خبر شرك الاغتيالات -هآرتس

الساعة 11:19 ص|03 فبراير 2010

بقلم: يوسي ميلمان

 (المضمون: عمليات الاغتيال التي يقوم بها الموساد الاسرائيلي ذات تأثير هامشي فقط في الأمد البعيد في المنظمات التي ينتمي اليها من يقع عليهم الاغتيال - المصدر).

لا يجب على حكومة اسرائيل ان تجيب سؤال هل محاربو الموساد هم الذين اغتالوا في دبي رجل حماس محمود المبحوح؛ فابتسامات وزراء الحكومة عند خروجهم من الجلسة الاسبوعية في يوم الاحد قالت كل شيء. اجل يمكن الشعور بالرضا. كانت المعلومات الاستخبارية صادقة دقيقة والتنفيذ بلا خلل. برغم ان المبحوح علم أنه مستهدف للاستخبارات الاسرائيلية وأخذ بوسائل حذر حريصة، نجح المخططون في الوصول اليه.

        كان المبحوح رجل عمليات ذا تجربة كبيرة، عمل في السنين الاخيرة ضابط اتصال لحماس في علاقتها بايران، ونسق ارسال السلاح منها الى غزة. وقد دأب على خطط تزويد منظمته بسلاح "استراتيجي" – صورايخ بعيدة المدى وصواريخ مضادة للطائرات. اغتياله سيشوش مدة ما على نشاط المنظمة في هذا المجال. ان كل اغتيال كهذا يضطر مسؤولي المنظمة الكبار الى حصر عنايتهم في تأمين أمنهم الشخصي، ويعدل بهم عن عملهم الرئيس وهو التخطيط لعمليات مضادة لاسرائيل.

        منذ الستينيات اغتالت اسرائيل مئات من ارهابيي منظمة التحرير الفلسطينية، وحماس، والجهاد الاسلامي وحزب الله، فضلا عن سياسة الاغتيال بالجملة في فترة الانتفاضة الثانية، منذ 2000 والتي حظيت بالاسم التعقيمي "الاحباط المركز"، برغم انها كانت مصحوبة في أحيان كثيرة بقتل أبرياء ايضا.

        الاستخبارات الاسرائيلية ناشبة منذ عشرات السنين في ورطة معقدة يصعب الخلاص منها. ان غاية المنظمات الاستخبارية جمع معلومات عن قدرات الاعداء ونياتهم، والتحذير من خطر حرب وتمكين المستوى السياسي من اتخاذ قرارات أفضل اعتمادا على المعلومات الاستخبارية. ليس الموساد منظمة "قتل محدودة الضمان" على شاكلة المافيا، التي تنتقم من اعدائها. احتلت "المهمات الخاصة" ، مثل الاغتيال في دبي – اذا كانت قد نفذته – دائما مساحة ضئيلة نسبيا من نشاطها العام. لكن هذه هي العمليات التي تمنح المنظمة هالتها وصورتها اللامعة، اللتين قد تديران اخر الامر رؤوس رجالها وتجعلهم يثملون بنجاحاتهم ويصرفون عنايتهم عن مهمتهم المركزية.

        تحدث دافيد كمحي وهو من كبار مسؤولي الموساد، ذات مرة عن جدل صائب تم في المنظمة على اثر مقتل الرياضيين الاسرائيليين الاحد عشر في الالعاب الاولمبية في ميونيخ في 1972. بتنسيق مع رئيسة الحكومة غولدا مئير أمر رئيس الموساد آنذاك تسفي زامير بالخروج في حملة اغتيالات لرجال منظمة التحرير الفلسطينية. زعم زامير قبل بضع سنين، ان الهدف لم يكن انتقاما بل مسا بالبنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية في اوروبا، واحباط خططها لعمليات اخرى. لكن يتسلل دائما الشك في أن غريزة الانتقام تؤثر ايضا في التقديرات في مثل هذه العمليات. يقول كمحي انه وجد آنذاك في الموساد من ظنوا ان ليس من عمل المنظمة الاستخبارية شغل نفسها بالاغتيالات.

        مع كرور الايام، واعتمادا على سوابق الماضي، حاولوا في الجماعة الاستخبارية حل العقدة وتطوير ما يشبه "نظرية قتالية" في هذا المجال. قالت هذه النظرية ان اغتيال قادة المنظمات الارهابية فقط يمكن ان يكون اجراء استراتيجيا، لانه يفترض ان يوجه ضربة شديدة الى المنظمة. ويذكرون مثالا لهذه الاغتيالات اغتيال زهير محسن زعيم الجماعة الموالية لسوريا "الصاعقة" في 1979. على أثر الاغتيال انحلت المنظمة. لكن حتى الاغتيالات – على حسب نشرات اجنبية – لابي جهاد من منظمة التحرير الفلسطينية (1988)، ولزعيم الجهاد الاسلامي فتحي الشقاقي (1995) ولعماد مغنية من حزب الله (2008)، التي وجهت ضربات شديدة الى منظماتهم، لم تجعلها تنهار. فكيف يكون الامر والرجل المغتال من طبقة متوسطة كالمبحوح. لكل نشيط ارهاب، مهما يكن رفيع المستوى، وريث ينهض سريعا يكون احيانا أفضل منه وأكثر تجربة.

        يبدو احيانا ان اسرائيل في شرك يصعب عليها الخلاص منه. لا تستطيع كف جماحها ويجب ان تعمل في مقاومة المنظمات الارهابية، وان ترد وان تضايقها وان تضر بها. لكن هذه النشاطات وعلى رأسها الاغتيالات لا تؤثر في الأمد البعيد في ميزان القوى. سيكون للانصراف المبحوح تأثير هامشي في الصراع بين حماس واسرائيل وسيوجد له ايضا بديل ملائم. دخل المبحوح نفسه ولايته بنجاح كبير على أثر اغتيال سلفه الشيخ خليل في دمشق في 2006. ولهذا يوجد لعملية اغتياله تأثير تكتيك فقط.