خبر احذية كبيرة -هآرتس

الساعة 10:59 ص|28 يناير 2010

بقلم: أري شافيت

 (المضمون: منذ أهارون باراك لم يكن هناك مستشار قانوني للحكومة مساهمته في الديمقراطية الاسرائيلية كبيرة كمساهمة مازوز - المصدر).

 

        حتى في الصباح الذي ينهي فيه ميني مازوز ولاية عاصفة كمستشار قانوني للحكومة لا يعرف مواطنو اسرائيل اي دين يدينون له به. ففي السنوات الست الاخيرة، والتي جرت فيها محاولة لكسر شوكة سلطة القانون في اسرائيل، وقف مازوز في البوابة. في الست سنوات التي هدد فيها الفساد السلطوي باغراق اسرائيل كان مازوز هو السد. في الست سنوات التي علقت فيها اسرائيل في أزمة اخلاقية عميقة كان مازوز يحافظ على ختم الاستقامة، النزاهة، الموضوعية وطهارة العقل. وحتى عندما اخطأ، فقد اخطأ ببراءة. حتى عندما أصر أكثر مما ينبغي، أصر بسبب الاسباب الصحيحة ومن أجل القيم الصحيحة. منذ أهارون باراك لم يكن هناك مستشار قانوني للحكومة  مساهمته في الديمقراطية الاسرائيلية كبيرة كمساهمة مازوز.

        رجال قانون آخرون أيضا وقفوا في الماضي في لحظات اختبار. أبرزهم كان اسحاق زمير، الذي هاجمته القيادة السياسية في اعقاب قضية المخابرات، ودوريت بينش، التي هاجمتها شاس في اعقاب قضية درعي. ولكن لم يقف اي مستشار قانوني للحكومة امام ما وقف امامه مازوز. الهجوم هذه المرة كان شاملا وعديم اللجام. الصراع لم يكن موضعيا، بل شاملا. القوى المهاجمة لسلطة القانون لم تأت من هوامش المجتمع، بل من مراكز القوى الحقيقية فيه. ولو لم يكن مازوز مصبوبا من الفولاذ، لكان انهار ليس هو فقط. جهاز فرض القانون كان سينهار. وكانت اسرائيل ستتحول الى جمهورية موز لا يوجد فيها لا قانون ولا قاض، لا خجل ولا اخلاق.

        انجاز مازوز غير مسبوق. في عهده رفع اكثر من 30 لائحة اتهام ضد شخصيات عامة. 25 منها انتهت بالادانة. لم تنته أي من هذه القضايا بالتبرئة. وخلافا للفترات السابقة، التي ألقت التبريئات بثقلها على مصداقية الجهاز، لم يكن لدى مازوز أي اخفاقات تقريبا ولم يتردد حتى في اغلاق العديد من الملفات. مكافحة الفساد السلطوي ومكافحة الجريمة المنظمة على حد سواء أدارهما مازوز بيد عليا من الطاولة الطويلة في مكتبه. طاولة على رأسها سيجلس اليوم المحامي يهودا فينشتاين.

        ظاهرا، تعيين فينشتاين غريب. الخبير الجنائي العتيق هو خبير جنائي فقط. خلافا لمازوز ليس لديه أي فهم في القانون الاداري والمدني. وفي المجال الجنائي ايضا فينشتاين هو صاحب اعاقة: بعض من ابطال قضايا الفساد الكبرى مرتبطون به بهذه الطريقة او تلك. في المجال الذي يجد فيه فينشتاين ضليعا، لا يمكنه ان يعمل دوما. اما في المجال الذي لا يمكنه ان يعمل فيه فهو ليس ضليعا دوما.

        وفضلا عن ذلك: فينشتاين ليس أمنون غولدنبرغ الراحل، او دوري كلاغسبيلد. وهو ليس احد المحامين ذوي القامة العالية ممن يتمتعون بالمكانة المهنية غير المشكوك فيها. فينشتاين مقدر ومحبوب، متصل ومتواصل. ولكنه ليس رجل قانون ذا مزايا حلم بها اولئك الذين دعوا لان يكون المستشار القانوني للحكومة اخيرا محامي خاص من الصف الاول.

        ولكن بالذات بسبب ضعفه فان فينشتاين كفيل بأن يفاجئنا مثلما لم يلب المستشار المنصرف توقعات الوزير الذي عينه هكذا يمكن ان يحصل في حالة المستشار الجديد ومثلما عمل المستشار الذي ينهي مهامه دون تحيز ودون هوادة هكذا يمكن ان يعمل ايضا المستشار المبتدء. غير مرة صنع المنصب الرجل. فهو يلزم صاحب المنصب بأن ينمو في داخله. حذاء مازوز هو حذاء كبير، ولكن لا يوجد أي سبب يمنع فينشتاين من الدخول اليه ويملأه ويسير فيه الى الامام.

        ولكن كي يبقي فينشتاين أثرا ليس اكثر هزلا من أثر سلفه فان عليه ان يقرأ الخريطة. عليه ان يفهم بأن الهجمة  النكراء على رئيسة المحكمة أمس لم تكن صدفة. الحذاء رشقه فلان علاني، ولكن الراشق كان دانييل فريدمان. نزع الشرعية الذي قام به فريدمان عن الجهاز القضائي بأسره هو الذي أخرج الشيطان من القمقم. هو الذي أدى الى ان المحكمة ايضا في جفعات رام وكذا وزارة العدل في شارع صلاح الدين يتواجدان حتى الان في الحصار. وعليه فان اختبار المستشار القانوني الوافد سيكون في قدرته على الدفاع عن الجهاز. الحفاظ على استقلاله والحفاظ على استقامته. مازوز نجح في الاختبار، والان حان دور فينشتاين.