خبر اغتيال المبحوح يعيد فتح ملف عمليات « الموساد » العابث بأمن الدول

الساعة 04:27 م|29 يناير 2010

فلسطين اليوم : دمشق والوكالات

شيَّع الآلاف من الجماهير الفلسطينية وأنصار حركة "حماس" جثمان الشهيد محمود عبد الرؤوف المبحوح، في مخيم اليرموك للاجئين بدمشق.

وأدَّت الجماهير صلاة الجنازة على الشهيد في "مسجد الوسيم" وسط شارع اليرموك الرئيس، ثم انطلقت مسيرة التشييع إلى مقبرة الشهداء، وسط هتافاتٍ تطالب أذرع المقاومة الفلسطينية بالرد على هذه الجريمة.

وتقدَّم مسيرة التشييع عددٌ من قادة فصائل المقاومة الفلسطينية.

وأكد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، أمام ضريح الشهيد المبحوح أن حركة "حماس" ستنتقم لدمائه.

وقال: "هنيئًا لك يا أبا العبد بالشهادة؛ فأنت الآن مُسجَّى تحت التراب، وروحك تحلق في السماء في حواصل طير خضر .. عشتَ مجاهداً ولقيت الله شهيداً إن شاء الله، سعيتَ وراء الشهادة بقدر ما لاحقت عدوَّك الصهيوني، واليوم ظفرتَ بالشهادة، أما أنت أيها العدو الصهيوني فلقد قتلتَ الشهيد القائد محمود المبحوح رحمه الله، آلمتنا بقتله، ولكنها الحرب سجالٌ بيننا وبينك، وتلك الأيام نداولها بين الناس ..".

وتابع مشعل: "تؤلموننا ولكننا نؤلمكم.. هذه حرب مفتوحة؛ لن تتوقف حتى ترحلوا عن أرضنا، نحن واثقون وجازمون أننا سنهزمكم، الحرب طويلة، ولكننا مطمئنون لنتيجتها، والله الذي لا إله إلا هو، والله الذي قبض روح أخينا أبي العبد .. سنهزمكم شر هزيمة".

واختتم مشعل حديثه بالقول: "أقسم بالله وباسم الله وعلى بركة الله .. سننتقم لدماء محمود المبحوح، والأيام بيننا سجال، واليوم الأخير لنا بإذن الله".

هذا و ربما يستطيع قادة "مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة الخارجية" في إسرائيل، والمعروفة اختصارا باسم "الموساد"، أن يتحدثوا أخيرا عن "نجاح ما" بعدما تمكنوا أخيرا من اقتناص أحد قادة "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس" في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن مراقبين يرون أن تل أبيب ستدفع ثمن ذلك، مزيدا من العزلة وعدم الثقة بها.

وكانت حركة "حماس"، أعلنت أن محمود المبحوح (50 عاما) أحد قادة جهازها العسكري، قد قتل غيلة في دبي، على يد عناصر من جهاز الاستخبارات الخارجية لدولة الاحتلال، وأن "حماس" تريثت نحو عشرة أيام، للتأكد من أن المبحوح توفي وفاة طبيعية، أو أنه اغتيل.

فيما أشارت تسريبات، إلى أن عملاء لـ"الموساد"، لم يحدد عددهم، تمكنوا ضمن ظروف غامضة، من صعق المبحوح بالكهرباء، أو ربما تمرير السم لجسمه، حيث تردت حالته الصحية بصورة سريعة، قبل أن تعلن وفاته.

وبإعلان "حماس"، عن مقتل أحد قادتها في دبي، تكون تلك أول عملية يتم كشف النقاب عنها للاستخبارات الإسرائيلية، تنفذ في دولة خليجية، الأمر الذي دفع مراقبين إلى التكهن بأن تدخل العلاقات بين دبي وإسرائيل منحنا جديدا، بالنظر إلى أن السلطات في دولة الإمارات "تراخت" خلال السنوات الأخيرة، بالسماح لشخصيات ورجال أعمال إسرائيليين بالدخول إليها، ضمن سياسة الانفتاح الاقتصادي التي أعلنتها إمارة دبي.

"الموساد" .. مسلسل من الإخفاقات:

تأسست "مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة الخارجية - الموساد" عام 1951، بعد إعلان قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي على أراضي فلسطين، بنحو أربع سنوات، وحاولت تل أبيب إضافة هالة من الغموض على أداء تلك المؤسسة، إلا أن سلسلة من الإخفاقات في عملها، ساهمت عزل إسرائيل، وتوتر علاقتها حتى مع حلفائها.

ومن أبرز قصص الإخفاق لهذه المؤسسة، في تموز (يوليو) 1973 اغتال عملاء "الموساد" خطأ في منتجع "ليليهامر" الشتوي في النرويج نادلا مغربيا، اعتقدوا انه المسؤول الفلسطيني أبو حسن سلامة في منظمة "أيلول الأسود" وقد اعتقلت السلطات النرويجية إثر الحادث عددا من عملاء الجهاز، وحكم بالسجن على ثلاثة منهم أدينو بالاشتراك في العملية الفاشلة.

وفي آب (أغسطس) 1973، أدت معلومات خاطئة قدمها "الموساد" الى قيام طائرة حربية إسرائيلية، باعتراض طائرة ركاب مدنية ليبية، واجبارها على الهبوط في تل أبيب، ظنا أن زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين آنذاك،  جورج حبش، موجود على متنها، فتبين انه لا يوجد بين ركابها أي مسؤول في المقاومة الفلسطينية، ما سبب حرجا بالغا في حينه لتل أبيب.

وضمن مسلسل الإخفاقات لجهاز "الموساد"، فإن مراقبين اتهموا هذا الجهاز بأنه ساهم في جر إسرائيل نحو المستنقع اللبناني عام 1982، عبر تقديمه معلومات و أحكام خاطئة ومضللة عن الوضع هناك، وخاصة ما يتعلق بقدرات حلفاء الدولة العبرية في "المليشيات المسيحية المارونية" في لبنان.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 1985 أوقفت السلطات الاميركية جوناثان بولارد، اليهودي الاميركي، الذي اتهم بانه عميل سري للدولة العبرية، وانه قام بحكم عمله كمهندس في البحرية الاميركية بتزويد الاستخبارات الصهيونية بوثائق ومعلومات سرية وحساسة، وقد ادانته محكمة اميركية في واشنطن بتهمة التجسس لحساب الدولة العبرية وحكمت عليه عام 1987 بالسجن المؤبد. وفي منتصف التسعينيات منحت الدولة العبرية عميلها "بولارد" الجنسية الاسرائيلية في نطاق ضغوطها على السلطات الاميركية لاطلاق سراحه.

و في نيسان (إبريل) 1991، ألقى شرطي قبرصي، القبض على أربعة من عملاء "الموساد" بينما كانوا يحاولون وضع أجهزة تنصت في السفارة الايرانية في نيقوسيا، و أفرجت السلطات القبرصية عن العملاء الأربعة، بالكفالة بعد اسبوعين بناء على تسوية توصلت لها مع تل أبيب،

وفي كانون الثاني (يناير) 1997، تم في الدولة العبرية توقيف يهودا جيل، وهو عميل سابق بارز في "الموساد"، اتهم بمد المسؤولين عنه في الجهاز طيلة سنوات عديدة، بتقارير ومعلومات مضللة وملفقة، نسب فيها إلى سوريا نوايا عدوانية لا وجود لها، مما وضع البلدين في اواسط التسعينيات مرتين على حافة اندلاع حرب، بينهما خاصة في صيف عام 1996، واعتبرت قضية "جيل" بمثابة فضيحة كبيرة لجهاز "الموساد".

ومن أبرز قصص الإخفاق لجهاز "الموساد"، محاولة الاغتيال الفاشلة، التي استهدفت خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يوم 25 أيلول (سبتمبر) 1997 في العاصمة الأردنية عمّان، حينما حاول عميلين للموساد، حقن مشعل بمادة سامة، دون أن يشعر، بحيث تبدو وفاته طبيعية، دون إثارة مشاكل.

وهي المحاولة التي أثارت استياء كبيرا لدى العاهل الأردني الملك حسين بن طلال آنذاك، واضطرت تل أبيب للاعتذار، وإلى تلبية طلب للملك حسين بالإفراج عن مؤسس حركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين، مقابل إفراج السلطات الأردنية عن عميلي الموساد اللذان حاولا تنفيذ العملية.

وفي شباط (فبراير) 1998، اخفق فريق من عملاء "الموساد" في تنفيذ مهمة تجسسية خاصة، في مدينة "بيرن" استهدفت، حسب مصادر إسرائيلية، زرع أجهزة تنصت في شقة مواطن من أصل لبناني ينسب له الارتباط بعلاقة تعاون ونشاط لحساب "حزب الله"، وقد اوقفت السلطات السويسرية وسجنت أحد عملاء فريق "الموساد" الذين ضبطوا متلبسين بالمحاولة.