خبر غـزة لـ« مصر بعد الجدار »: عذراً لن نشجعكم!!

الساعة 05:12 م|27 يناير 2010

ما بين 2008 و2010 "تغيـرّ الحال وتبدّل

غـزة لـ"مصر بعد الجدار ": عذراً لن نشجعكم!!

علا عطا الله

إسلام أون لاين

قبـل عامين وتحديداً في مسـاء يوم الأحـد من شهر فبراير، كانت صفارة الحـكم في غانا تُعلن وبقـوة عن فـوز المنتخب المصري ببطولة كأس الأمم الأفريقية 2008 بعد فـوزه في المباراة النهائية على الكاميرون بهدف نظيف أحرزه اللاعب "محمد أبو تريكة".

يـومها خـرّجت غـزة بصغارها وكبـارها إلى الشوارع ..وصّفقت بحرارة لانتصار المنتخب المصري بالبطولة وأطلقت زغاريد وبالونات الفـرح وتحول ليـلها آنذاك إلى نهـارٍ احتفالي .

 

وكانت مشاعر التضامن مـع مصر في بطولة كأس أمم أفريقيا لعام 2008 قد وصلت لقمتها بعد أن أظهر اللاعب المصري محمد أبو تريكة قميصًا ارتداه تحت قميص اللعب مكتوبًا عليه "تعاطفًا مع غزة" بالعربية والإنجليزية، بعد تسجيله هدفًا خلال مباراة منتخب بلاده أمام نظيره السوداني ...ويـومها افتخرت المدينة المكتوية بنار حصارٍ خانق بموقف النجم المصري الشجاع والجريء ..وسارعت لطبع آلاف الصور للاعب مكتوبٌ عليها :" وفاءً للأوفياء".

 

اليـوم ومع وصول المنتخب المصري إلى مباريات نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية لعام 2010 لا تبدو مشاعر المدينة كما كانت عليه قبل عامين إذ غابت لافتات التشجيع وحرارة الأمنيات والدعاء .

 

ما الذي تغير؟

وبحسب مراقبين فإن غـزة معذورة في إحساسها المُغاير فمصر التي انتصرت لحصارها وألمها قبل عامين تزيد اليوم من وجعها عبر تشييدها لجدارٍ فولاذي على طول حدودها مع القطاع وسط تخوف الغزيين من كارثة إنسانية تُصيبهم بـعد توقف إمدادات الأنفاق وفي ظل الإغلاق الدائم لمعبر رفح الحدودي.

 

عـلى باب إحدى المحـلات التجارية بوسط مدينة غزة يجلس أبو عبد الله هـو ومجموعة من أصدقاءه كعادتهم كل صباح ...وعلى الفور يبدأ نقاشهم هذه المرة حول مباراة الغد والتي ستجمع بين المنتخبين المصري والجزائري .

 

وما أن يتمنى أبو عبد الله فوز المنتخب الجزائري حتى يباغته صديقه "أبو حسن" باستفهامٍ استنكاري :" في آخر مباراة كنت تشجعها (مصر)..فما الذي تغيّر ؟" ..ابتسم أبو عبد الله وتابع :" شجعتها لكي تفوز ثم تخسر !!."

 

وعلى حدة أصوات المولدات المنتشرة في شوارع غـزة بعد الانقطاع التام للتيار الكهربائي إثر إعلان سلطة الطاقة عن توقف محطة التوليد لعدم وصول كميات كافية من الوقود يرتفع صوت حاد لصديق ثالث :" بصراحة هناك شعور بالحنق والغضب ..مصر بدلا من أن تفتح معبر رفح تقوم ببناء جدار يقطع آخر شرايين الحياة لديّنا (الأنفاق)".

 

وكانت العلاقة بين مصر وحماس قد توترت مؤخراً على خلفية عرقلة مرور قافلة شريان الحياة ومقتل جندي مصري على الحدود تبعه هجوم إعلامي مصري حاد على حركة حماس واتهامها بتحقيق أجندة خارجية لضرب الأمن القومي المصري.

 

بصدق شديد ...

 

وبالـرغم من تشديده على ضرورة تشجيع المنتخب الأجدر بالفوز وصاحب كلمة الفصل على أرض الملعب إلا أن الشاب خليل (22 عاماً) يعترف بأنه سيشجع المنتخب الجزائري ويستدرك :" هذه فطرة أن نشجع دوماً من يدعمنا ..ويقف لجانبنا ..نعم لا يمكن أن نتجاهل موقف مصر تجاه قضيتنا ودعمها لكن في الشهور الماضية بتنا نشعر أن ثمة فجوات ...خاصة بعد بناء الجدار الفولاذي."

 

وبـ"ياااارب تفوز الجزائر" يبدأ عادل (18 عاماً) حديثه لـ"إسلام أون لاين". ويضيف الطالب الجامعي الذي دب اليأس قلبه وبات خروجه للدراسة في الخارج أمام معبر مغلق الأبواب في خانة "الأحلام المستحيلة" :" كيف أصفق لفريق دولته تُمعن في حصارنا والتضييق علينا ..آلاف الطلبة مثلي ضاع مستقبلهم الدراسي ...لا أحد ينكر أننا نحب المصريين ولكن بصدق شديد ..هناك شعور تغير واختلف ..."

 

ويلتقي منتخبا مصر والجزائر في مدينة بانجيلا بأنجولا يوم غدٍ الخميس في إطار مباريات نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية، بعدما فازا على منتخبي كل من الكاميرون وكوت ديفوار على الترتيب في دور الثمانية في مواجهتين صعبتين.

 

وبدوره، يقـول الحاج "أبو ياسر" إنه وأولاده لن يقوموا بتشجيع المنتخب المصري كما كان يفعل سابقاً ودوماً وبلهجةٍ حادة مضى يقول :" هجوم من قادة وفنانين على غزة ...منع للقوافل الإغاثية ..إغلاق لمعبر رفح وبناء جدار موت ..كل هذه الشواهد تجعل بيننا وبين التشجيع مساحات ومساحات .."

 

رؤية ساخرة

 

وبالرغم من انضمامه للآراء السابقة في عدم تشجيعه للمنتخب المصري إلا أن الشاب عامر يتوقع فوز مصر ببطولة كأس أمم أفريقيا لعام 2010 قائلاً :" بعيداً عن العواطف ..هي تلعب باحتراف ومهارة في هذه البطولة وإذا ما استمرت على مستواها فمؤكد أن حليفها الفوز ."

 

وإن كان هناك من يبدي نوعاً من الجفاء تجاه المنتخب المصري فإن بعض الآراء ذهبت إلى ضرورة تشجيع المنتخب المصري بل وتمني فوزه بالبطولة بشدة.

 

ففي مقال ساخر يدعو الكاتب الفلسطيني "وسام عفيفة" أهالي غـزة لتشجيع مصر قائلاً: "منذ هزيمة مصر الكروية أمام الجزائر وحرمانها من الصعود لكأس العالم وهي تضعنا في دماغها، رغم أن الأغلبية الغزاوية شجعت المنتخب المصري... مصر الآن تصارع من أجل الحفاظ على لقبها بطلة أفريقيا للعام الثالث على التوالي. ..نضع أيدينا على قلوبنا خشية خسارة مصر هذه البطولة لأنها ستنقلب علينا غم مرة أخرى , ونخشى أن يعزو النظام خسارة المنتخب الوطني إلى العبث بالأمن القومي المصري من قبل غزة وحماس!!."

 

وينصح عفيفة قادة حماس بعدم التحدث في كرة القدم خلال اليومين القادمين إلى حين انتهاء البطولة على خير ويضيف :" خصوصا أن لرئيس الوزراء إسماعيل هنية سوابق رياضية...وإذا فازت مصر ربما تحدث حلحلة في الموقف المصري وربما تهدينا حلوان (مكافأة) الفوز: انفراجة سياسية في مواقفها اتجاه غزة".

 

قلوبـهم تقول العكس ؟

 

من جانبه يقول الكاتب الفلسطيني والمحلل السياسي مصطفى الصواف في حديث لـ"إسلام أون لاين.نت" إن أهالي غـزة ينتظرون مباراة الجزائر ومصر في كأس الأمم الإفريقية بفارغ الصبر مضيفاً :" رغم الميل الغزّي نحو الفريق المصري وتمني الفوز له كشعور حقيقي عندما يلاقي أي فريق عربي أو غير عربي إلا أن مزاج الجماهير اليـوم ونتيجة للموقف المصري الأخير من قطاع غزة تبدّل وصار هناك تحرك معاكس لمكنونات الشارع الداخلية ورغبة طارئة تعبر عن حجم الغضب من التصرفات المصرية الأخيرة (وأهمها بناء الجدار الفولاذي وإغلاق معبر رفح )..مزاج اليـوم هو ردة فعل وموقف ظاهري ..".

 

ويشدد الصواف على أنه وبالرغم مما يُقال على لسان أهالي القطاع من عدم تشجيع للمنتخب المصري إلا أن العقل الباطن لغزة هي مصر وشعبها حتى في الكرة ويستدرك :" حتى لو هتفت الجماهير :يارب تفوز الجزائر"..قلبها سيهتف بالعكس وستتمنى الفوز لمصر فالعلاقة بين غزة ومصر أكبر من أي خلاف أو موقف هنا وهناك .."