:58 ص|04 فبراير 2010

فلسطين اليوم-وفا

وصل أمس الأربعاء الدكتور نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إلى مدينة غزة، وأجرى عدة لقاءات مع عدد من قيادات وكوادر حركة فتح ومختلف الفصائل بما فيها حماس والجبهة الشعبية.

 

واجتمع د. شعث في لقاءات منفصلة مع النائب في المجلس التشريعي عن حماس خليل الحية والناطق باسم الحركة أيمن طه.

 

كما التقى شعث (72 عاماً) الذي يشغل منصب مفوض العلاقات الدولية للحركة، بعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية جميل المجدلاوي وعدد آخر من الوجهاء والشخصيات الوطنية والمستقلة.

 

مراسل وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية 'وفا' في غزة التقى شعث مساء أمس في مقر إقامته بغزة وكان معه الحوار التالي:

 

_ هل لك أن تصف لنا لحظة وصولك غزة؟ وما هو السبب الحقيقي وراء هذه الزيارة؟

 

وصلت غزة، وجدت أخوة من قادة فتح في انتظاري على رأسهم الأخ عبد الله أبو سمهدانة ومسؤولي الأقاليم ووجهاء وشخصيات اجتماعية ومستقلة، توجهت إلى الفندق التقيت فوراً مع الأخوة في التعبئة والتنظيم وبعض القيادات الفتحاوية، وشرحت لهم أهداف زيارتي التي كلفني بها الرئيس محمود عباس والمتمثلة في إنهاء القطيعة وإذابة الجليد، فالرئيس قال لنا 'أنزلوا إلى غزة لتنهوا القطيعة وتفتحوا الأبواب وتعيدوا الثقة وتخلقوا الأمل'، هذا هو سبب زيارتي.

* هل هذا يعني أن مفاوضات حول الورقة المصرية مع حماس غير واردة في زيارتك؟

 

أنا لم آت للتفاوض ولا مجال للتفاوض حول نصوص الورقة المصرية لكنني أتيت لكسر الجليد وتحقيق مطلب الرئيس عباس بالتواصل والالتقاء مع الجميع في غزة لنخلق أملاً، لا أحمل عصا سحرية للحل وأنا غير مُخول بالتفاوض.

 

 

*بمن التقيتم؟ وماذا ناقشتم؟

 

 

التقينا مع شخصيات من كافة قيادات الفصائل بمن فيهم حماس والمستقلين ورجال أعمال، خضنا نقاشات مطولة، تحدثنا عن تعزيز أدوات صمود شعبنا وموقف قيادة فتح من النضال الشعبي ورفض الانصياع لأي مفاوضات عبثية في ظل الحصار واستمرار الاستيطان والجدار، وأكدنا أن هذا الموقف الصامد هو موقف نبني عليه في الأيام القادمة، وشددنا في لقاءاتنا على ضرورة تحقيق الوحدة انطلاقاً من توقيع حماس على الورقة المصرية وتنفيذها فوراً، مع التأكيد على التزام فتح بهذه الورقة وتنفيذها وخلق روح المشاركة والتشكيل جبهة واحدة طالما أننا في مرحلة تحرر وطني.

 

وتم مناقشة دور حركة فتح في التصدي وإنهاء الحصار وصرخة للعالم لكي يقف جانب غزة وهنا نؤيد ونحيي كل المتضامنين الدوليين الذين يأتون للتضامن مع غزة.

 

 

_ بمن التقيت من حماس وماذا تمخض عن اللقاء؟

 

التقيت بالأخ خليل الحية وأيمن طه حيث وصلا للترحيب بقدومي وتهنئتي على الوصل لكن الجلسة امتدت للحديث عن زيارتي والخطوات الكفيلة بتحقيق الوحدة الوطنية، أكدنا على التزام فتح بالوحدة الوطنية وانهاء الانقسام والعمل مع كافة الأطراف لتحقيق حوار وطني شامل على أساس الورقة المصرية كنقطة انطلاق سيعقبها إجراءات تنفيذ.... وتحدثت معهم حول ما يواجهه أبناء حركة فتح من اختطاف ومنع من السفر وما إلى ذلك.

 

_ وماذا كان ردهم؟

 

وجدت فيهم روح ايجابية دون تفاصيل عملية لكن بشكل عام كان اللقاء إيجابي.

 

_ هل ترى أن هناك مخرجاً لإنهاء الانقسام؟

 

برعاية مصرية قمنا بمفاوضات تفصيلية، وصلنا من خلالها للورقة المصرية وقعنا عليها، ونحترم توقيعنا بالطبع وما زلنا مصرين عليه ولن نتراجع عنه، والآن المطلوب هو مساعدة حماس في أن تقتنع أنها يجب أن توقع، بالإقناع، والتأكيد أن التوقيع ليس في مصلحة طرف معين، بل في مصلحة الجميع وفي مصلحة حماس نفسها، والتأكيد على الثقة المتبادلة وعلى أنه بعد التوقيع يجب الحفاظ على توافق وتفاهم، وعدم التهديد بأن هدف الانتخابات هو للقضاء على حماس، نحن نريد الانتخابات لأنها طريق للشرعية، لكن أيضا سنُبقي على باب الشراكة مفتوحاً.... وهذا ما أبلغته لخليل الحية وهو رجل صريح وأعتقد أن في قلبه قناعة بضرورة العودة إلى الوحدة، أما تفاوض فهذه قضية انتهت، والمطلوب الآن هو التوقيع على الورقة والتوجه لتنفيذها فوراً، والتنفيذ بحاجة لعمل كثير.... وناقشنا بعض الأساليب التي من الممكن أن نشجعهم فيها على التوقيع، والورقة لن نفتحها للتفاوض ولا مصر ستوافق على فتحها ولن نطلب من مصر ذلك لأن تلك الخطوة لن تؤدي إلى نتيجة... نحاول أن نقنع حماس بذلك وهو أننا لا نقول ذلك لنضعهم في خانة اليك، بل لأن المصلحة الوطنية تريد ذلك، ونحن نطالب بالانتخابات ليس كتهديد بل عودة للشرعية وعودتها هو طريقة لتكريس المشاركة والتعاون وليس قضية غالب ومغلوب.

 

 

 

_ فيما يتعلق بالانقسام وبصفتك مفوض العلاقات الخارجية في الحركة، لأي مدى أضر الانقسام بالقضية، بمنظمة التحرير وحركة فتح؟

 

الانشقاق الفلسطيني- الفلسطيني والقسمة بين غزة والضفة أضرت بنا بشكل قوي ومؤلم، أضرب بسمعة منظمة التحرير وحركة فتح، فمنذ الانقلاب وصاعداً نعاني من العتب أو من أولئك الذين اقتنصوها فرصة ليتخلوا عن مسؤولياتهم، إضافة إلى ذلك المد الإسلامي في الجاليات العربية والإسلامية والفلسطينية، وهذه تأثرت بحماس ودعايتها وبعضها اعتبرنا مستسلمين، غير مناضلين وتخلينا عن المقاومة، واستخدمت في ذلك الكثير من الأمور ونحن عدنا للمفاوضات دون فائدة أضف إلى ذلك فشل عملية السلام هذه القضية ايضاً أضرت بنا كثيراً.

 

_ حتى الآن؟ حتى بعد رفض الرئيس استئناف المفاوضات؟

 

الآن الوضع تغير، هناك موقف صلب من القيادة الفتحاوية والرئيس أبو مازن، موقف ضد الاستيطان والحصار والجدار ورفض مفاوضات لا تستند إلى وقف الاستيطان بشكل كامل على الأرض ووقف الإجراءات الأخرى التي من شأنها تعميق الاحتلال.

 

لكن في المقابل فغزة في وضع صعب، لم يعد هناك مقاومة من غزة، ولا احد يستطيع أن يدعي أنني مستسلم وهو مقاوم، العكس صحيح، فالمقاومة الشعبية تتضاعف في الضفة الغربية وصمودنا أمام الضغط الأمريكي مفيد جداً، وبعد خروجنا من المؤتمر السادس بعافية أكبر وأفضل أعتقد أن دورنا اعادة سمعة حركة فتح ووجهها النضالي سيعطي فرصة للتحرك بشكل أكبر والبرنامج السياسي لحركة فتح كان واضحاً.

 

 _ من خلال تحركك العربي والدولي، هل هناك أمل بإنهاء الحصار؟

 

الوحدة الوطنية كفيلة بإنهاء الحصار، بدون وحدة وطنية فلسطينية لا أمل بإنهاء الحصار... حتى فيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، فبعد الحرب الإسرائيلية الإجرامية العام الماضي على غزة، إسرائيل تراجعت عن وعودها بإنهاء الحصار، فهي اعتادت القول انه إذا توقف العنف من غزة سنفتح المعابر وها قد توقف العنف ولم تفتح المعابر، وقالت إذا أفرجتم عن شاليط سنفتح المعابر لكن الآن نتنياهو يقول إذا أُفرج عن شاليط سندفع ثمنه اسري.

 

والشعب الفلسطيني وخصوصاً في غزة هو الذي يدفع ثمن الحصار، وهذا ينسحب أيضاً على المفاوضات، فلا مفاوضات جادة بدون وحدة وطنية، ولا كفاح مسلح جاد بدون وحدة وطنية، ومن غير الوحدة لا يوجد فلسطين لا سلماً ولا حرباً، واذكر أنه عندما قابل أبا مازن أولمرت أعلنها الأخير بصراحة أنه لن ينسحب من شبر من الضفة الغربية قبل سيطرة أبي مازن على غزة، فرد أبو مازن أن هناك حديث جاد عن المصالحة فقال أولمرت أن الصلح ممنوع، بمعنى أن الانقسام أصبح ذريعة لعدم المضي قدماً في أي قضية من القضايا، لقد ضعف وزننا الدولي، ضعف على المستوى الدولي والعربي، ضعفت قوتنا على التأثير، والأمَر من ذلك هو البديل الآخر وهو تعميق الانقسام، هل يعني ذلك أن نتحول إلى باكستان وبنغلادش؟ لا مفر من الانقسام وتوابعه الا بالوحدة الوطنية.

 

_ ألا يوجد رؤية او ضغوط عربية لإقناع حماس بالتوقيع على الورقة المصرية؟

 

لا أؤمن بالضغوط العربية، صحيح أنني أؤمن وأفتخر بعروبتي، لكن العرب لا يفضلون أن يتدخلوا كثيراً في الأمور الداخلية، فهم لم يتدخلوا في قضية لبنان إلا بعد فوات الأوان، وغير قادرين على التدخل في العراق أو يساعدوا في قضية الصومال أو اليمن أو دارفور، صعب عليهم أن يتدخلوا في قضايا داخلية إلا إذا كان هناك قدرة على التدخل العسكري كما دخل الجيش السورى إلى لبنان وأنهى الحرب الأهلية، وهذا بالطبع غير وارد على الإطلاق، لذلك نحن مضطرون للاعتماد على أنفسنا.

 

_ واضح أن هناك حملة إسرائيلية وغير إسرائيلية للنيل من الرئيس عباس، ربما انتقاماً لثباته على موقفه بضرورة وقف الاستيطان قبل المفاوضات، كيف ترون ذلك وأين تكمن قوته؟

 

بالفعل هناك حملة للنيل من الرئيس عباس وليس آخرها تهديد شمعون بيرس للرئيس أن يكون مصيره كمصير الرئيس ياسر عرفات، لكن الرئيس ليس وحيداً في الميدان كما يظن البعض، فهو أقوى من ذي قبل، وتقييمات الرأي العام تشير إلى تصاعد تأييد الرئيس وارتفاع شعبيته، وقد ازداد هذا التأييد بصموده أمام الضغوط التي على كاهله وعدم تنازله عن الحقوق الفلسطينية، وقيادة حركة فتح كلها ملتفة حول الرئيس عباس، وهذا واضح عندما أعلن عن رغبته في عدم الترشح للانتخابات، لم يرشح نفسه أحد، هذا إشارة إلى التفاف قادة فتح حول الرئيس ودحض لكل محاولات التشكيك.

 

 

_ بماذا يتسلح الرئيس؟

 

يتسلح الرئيس بشعبه وبالقيادة من حوله وبقضيته العادلة وبثبات الموقف، ويتسلح أيضاً بالرفض العالمي للسياسات الإسرائيلية، لكن كل هذا لا يكفي لتحرير الأرض بيد أنه كافٍ للصمود، نحن صمدنا وصبرنا، وفي الأيام القادمة سنصمد ونصبر أكثر، وبالوحدة الوطنية والتحام الجهد الوطني سيكون الرئيس عباس أقوى، ومن الممكن أن نشهد تعديلاً في موازين القوى، في المواقف العربية والدولية، أما الآن فلا فرصة من المفاوضات ويجب أن نتسلح بالصمود، ومزيداً من القوة الداخلية التي تتحقق بالوحدة الوطنية.

 

_ ولماذا لا تتسلحون بالضغط الدولي؟ هل فقدتم الأمل في أوباما مثلاً بعد عام على جلوسه على كرسي الرئاسة؟

 

لقد تراجع الرئيس أوباما عن أقواله الشجاعة السابقة، ربما رأى أن مؤسسته غارقة بالتزامات ضد مصلحتنا، وربما وجد أولويات أخرى، لكنه في المحصلة تراجع عن وعوده الأولى وهذا جزء من ضروريات صمودنا، من الممكن أن ننجح في إقناعه مرة ثانية على أساس أن لا سلام في المنطقة بدون الحقوق الفلسطينية.

 

 _ داخلياً، هناك تذمر في أوساط الموظفين المدنيين والعسكر في غزة فيما يتعلق بهضم حقوقهم في الترقيات والعلاوات وما إلى ذلك، إلى متى سيبقى هذا الجمود؟

 

أرتكب الخطأ الأكبر حين طُلب منهم أن لا يمارسوا أعمالهم، (أو طردتهم حماس من عملهم) وكان هناك إضرابات عن العمل تبعها قضية قطع رواتب من يعملون مع حماس، واجهوا بعدها عقاباً جديداً بالحرمان من الترقيات والتعيينات الجديدة وهذه ظلم، لكن هذه القضية غير مجمدة الآن بل تشهد حراكاً واسعاً لدى قيادة حركة فتح وهناك اقتراحات عديدة للحل ومفتاح الحل هو التوقيع على المصالحة ليتسنى للناس العودة للعمل، فالتوقيع يفتح الأبواب لإجراءات كثيرة على  الأرض. والرئيس عباس مهتم بشكل كبير بهذه القضية، ويصب الآن جهداً غير طبيعي باتجاه غزة، فغزة هي جرحنا، ولا وطن بدون غزة ولا تحرير بدون وحدة وطنية، ولا وحدة حقيقية بدون حوار وطني شامل، وبدون هكذا حوار لن نصل لمصالحة فحتى الجلسات التي جلسناها في القاهرة، الجلستان الأولى والثانية حققت تقدماً لأن الحوار كان شاملاً، لا بين فصيلين، ولن يتحقق أي تقدم آخر إلى بحوار شامل بعد توقيع حماس على الورقة المصرية.

 

_ ماذا عن يوم غد؟

 

غداً (الخميس) سألتقي بأبناء تنظيم حركة فتح أمناء سر الأقاليم والمناطق وستنظم حماس مأدبة غداء يحضرها قيادات فتح في غزة وسأزور جامعة الأزهر وعزبة عبد ربه وعائلات الضحايا على رأسها عائلة السموني ونصب الجندي المجهول ومنزل الرئيس عرفات وأزور أخته خديجة.

 

_ فور وصولك لغزة قلت انك سعيد بوصولك هنا، لماذا لا تبقى في غزة؟

 

اشتقت لبحر غزة ولكل غزة ولا أستطيع البقاء لاعتبارات عديدة، من الممكن أن أعود في المستقبل، اليوم افتح باب للعودة لغزة ومن الممكن جداً أن أعود للسكن في غزة. لكن الآن وبحكم موقعي كمفوض العلاقات الخارجية لحركة فتح، يتطلب ذلك ديمومة الحركة والتنقل وهذا غر متاح في غزة، فعلى سبيل المثال بعد غزة سأتوجه إلى الإسكندرية للقاء قادة الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا وبعدها سأتوجه لأمريكا اللاتينية للقاء الرئيس هوغو تشافيز ورئيس البرازيل وغيرهم من قادة العالم، وهذا صعب تحقيقه من غزة.

 

_ لماذا تقيم في فندق، لماذا لا تقيم في بيتك؟

 

اشتقت لبيتي، وهذه قضية مؤلمة، بيتي نُسف ودُمر ونُهب وحُرق والآن هو عبارة عن أنقاض بيت وصعب على الإنسان أن يتقبل ذلك، لكن ذلك من الممكن أن أتجاوزها في يوم ما.