خبر من أسامة إلى أوباما مرورا باليمن.. هآرتس

الساعة 11:07 ص|02 فبراير 2010

بقلم: تسفي بارئيل

يصعب ان نعلم بما نتأثر أكثر – بتجنيد نساء "ذوات قسامات غربية" للقاعدة، قصدا الى ان ينفذن "عمليات جوية"، او بالقصة التي نشرتها صحيفة "صاندي تايمز"، عن "قائمة الطلب" التي سلمها أسامة بن لادن لمساعده القريب، عندما طلب اليه ان يجد له امرأة يمنية مناسبة. وربما يحسن ان ندهش خاصة للشريط المسجل الذي نشر هذا الاسبوع، والذي سمع فيه صوت ابن لادن اللين الذي يحذر من أنه سيضطر الى ارسال قنابل ما لم تسمع أقواله جيدا في الولايات المتحدة. لا لان هذا الشخص ما يزال حيا بعد 9 سنين من المطاردة بل لانه قادر على ادارة امبراطورية، وفتح جبهات جديدة وارغام مواطني العالم على خلع نعالهم أمام المفتشين الامنيين في المطارات وكأنهم يريدون دخول مسجد.

جبهته الجديدة هي اليمن. فهذه الدولة الفاشلة التي لا تنجح في اطعام مواطنيها الثلاثة والعشرين مليونا والتي لا يسيطر جيشها على اقاليمها كلها، والتي تختنق بين ثلاثة ميادين قتال وتهدد بأن تنفصل في دولتين، هي موطن عائلة ابن لادن. في شمالها، في الحدود مع السعودية، نشبت جولة خامسة في الحرب مع عائلة الحوثي والمؤمنين من التيار الزيدي الشيعي، الذين تغلغلوا ايضا في ارض السعودية وجروا جيشها الى نزاع. في الجنوب، في ثلاثة من اقاليم اليمن الكبيرة، تجري حركة تحرير جنوب اليمن معركة سياسية ترمي الى انشاء حكم ذاتي في الجنوب او دولة مستقلة كما كانت الحالة حتى توحيد اليمن في 1990.

بين هؤلاء واولئك وجد نشطاء القاعدة فرصة لينشئوا لانفسهم في اليمن موطىء قدم لنشاط ارهابي. يهدد موطىء القدم هذا مضيق باب المندب وميناء عدن، ويقدم ملاذا لنشطاء المنظمة من السعودية ومن القرن الافريقي وهو قادر على تصدير ارهابيين ايضا وراء البحر، كما تبين مع اعتقال عمر فاروق عبدالمطلب، الذي حاول ان يفجر قبل نحو من شهر طائرة "ديلتا – نورثويست" التي كانت متجهة الى ديترويت.

يصعب ان نقدر كم من نشطاء القاعدة يعملون في اليمن. فبحسب ما يقول وزير الخارجية اليمني، ابو بكر القربي، يوجد في الدولة نحو من مائة نشيط من نشطاء المنظمة، لكن آلافا آخرين يؤيدونهم. وتتحدث تقديرات الاستخبارات الامريكية عن بضع مئات من النشطاء، اكثرهم يمنيون وبعضهم من السعودية والكويت ومن نشطاء القاعدة الذين هربوا من العراق.

كانت اليمن في الثمانينات مصدرا مهما للمتطوعين الذين جندهم ابن لادن لمحاربة الاحتلال السوفياتي في افغانستان. كان ابن لادن الذي اقام في اليمن معسكرات تدريب ما يزال حبيبا الى الادارة الامريكية. رأته الادارة آنذاك قناة تلتف على الكونغرس، مكنتها من تحويل أموال ومعدات وتوجيه الى المتطوعين الذين لم تستطع واشنطن الانفاق عليه مباشرة. عندما انقضت الحرب عاد كثير من المتطوعين الى اليمن وواصل بعضهم العمل في مقاومة أهداف أمريكية او في مقاومة حكومة اليمن.

صلات قربى

يحتفظ قلب ابن لادن بركن حميم لليمن، لا لانه وطن عائلته قبل ان تنتقل الى السعودية وتجمع مالا ضخما من أعمال مقاولة. قال احد مساعديه في الماضي، راشد محمد سعيد اسماعيل، ويكنى أبا الفداء، لمراسلة صحيفة "صاندي تايمز" انه أرسل في نهاية التسعينات الى اليمن ليجد عروسا "مخلصة سخية تقيم الفرائض وشابة متدينة، كي لا تحسد النساء الاربع الاخر لابن لادن".

وجدت العروس المأمولة بعد بحث طويلة. اسمها آمال وهي ابنة احدى القبائل الكبيرة في  اليمن. يقول أبو الفداء ان العروس وجدت مناسبة ومن جملة أسباب ذلك أنها كابنة لعائلة من الطبقة المتوسطة تعودت الصعاب اليومية ولهذا استطاعت ان تنضم لابن لادن في حياة تنقله في افغانستان.

لكن ليست الرومانسية هي التي تربط زعيم القاعدة باليمن. تقدر الاستخبارات الامريكية ان نشطاء منظمة القاعدة يأخذون في اليمن بتكتيك يختلف عن ذاك الذي يوجههم في العراق او السعودية. فهم يحاولون ان يستوعبوا داخل السكان المحليين وان يتزوجوا من بنات القبائل في جنوب الدولة. وهم ينفقون مالا كثيرا في تطوير بنى تحتية مدنية هناك. حاربوا في العراق قبائل سنية وأهدافا شيعية؛ وفي السعودية يعملون في مواجهة اهداف حكومية ويثيرون عليهم أبناء العائلة المالكة؛ وفي اليمن في مقابلة ذلك يعملون كمنظمة رفاهة مثل حماس في غزة، او الاخوان المسلمين في مصر او حزب الله في لبنان. فهم يشترون أدوية لابناء القبائل الذين يسكنون بينهم، وينشئون  مدارس، ويحفرون آبارا وينفقون على مراسم زواج. أخذ ابن لادن بتكتيك مشابه ايضا عندما سكن السودان، حيث أنفق على شق شارع مركزي واقامة مصنع أدوية. وبهذا أمر اشياعه في دول افريقيا ايضا.

هذا تكتيك يستغل جيدا عجز الحكومة اليمنية التي لا تنجح في تقديم خدمات رفاهة وتربية لابناء القبائل. فهؤلاء يرون المنظمة مصدرا للرفاهة الاقتصادية أكثر مما يؤيدون عقيدتها.

مسألة داخلية

هنا أيضا يكمن الخلاف بين حكومة اليمن وواشنطن. الرئيس علي عبدالله صالح قلق جدا بسبب المعركة مع الانفصاليين الشيعة في الشمال وحركة فصل اليمن في الجنوب. والولايات المتحدة من جهتها تطلب اليه ان يعمل بحزم في مواجهة القاعدة خاصة بل تناقض زعم الرئيس ان ايران تؤجج ما يحدث في اليمن وتؤيد الانفصاليين الشيعة. في مقابلة صحفية  مع صحيفة "الحياة" التي تصدر في لندن، صعب على القربي ان يعرض دليلا حقيقيا على تدخل ايران في بلده واكتفى بأن يتطرق الى التصريحات السياسية التي صدرت عن طهران.

يفترض ان يعقد في يوم الاحد في اليمن مؤتمر المصالحة الوطنية، الذي سيفتتح بنقاشات لدعاوى الانفصاليين الشيعة والاقاليم الجنوبية. لم يدع رجال القاعدة الى المؤتمر. "مكافحة القاعدة مسألة تعاون دولي"، يبين وزير الخارجية وبهذا يبعد اليمن عن المسؤولية عن محاربة المنظمة. "النزاعات الاخرى مسألة داخلية ولن ندع لاي وسيط من الخارج ان يتدخل فيها".

بيد انه لا يوجد داخل اليمن من يستطيع الوساطة في النزاعات. هذه هي المشكلة الرئيسة للامريكيين في حربهم للقاعدة في اليمن. فهم مشفقون من ان  تستعمل المساعدة التي سينقلونها لحكومة صالح لمحاربة الارهاب من اجل دفع رشاوى الى مؤيدي الرئيس او لحل النزاعات الاخرى. يكتفي الامريكيون لذلك بالتوجيه العسكري وبنقل معلومات استخبارية عن  تجمعات القاعدة.

بحسب التقارير الصحفية من اليمن، الامريكيون هم الذين يستعملون الطائرات بلا طيارين التي تحدد مواقع تجمعات القاعدة. لكن يتبين انه في الهجمات الاخيرة على تلك التجمعات لم يقتل نشطاء القاعدة فقط بل قتل غير قليل من المواطنين ايضا. في اليمن كما في افغانستان وباكستان ايضا حدث على اثر هذه الهجمات شعور بالمرارة موجه الى الامريكيين والى الحكومة. وهكذا عملت هذه الاحداث في مصلحة القاعدة ومؤيديها من رجال القبائل.

ليست اليمن في الحقيقة افغانستان أو باكستان، لكن من المحقق انها قد تصبح دولة قاعدة لرجال  القاعدة. سوق السلاح في الدولة مخترقة وحرة، وهي قريبة التناول لدول مجاورة او رحلات جوية للخارج وما يزال التأييد الجماهيري – على الأقل في جزء من الجنوب – مضمونا. والسؤال هل تنجح الولايات المتحدة في أن تجند لمساعدتها القبائل في اليمن كي تحارب القاعدة ام تدفع الى معركة عسكرية معقدة مرة اخرى.