خبر عقد جديد – قديم -يديعوت

الساعة 10:58 ص|28 يناير 2010

الموجة الثالثة

بقلم: داني روتشيلد

لواء احتياط، رئيس معهد السياسة والاستراتيجية في المركز متعدد المجالات، رئيس مؤتمر هرتسيليا

 (المضمون: بلورة مبادىء حقيقية تعبر عن حدود الاجماع والمساومة باغلبية صهيونية تضمن بقاء الدولة اليهودية واستئناف الفكرة اللازمة جدا لشعب اسرائيل في القرن الواحد والعشرين - المصدر).

 

        لا حصر للكلمات التي كتبت في اجمال العقد المنصرم وليس أقل منها قيل عن العقد الذي كان. فحص دقيق للميول الجيواستراتيجية لا يترك مجالا واسعا للتفاؤل. كلما ابتعدت نقطة التركيز عن مدى الرؤية، هكذا تتعاظم التهديدات ويقل التفاؤل.

        مهندسو العقد القادم في اسرائيل يتعين عليهم ان يتصدوا مع طول الموجة السلبية التي تلم بنا وآخذة في التعاظم. فحص لميزان المناعة الوطنية في بداية العقد الجديد يبين تراجعا في معظم المقاييس التي تشكله. اسرائيل توجد اليوم امام ضغط دولي آخذ في التزايد. وحتى لو لم تطرأ انعطافة في الموقف المعلن للدول الصناعية، فانها تتخذ اليوم سياسة فاعلة لتطبيق مذهبها الفكري. الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي لاسرائيل تقود سياسة غايتها التوازن بين حاجتها المتعاظمة لبناء حلف في اوساط الدول العربية المعتدلة وبين موقفها التقليدي من دولة اليهود.

        كما أن طيف التهديدات ضد اسرائيل آخذ في التعاظم. قدرتنا على التصدي بشكل مبادر اليه ومستقل لمن يسعون الى ضرنا آخذة في التضاؤل. في ميزان المصالح الدولية، في توزيع القوة الاقتصادية ومقدرات الكرة الارضية الاخذة في الهزال تقف اسرائيل في وضعية اقل فأقل راحة.

        في تحليل حقيقي للواقع الجيوسياسي يتعاظم ضعنا حتى حيال اتضاح دونية موقفنا الاخلاقي. التفهم الدولي لحاجة دولة اسرائيل للتصدي للارهاب الاسلامي يتضاءل بالقياس الى الخضوع للتصميم المشوه للواقع، والذي تعده منظمات الارهاب. ترسخ جنوب لبنان وقطاع غزة كبؤرتين للارهاب مليئين بالسكان المحليين خلق مصاعب هائلة في التصدي العسكري التقليدي. التوازن العسكري، الحيوي جدا لبقاء اسرائيل في وجه التهديدات الاستراتيجية، يصبح عبئا في مواجهة غير منقطعة امام البعد التكتيكي للارهاب الفلسطيني.

        رغم المخاطر والتحديات، لم تتمكن اسرائيل من التصدي لضعف الجسد والنفس من الداخل مما يجعل من الصعب استغلال الفرص وتطبيقها. طريقة الحكم عندنا مريضة بورم عضال. وكنتيجة لذلك ليس لدى اسرائيل استراتيجية وطنية، وفي الاماكن النادرة التي توجد فيها سياسة فانها تصطدم بغياب قدرة تحقيق وبضعف هائل ينبع من انعدام القدرة على فرض معنى استراتيجي. حكومة مستقرة ظاهرا تكسب حماية في المعارضة، خشية السيولة في المعسكر الحاكم. حجم الحكومة الكبير وحجم حملة المناصب فيها لا يخفف من حدة التهديد غير المنقطع لفقدان القدرة على الحكم.

        دولة اسرائيل في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين لم تحسم بعد في جوهرها، طبيعتها وقيمها. وهي توجد في سلوك مأزوم لا ينقطع، بين قتال وتهديد وجودي وبين ضغوط ائتلافية، ضريبة طوارىء على المياه وشراء متهور لتطعيمات الانفلونزا. التعليم الرسمي لا يزال لا يحظى بمكانة مفضلة. الخدمة العسكرية والرسمية تصبح من نصيب الاقليات في اوساط السكان المدنيين الراشدين. الخطر الوجودي لم يمر بعد، الجوهر اليهودي للدولة لم يضمن، وطابعها الديمقراطي يقف امام اختبار لا ينقطع.

        الصهيونية هي حركة فاعلة. قوتها في قدرتها على تغيير وجه الواقع لا ان تكون أسيرة في صورة وضع اللحظة. على الصهيونية ان تجند قواها للنظر الى اسرائيل من الداخل. حيال هذا التحدي عليها أن تحدث ثورة عميقة من النهضة. فقط بلورة مبادىء حقيقية تعبر عن حدود الاجماع والمساومة باغلبية صهيونية تضمن بقاء الدولة اليهودية واستئناف الفكرة اللازمة جدا لشعب اسرائيل في القرن الواحد والعشرين.