خبر عند فتحة بركان- هآرتس

الساعة 10:45 ص|27 يناير 2010

بقلم: الوف بن

 (المضمون: المنطقة سائرة الى اشتعال قريب اذا لم تتدخل امريكا لوقفه ولترتيب الامور في المنطقة - المصدر).

        يثير الاعتراف المعلن لرئيس الولايات المتحدة براك اوباما، بفشل جهوده لتجديد المسيرة السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين قلقا عميقا. يمكن ان نتفهم الاحباط الذي يثير في اوباما عناد بنيامين نتنياهو ومحمود عباس، وتسويفهما والحسابات السياسية بينهما. لكن ليس الحديث ها هنا عن منافسة بين اوباما واسلافه، من يحرز سلاما اكبر في الشرق الاوسط، بل في منع الحرب. ان نفض امريكا يديها يزيد خطر الاشتعال في المنطقة، وقد اخذ الهواء يمتلىء ببخار الوقود.

        تأتي الاشارات التي تشهد بانفجار قريب من كل صوب: من ايران ولبنان والضفة الغربية، ومن غزة واسرائيل التي تواجهها جميعا. بدل التهدئة والتسكين، يشحذ القادة السيوف ويتبادلون التحرش. يشجع ضعف "الشرطي العالمي" حكام المنطقة على المخاطرة.

        يجري في الجبهة الايرانية سباق تسلح وتهديدات. فايران تطور سلاحا ذريا، وتهدد اسرائيل بأن  تخرج لحرب ردع وتقصف المنشآت الذرية، ويهدد الايرانيون بأن يهدموا تل ابيب ردا على ذلك. الاستعداد العسكري يعزز صدق الردع: فقد زادت اسرائيل الميزانية الأمنية وهي تدرب سلاح الجو على هجمات بعيدة المدى، وتجرب ايران صواريخ ارض – ارض. تسلح ايران حزب الله وحماس بصواريخ تبلغ غوش دان، وتطور اسرائيل نظام حماية من الصواريخ وتعد الجبهة الداخلية للحرب. في شهر آيار سيجرى تدريب قطري عام كبير، وقد استقر رأي المجلس الوزاري المصغر على توزيع أقنعة غاز على السكان جميعا، وتخرج وحدات الانقاذ الى هاييتي للتدرب على علاج كارثة جمعية. وقعت ايران على اتفاق دفاع مشترك مع سورية وعززت علاقتها بتركيا، وقاربت اسرائيل مصر.

        في الشمال يستكمل الجيش الاسرائيلي وحزب الله الاستعدادات العسكرية لمواجهة اخرى، في ظل تبادل التحذير المعلن. وفي الضفة يستعد الفلسطينيون لانتفاضة ثالثة، تنحصر في عصيان مدني في مواجهة المستوطنات وجدار الفصل، وفي جهد لعزل اسرائيل والاعتراف بدولة فلسطينية. يلتقي كبار السلطة وفيهم رئيس الحكومة سلام فياض "اللجان الشعبية" التي تقود الاحتجاج على الجدار في بلعين ونعلين لقاءات مغطاة اعلامية. وهم يرون ان هذه هي الطريق المناسبة لتحقيق "حقوقهم"، لا العمليات الانتحارية. وفي غزة فشل التفاوض في تبادل الأسرى بين حماس واسرائيل، وتختل الهدنة مع كثرة الحوادث على الحدود.

        دفعت اسرائيل الى ضائقة استراتيجية. حذر رئيس الحكومة أول من أمس في يد واسم من "الدعوة الى ابادة الدولة اليهودية". واستحث العالم على "مواجهة الشر قبل ان يفشوا". لكن العالم يتنكر لاسرائيل، ويراها دولة محتلة برصاء، تقودها حكومة يمين متطرفة. في اسرائيل، التأليف بين مخاوف الكارثة والعزلة الدولية يهيىء للشغب، في حين يسمي نتنياهو للعالم "بضعة اسابيع" لوقف الشر.

        ازاء الفلسطينيين انحرف نتنياهو بقسوة الى اليمين، بعد ان استقبلت تفضلاته باستهانة في البيت الابيض والمقاطعة وعاد الاعلام "اليساري" الى مضايقته هو وزوجته. تبرز حكومته جهودها لتهويد شرقي القدس، بمساعدة حماسية من رئيس البلدية نير بركات وازاء صرخة شديدة للفلسطينيين واشياعهم. ان مواقف نتنياهو السياسية التي تدعو الى ضم الكتل الاستيطانية والى سيطرة عسكرية على غور الاردن، لا تختلف من مواقف ايهود اولمرت وايهود باراك. لكن في التوقيت الحالي، تستقبل تصريحاته في مراسم الغرس هذا الاسبوع في غوش عتصيون ومعاليه ادوميم وقوله "سنبقى ها هنا الى الابد"، الذي يرمي الى تقريبه من قاعدته السياسية في اليمين، تستقبل في العالم على انها تحد. وبعد ثمانية أشهر سينتهي التجميد الجزئي في المستوطنات.

        في وضع كهذا، ترك اللاعبات الاقليميات وحدها، أسيرة رغبتها القوية في "تصفية الحساب" مع العدو يزيد خطر الحرب. قد يكون اوباما أعمى ولا يدرك ذلك، أو أنه ضاق ذرعا بـ "اليهود والعرب". لكن يوجد امكان آخر وهو أن يكون يسلك سلوك هنري كسينجر قبل يوم الغفران – اي انه ينتظر اشتعالا يدعو بعده الاطراف المضربون امريكا لتخليصهم وصنع نظام في المنطقة.