خبر إسرائيل تلجأ للحرب الدعائية وتحاول اغتيال المبحوح مرةً ثانية !

الساعة 06:18 ص|02 فبراير 2010

فلسطين اليوم : القدس المحتلة

أتبعت إسرائيل اغتيالها للقيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي أخيراً بقصة تندرج في إطار الحرب الدعائية لتشويه صورة المقاومة ورموزها، ونشرتها صحيفة "يديعوت احرنوت" أمس.

هذه المرة اختارت وحدة الحرب الدعائية في "الموساد" قصة المرأة التي توقع بحبائلها الناشط المستهدف ليكون لقمة سائغة للتصفية، في إشارة ضمنية إلى جانب سري من حياة "البطل المقاوم"، فتتقدم المرأة لتعري ضعفه أمام الجنس، وهو ما يشكل اغتيالا مزدوجاً للرمز، فضلاً عن تشويهه في المخيال الشعبي العربي.

وزعمت الصحيفة أن روايتها عن دور المرأة في الاغتيال منسوبة إلى مصادر في شرطة دبي، حيث كانت رأس الحربة فتاة أجنبية خدعت الشهيد بطرقها على باب غرفته وجهرها بصوت نسائي، في إيحاء لضعف العربي أمام نداء الأنثى واستجابته في فتح الباب ليلقى مصرعه.

بنسج قصة المرأة، تسعى إسرائيل إلى اغتيال الشهيد المبحوح مرتين؛ الأولى القتل الجسدي، والثانية قتله كرمز للعمل المقاوم الذي يجد فيه كثيرون مثالا يحتذى على إنكار الذات والعمل من أجل تحرير بلاده.

ولعل الأخطر في الثانية، حيث يستسلم رجل المقاومة الإسلامي أمام حضور المرأة، التي تدرك إسرائيل وهي تخوض حربها النفسية على العرب، أن الوعي الشعبي في محيطها المعادي يرفض بشدة ما يسمى "حياة سرية"، خصوصا لرجل يتصدى لشأن خطير هو مقاتلة إسرائيل، وبذا تدس اليأس من جدية مشروع مقارعة الاحتلال، وكأنما تريد إظهار المقاومة فعلاً عبثياً على الأرض، في الوقت الذي ينام فيه القادة في الفنادق ويعيشون أوضاع الدعة التي لا يعرفها الشعب المكتوي بنار الاحتلال.

لا تبدو مُحكمة رواية "يديعوت أحرنوت" أيّاً كان ناسجوها، خصوصا وأن المستهدف واحد من أخطر النشطاء المطلوبة رؤوسهم في كل لحظة لإسرائيل، وهو حمل دلالته قرار إخراجه من غزة بعد تقييم دقيق لوضعه بوصفه مستهدفا، إذ كان الاحتلال يدرجه على القائمة الخطرة، ويعتبره صيداً ثميناً يجب الوصول إليه انتقاما من دوره في المقاومة. وما الاحتفاء الإسرائيلي والأطناب في كيل المديح للموساد وقائده مائير داغان بعد اغتيال المبحوح إلا دليلاً على أهمية "الدور الموجع" الذي كان ينهض به الشهيد.

وحسب الصحيفة فإن المبحوح يعد، وفق تصنيف الموساد، "رجل الاتصال الأول في شراء الأسلحة من إيران وجهات أخرى، وتهريبها إلى قطاع غزة"، فضلا عن انه من أولئك الناشطين الذين أعيوا الموساد بحثاً لقتله بعد أن أسر جنديين إسرائيليين العام 1988.

وفي إشارة إلى معلومات لا تتسنى إلا لأجهزة استخبارات ضاربة القوة، تورد القصة الإسرائيلية للاغتيال وصفا للحيطة والتدابير التي تزعم الصحيفة أن الشهيد كان يتخذها خلال نومه، فتقول أن "المبحوح اعتاد عدم النوم قبل أن يغلق باب ومنافذ غرفته بقطع الأثاث والكراسي، علّها تمنع اقتحام الغرفة، أو على أقل تقدير تعيق الاقتحام، فتمنحه فرصة للمواجهة واتخاذ التدابير في حال حاول أحد ما اقتحام مكان إقامته".

في تفسيرها غير البريء لأحجية اغتيال المبحوح تقول "يديعوت أحرونوت"، "إن فريق الموساد نجح في دخول غرفة القائد الحمساوي من دون إثارة جلبة، وتجاوز العوائق التي يضعها أمام باب الغرفة، بتجنيده فتاة أجنبية أقنعته بارتكاب الخطأ القاتل الذي دفع حياته ثمناً له، بعدما فتح باب الغرفة بإرادته ليجد أمامه أحد أعضاء فريق الاغتيال".

ويتبع جيش الاحتلال وحدة الحرب النفسية التي أقرّ تشكيلها منذ فترة طويلة، لشعبة الاستخبارات العسكرية المعروفة بـ"أمان"، وهي تركز نشاطها خصوصاً على التأثير في معنويات الفلسطينيين والعرب، فضلا عن تشويه صور المقاومة التي تسميها إرهابا.

وكانت الإذاعة الإسرائيلية العامة أكدت أن وحدة الحرب النفسية تضم رجال استخبارات وعلماء نفس ومستشرقين وخبراء بسمات الشخصية العربية، وتعمل بناءً على توصيات ونتائج دراسات أجريت حول النفسية والذهنية العربية.

ومن قصص الحرب النفسية اللافتة في تشويه سمعة قادة المقاومة عندما نصبت هذه الوحدة كاميرات تصوير في زنزانة القيادي الأسير مروان البرغوثي، ليظهر وهو يتناول طعامه في الزنزانة بينما كان الأسرى أعلنوا إضراباً احتجاجيا عن الطعام.

"يديعوت احرنوت" زعمت أنها نقلت عن مصادر مقربة من فريق التحقيق الإماراتي في اغتيال المبحوح، أن فتاة أجنبية كانت كما يبدو ضمن فريق الاغتيال ودخلت مثل بقية الأعضاء بواسطة جواز سفر أوروبي، لافتة إلى أن جهات التحقيق لا تعرف حتى الآن على وجه التحديد طبيعة مهمة الفتاة ضمن تشكيلة الفريق "لكن يعتقد أنها استخدمت لإغواء المبحوح كي يفتح باب غرفته"، حسب الصحيفة.

وليكتمل رسم سيناريو الإيحاء بالقوة الضاربة للموساد، حرصت الصحيفة على أن تكون أسانيد روايتها من التحقيق الإماراتي، زاعمة "أن جهات أمنية أخرى في دبي أبلغتها بعدم يقينها من جنسية الفتاة، وما إذا كانت أحد العاملين في الفندق أو دخلت الإمارة بتأشيرة سياحية، لافتة إلى أن التحقيق "يفحص إمكانية تسلل فريق الاغتيال عبر نافذة غرفة المبحوح أثناء انشغاله بفتح الباب للفتاة "الطعم"، وذلك حتى يتجنب القتلة المرور في بهو الفندق.