خبر الضائقة المالية تدفع الغزيّين للإقبال على شراء اللحوم المجمّدة ا

الساعة 08:35 ص|02 فبراير 2010

فلسطين اليوم – وكالة وفا

دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أهالي قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من ثلاث سنوات، إلى العزوف عن شراء اللحوم والأسماك الطازجة والإقبال على شراء المجمّد منها.

وتلقى تجارة اللحوم المجمّدة بكافة أنواعها في القطاع، رواجاً كبيراً بين صفوف المواطنين الغزيّين خاصّة ذوي الدخل المحدود منهم والذين يرون أنها البديل الأنسب للارتفاع الجنوني لأسعار اللحوم الطازجة.

المواطنة أم محمد شاهين (34 عاماً) وقفت أمام أحد محال بيع اللحوم المجمّدة في سوق الزاوية التاريخي وسط المدينة، وهي تحمل بعضاً من أكياس النايلون السوداء الممتلئة باللحوم المثلّجة.

وقالت المواطنة أم محمد لـ'وفا' إن ما أحمله من نقود في محفظتي لا يكفي لشراء  كيلوغرامين من اللحم الطازج بسبب ارتفاع أسعاره، لكنني الآن اشتريت ثمانية كيلوات من اللحم والسمك المجمّد.

وأضافت 'زوجي يعمل في مهنة النجارة ويجلس في المنزل أكثر مما يعمل بسبب الوضع الصعب، وبالكاد نستطيع توفير لقمة العيش لأطفالنا الصغار البالغ عددهم ستة.

وتابعت: حتى اللحوم المثلّجة لا نستطيع شراءها دائماً، بسبب عدم توفّر المال، إضافة إلى ارتفاع أسعارها عن السابق، مشيرة إلى أن سعر كيلو السمك 'المثلج' من نوع 'بكلا' كان العام الماضي يُباع بتسعة شواقل أما الآن فسعره وصل إلى 13 شيقلاً.

وبجوارها وقفت المواطنة أم إبراهيم (46 عاماً) وبعد أن سألت عن أسعار اللحوم والأسماك المجمّدة، تفقدت محفظتها ووجدت أن ليس بمقدورها شراء الكمية التي تريدها فغادرت المكان والحزن وخيبة الأمل يكسوان محيّاها.

لكن صاحب المحل أثارت انتباهه ردة فعل أم إبراهيم بعد أن أجابها على الأسعار، فنادى عليها وسألها ماذا تريد، فأجابته بأنها كانت تنوي شراء خمسة كيلو من 'جناح الدجاج المجمّد' لكن وجدت أن المبلغ المتوفر معها لا يكفي إلا لشراء كيلو ونصف فقط.

'بعد ما اشتريت شوية أغراض ما زاد معي غير 18 شيقل وسعر كيلو الأجنحة 12 شيقل وعندي 8 أطفال... لمين ولمين الكيلو والنص' قالت أم إبراهيم.

وزادت: أهل الخير أعطوني 100 شيقل لأشتري خضارا وطعاما للأولاد، وبعد أن اشتريت بندورة وخيار وبصل وبقدونس وبطاطا، لم يبق معي غير القليل من الشواقل التي لا تكفي لشراء لا أجنحة ولا غيرها.

وأكدت أن أطفالها لم يتذوقوا طعم اللحم والسمك منذ ثمانية أشهر تقريباً، بعد أن تعرض زوجها لحادث عمل أقعده عن الحركة.

ووجدت أم إبراهيم ضالتها في شراء نصف كيلو لحم مجمد بـ'11 شيقلاً' وثلاثة رؤوس من 'الملفوف' وقفلت عائدة إلى منزلها وهي تتمتم وتقول 'المهم رائحة اللحمة بالطبيخ... بفرجها الله'.

وحذّرت مؤسسات وهيئات حقوقية ودولية من أن النقص الحاد في البروتين الذين يتوفر في اللحوم الحمراء والأسماك، يجعل الأطفال في قطاع غزة خصوصاً الفئات العمرية من 3-15 عاماً أقل وزناً وأكثر قصراً، إلى جانب تدني قدرتهم على التحصيل العلمي، مشيرة إلى أن هناك علاقة طردية بين حصول الأطفال على البروتين وقدرتهم على التحصيل العلمي. وأن النقص في البروتين يؤثر على مناعة جسم الإنسان.

من جهته عزا فوزي إبراهيم (47 عاماً) صاحب أحد محلات بيع اللحوم والخضار المجمّدة في السوق، إقبال المواطنين على شراء اللحوم المثلجة كما سمّاها، إلى الضائقة المالية التي يعاني منها غالبية أهالي القطاع نتيجة البطالة والحصار.

وأشار إلى أن بعض المواطنين يشترون اللحوم والأسماك المجمدة كنوع من الاقتصاد في المصاريف، فحسب اعتقادهم مثلاً بدلاً من شراء كيلو واحد من اللحمة الطازجة بإمكانهم شراء ثلاثة أضعافها من المثلج وبنفس السعر.

وأضاف: سوق اللحوم المثلجة يلقى رواجاً كبيراً رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أهالي غزة، ويقصده غالبية المواطنين خصوصاً العاطلين عن العمل وأصحاب الدخل المحدود.

وبيّن أن أسعار اللحوم بالفعل ارتفعت عن السابق وهذا حرم الكثيرين من الفقراء من شرائها خصوصاً من لديه عدد كبير من الأطفال، وذلك عائد إلى حركة المعابر من جهة، والتحكم في أسعارها من قبل تجار 'الجُملة' كما سمّاهم.

أما جاره أبو سعدي صاحب محل جزارة لبيع اللحوم الطازجة في السوق، فاعتبر أن أسعار اللحوم الطازجة قياساً بما يدخل من عجول وأبقار عبر المعابر مناسبة، لكنه استطرد قائلاً 'لو أن المعابر مفتوحة كما كانت في السابق لهبطت الأسعار إلى أقل من النصف مما هي عليه الآن'.

وأشار إلى أن ما يتم جلبه عبر الأنفاق من ماشية لا يلبّي الحاجة، مع أنه يساهم نوعاً ما في الحفاظ على ثبات سعر اللحوم الطازجة، مبيّناً أن سعر كيلو اللحم الطازج يتراوح ما بين 50-60 شيقلاً.

ولفت إلى أن أغلب زبائنه هم من أصحاب الدخل الجيد ومن الميسورين الذي بمقدورهم شراء اللحوم بأسعارها الحالية.

وأوضح تقرير أعدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن أكثر من مائة وعشرة آلاف عامل فلسطيني فقدوا وظائفهم ومصدر دخلهم نتيجة الإغلاق الذي فرضته إسرائيل منذ العام 2007، وأن حوالي 40 في المائة من سكان قطاع غزة مصنفون 'فقراء جدا'.

وأضاف التقرير أن القيود الصعبة في كافة القطاعات الاقتصادية، مصاحبة بارتفاع تكاليف الحياة بنسبة لا تقل عن 40 في المائة، تؤدي إلى تدهور خطير في الأمن الغذائي لما يقارب من 70 في المائة من سكان قطاع غزة، معتبراً أن استمرار الحصار والقيود على المواد الغذائية سيزيد من اتساع رقعة المتضررين وانعدام الأمن الغذائي.

وكان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أعلن قبل أسبوعين، عن جدول غلاء المعيشة الفلسطيني لشهر  كانون أول، 12/2009، حيث سجلت الأسعار المستهلك في الأراضي الفلسطينية ارتفاعاً مقداره 0.58% خلال شهر كانون أول 2009 مقارنة بالشهر السابق، في حين سجلت ارتفاعا بنسبة 4.34% مقارنة مع كانون أول من العام 2008.

وبيّن التقرير أن أسعار المواد الغذائية والمشروبات المرطبة سجّلت ارتفاعاً خلال شهر كانون أول 2009 مقداره 1.13% مقارنة بالشهر السابق، نتيجةً لارتفاع أسعارها في قطاع غزة بنسبة 0.73%، مؤكداً أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار هذه المجموعة على المستوى الوطني يرجع بشكل رئيسي لارتفاع أسعار الخضروات الطازجة واللحوم الطازجة والأسماك والحلويات الشرقية.

ويحتاج قطاع غزة إلى حوالي ثلاثين ألف رأس ماشية للذبح سنوياً، بينما لم يدخل منذ عامين سوى أربعة آلاف رأس من الأبقار عبر المعابر، إضافةً إلى نفوق أعداد كبيرة من الماشية جرّاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة العام الماضي.