خبر شخصيات عربية بـ« هرتسيليا ».. « دعاية مجانية » لإسرائيل

الساعة 01:42 م|03 فبراير 2010

شخصيات عربية بـ"هرتسيليا".. "دعاية مجانية" لإسرائيل

افتكار البنداري

تنشيط الدبلوماسية الشعبية لإبراز الوجه "الإيجابي" لإسرائيل.. إبراز أنشطتها الإغاثية بالخارج.. تقديمها للعالم في صورة الضحية المحاصرة.. وإنشاء وزارة "للشرح والتفسير".. هي أبرز الاقتراحات التي ظهرت في مناقشات مؤتمر هرتسيليا للأمن القومي الإسرائيلي لتدشين حملة دعائية عالمية لتحسين صورة الدولة العبرية، والذي حظي بمشاركة شخصيات من دول عربية وإسلامية اُعتبر حضورها وسيلة "دعاية مجانية" لإسرائيل أمام وسائل الإعلام العالمية.

وفي اليوم الثالث للمؤتمر المنعقد ببلدة هرتسيليا الإسرائيلية، الثلاثاء 2-2-2010، وفي إطار هدف تحسين الصورة، شدد وزير الجيش الإسرائيلي، إيهود باراك، على ما قال إنه حرص إسرائيل على تحقيق السلام، الذي تقف حركة حماس "عقبة" في طريقه، فيما قال رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، في ذات المؤتمر إن الاستيطان والاحتلال هما العقبة الحقيقية أمام السلام.

ومشاركة فياض في الدورة العاشرة للمؤتمر، والتي تعد الأولى من نوعها لمسئول فلسطيني، تأتي ضمن عدة مشاركات لشخصيات من دول عربية وإسلامية أخرى، لم يتسنَ حتى ظهر الأربعاء معرفة أسمائهم جميعا، عدا فياض، والناشط الحقوقي السوري المعارض عمَّار عبد الحميد، مؤسس ومدير مركز الثروة للثقافة المدنية والديمقراطية، وهو مقيم في واشنطن (لم تتأكد مشاركته بشكل قاطع حيث يوجد اسمه في برنامج المؤتمر في حين نشرت وسائل إعلامية تصريحاً يعتذر فيه عن الحضور)، والكاتبة الإيرانية المعارضة المقيمة في الخارج رويا حكيكيان، بحسب ما جاء في جدول المتحدثين الذي نشره موقع المؤتمر على الإنترنت.

كما أشار الناطق بلسان المؤتمر، جيرمي رودن، في تصريحات لوسائل إعلام عربية إلى مشاركة مستشار الأمني الأردني السابق عبد الله طوقان.

وعد مراقبون هذه المشاركة من دول عربية وإسلامية "فرصة دعائية مجانية" لإسرائيل، حيث يشارك فياض في المؤتمر في ذات الوقت الذي تتزايد الاتهامات الدولية لإسرائيل بأنها المسئولة عن إعاقة عملية السلام لإصرارها على البناء في المستوطنات، كما تبدو استضافة المعارض السوري والمعارضة الإيرانية إشارة لكون إسرائيل هي "الأكثر ديمقراطية" بين دول الشرق الأوسط؛ حيث تحتضن مثل "هذين الفارين من الاضطهاد والديكتاتورية" في بلديهما المناوئين لها.

وأمام المؤتمر المنعقد تحت عنوان "إسرائيل تحت الحصار" قالها بوضوح أيال آراد، قطب التسويق الاقتصادي والمستشار السابق للحكومة الإسرائيلية: "إننا سنصبح جنوب إفريقيا القرن الواحد والعشرين (أي دولة منبوذة كما كانت جنوب إفريقيا في القرن الماضي)؛ ولذا فإن ما نحتاجه الآن هو حملة سياسية عالمية"، وفق ما نقلت عنه وكالة "رويترز" للأنباء.

وبشكل أكثر وضوحًا قال المستشار جيدي جرينشتاين الذي يعمل لدى الحكومة أمام المؤتمر: "هدفهم (المعادون لإسرائيل) هو تحويلنا إلى دولة منبوذة"؛ حيث يرى الكثير من المتحدثين في هرتسيليا أن هناك حملة يشنها الفلسطينيون ومؤيدوهم خاصة إيران، تهدف إلى التشكيك أمام الرأي العام العالمي في "حق" إسرائيل في الوجود، وإبراز "جرائمها المتواصلة" في الأراضي المحتلة، كبديل عن استخدام القوة في محاولة هزيمتها.

ومن بين المقترحات التي طرحت في هرتسيليا بهدف تحسين صورة إسرائيل في الخارج تنشيط دبلوماسية القاعدة الشعبية، أي مشاركة المواطنين في الشبكات الاجتماعية الموجودة على الإنترنت، وتكثيف تواصلهم مع الجهات غير الحكومية في الخارج.

 

وكمثال لنجاح هذا النوع من الدبلوماسية سلَّط الدبلوماسي السابق ورجل الدعاية، دافيد أدمون، على تغطية وسائل الإعلام الأجنبية للمستشفى العسكري الذي أرسلته إسرائيل إلى هاييتي التي ضربها زلزال الشهر الماضي، قائلاً إنها ساعدت إسرائيل على إظهار وجهها "الإيجابي" للعالم.

ولتنظيم هذه المسألة طالب أدمون في مقال بصحيفة "هاآرتس" بوزارة لـ"الشرح والتفسير" تتولى تنسيق الرسائل التي تبعث بها إسرائيل إلى العالم.

وتأسس مؤتمر هرتسيليا المقرر أن يلملم أوراقه الأربعاء 3-2-2010 في عام 2000 على يد مستشار الأمن القومي الجنرال اليمني عوزي أراد، عقب فشل مؤتمر كامب ديفيد 2 للسلام، ويعقده سنويا "معهد الدراسات الإستراتيجية"، بهدف مراجعة السياسات الإسرائيلية للعام السابق، وتحديد معالم السياسات للعام المقبل ومراحل أخرى قادمة، ويعد لهذا مرجعا أساسيا للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في اتخاذ قراراتها المصيرية.

وبحسب ما لمسته وكالة "رويترز" فإن هناك إجماع في حلقات النقاش في هرتسيليا على أن تقديم شروح أفضل للسياسات الإسرائيلية الحالية والتهديدات التي تواجه إسرائيل يمكن أن يخفف من الضغوط الدبلوماسية القادمة من الخارج.

وفي هذا الصدد اعتبر السفير الإسرائيلي في بريطانيا، رون بروسور، أن "الخطر الحاسم" الذي يتهدد إسرائيل الآن وسط زيادة التعاطف مع الفلسطينيين بعد الحرب الإسرائيلية على غزة هو أن تخضع الحكومات الأوروبية لمطالب بعض ناخبيها المتضامنين مع غزة، ويقلصوا من دعمهم التقليدي لإسرائيل.

وتزايد الحديث عن تكثيف السياسات الدعائية في ظل تبعات تأثير تقرير "جولدستون" الصادر في ختام تحقيقات أجراها القاضي التابع للأمم المتحدة ريتشارد جولدستون العام الماضي بشأن جرائم الحرب التي ارتكبت خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأكد فيها ارتكاب إسرائيل جرائم حرب.

وتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الشهر الماضي عما سماه "تأثير جولدستون" (على الرأي العام العالمي) الذي وصفه بأنه "أحد الأخطار الكبرى التي تواجه إسرائيل، ويعادل في قوته خطر البرنامج النووي الإيراني وترسانة الجماعات المسلحة في فلسطين ولبنان".

غير أن السفير البريطاني، توم فيليبس، وجه رسالة إلى الإسرائيليين مؤخراً في القدس المحتلة قال فيها إن الدعاية وحدها ليست الحل الكامل لتزايد الانتقاد الدولي لإسرائيل، داعيًا الأخيرة إلى التوصل لاتفاق سلام يعطي الفلسطينيين دولة لإزالة صفة "المحتل الغاشم" عن إسرائيل.

ويعد اختيار عبارة "إسرائيل تحت الحصار" عنواناً للدورة العاشرة لمؤتمر هرتسيليا وسيلة دعائية أخرى؛ حيث بدت أنها محاولة مباشرة منها لمواجهة حملات "غزة تحت الحصار"، التي تنظمها منظمات دولية غير حكومية نجحت في إيصال جزء من معاناة قطاع غزة إلى الرأي العام العالمي خلال العام الذي تلا الحرب الإسرائيلية عليه.

وفي دعم لصورة "إسرائيل المحاصرة" ركزت أحاديث قادة إسرائيليين خلال المؤتمر، من بينهم رئيس المؤتمر الجنرال احتياط داني روتشيلد، على ما وصفوها بـ"التهديدات الخارجية" التي تحيط بإسرائيل، وهي حزب الله اللبناني في الشمال وحركة حماس في الجنوب وإيران في الشرق.

وفي كلمته أمام المؤتمر الثلاثاء قال رئيس الحكومة الفلسطينية برام الله، سلام فياض، حول سبل إحياء عملية السلام إنه على إسرائيل أن تنهي احتلالها للأراضي الفلسطينية بدايةً بإنهاء توغلاتها العسكرية في أراضي الضفة الغربية لتقنع الفلسطينيين بأنها تريد السلام.

وكرر فياض معارضة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، للانخراط في أي محادثات جديدة قبل التزام إسرائيل بوقف كامل للبناء في المستوطنات بالضفة المحتلة، ونبَّه إلى أن الحكومة الفلسطينية ستعمل على بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المأمولة بحلول منتصف 2011 من جانب واحد إذا لم تفِ إسرائيل بالتزاماتها، مؤكدا: "نعم من جانب واحد".

وفي ذات اليوم وأمام ذات المؤتمر قال وزير الجيش الإسرائيلي، إيهود باراك: إن السلام وإقامة دولة فلسطينية "ضرورة لإسرائيل؛ لأن البديل أسوأ بكثير"، موضحا أنه "إذا لم يتحقق السلام فإن إسرائيل ستتحول إلى دولة ثنائية القومية والديانة (يهود وعرب)، أو دولة تمييز عنصري".

غير أن باراك ربط بين استئناف المفاوضات وبين إنهاء سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، كما بيّن أن الضمان لتحقيق إسرائيل مكاسب من المفاوضات هو أن تنمي قدرتها على "الردع" عسكريًّا.