خبر سنة أولى أوباما ...الحصاد العربي! .. نواف الزرو

الساعة 11:44 ص|26 يناير 2010

بقلم: نواف الزرو

نذكر : حينما اقتحم اوباما قبل عام البيت الابيض بقوة جارفة لم يتميز بها اي رئيس امريكي سابق ، حمل في جعبته مهمات تغييرية كبيرة هو تعهد بها ، وكذلك الرأي العام الامريكي والعالمي انتظرها منه، ولعل في مقدمتها "استعادة الهيبة والمكانة الاخلاقية الامريكية التي هدمها بوش عبر حروبه في العالم"...،

وكنا تساءلنا آنئذ:

- هل ينجح الرئيس الجديد باحداث التغيير الدراماتيكي حقا..؟،

- هل ينجح في حمل ذلك الارث الثقيل الذي ورثه اياه بوش...؟،

- هل ينجح حقا في تجميل صورة امريكا التي بلغت في عهد بوش ذروة بشاعتها وكراهية الشعوب لها...؟،

- هل يمكن بالاصل تجميل الجريمة والوجوه المشوهة...؟،

واليوم وبعد عام على ولايته نعود لنتساءل ايضا:

- ما الذي حدث خلال هذا العام...؟،

- هل نجح اوباما في احداث التغيير الدراماتيكي المنشود...؟

- هل نجح في"تلميع الصورة الامريكية" المشوهة...؟،.

- وعلى مستوى القضايا العربية وهذا الاهم بالنسبة لنا في سياق تقويمنا لحصاد العام الاول من عهد اوباما ،

كان السؤال الكبير :

هل يرتقي اوباما الى مستوى الآمال والتطلعات العربية وينتهج سياسة اخرى مختلفة عن سياسة سابقه في فلسطين والعراق والمنطقة العربية ...؟،.

بنى الفلسطينيون والعرب -والكثيرون كانوا على قناعة راسخة بذلك - الآمال الواسعة على الرئيس اوباما ، واخذ الجميع ينتظرون عمليا الانجازات الملموسة المقنعة التي من شأنها ان تغير القناعات والمشاعر العربية والعالمية وان تجمل الوجه الامريكي البشع ،.

- فما الذي قدمه وفعله اوباما بالنسبة لقضايانا يختلف عن سياسات سابقه...؟

- وما الحصاد العربي الذي يشار له في السياسة الامريكية في عهد اوباما...؟.

- وما الانجازات التي انتظرناها ولم تأت ؟،

معطيات المشهد السياسي اليوم بعد عام على اوباما تبين ان القضايا والملفات والجبهات الموروثة التي كانت بانتظاره ، ان على الصعيد الداخلي او على الصعيد الخارجي ، ليس فقط بقيت ساخنة على اجندة الادارة الامريكية ، بل تفاقمت وتأزمت...،.

فان تجاوزنا المشاكل والازمات الداخلية التي اخفق فيها اوباما وفق المؤشرات الامريكية ، وانتقلنا الى القضايا الخارجية المتفجرة على اجندة الادارة الامريكية ، لوجدنا ان ادارة اوباما انما تواصل عمليا تلك السياسات الحربية التي سارت عليها ادارة الرئيس بوش ، ما اكده على سبيل المثال ستانلي كوهين المحامي الامريكي - اليهودي الذي قال انه:"لا يراهن كثيراً على سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه القضية الفلسطينية ، رغم التفاؤل الذي أبداه البعض في الشرق الأوسط خلال الأشهر الأولى من وصوله إلى البيت الأبيض ، ويرى "أن باراك أوباما وجورج بوش توأمان" ، ويعتبر "أنّ أوباما يخضع لسيطرة اللوبيات الصهيونية ، وهو محكوم بسلسلة من الأكاذيب والخرافات ، كمقولة أنّ إسرائيل دولة مسكينة تدافع عن الديموقراطية" ، مشيراً إلى أنّ اوباما أحاط نفسه بأشد المدافعين عن الصهيونية ـ الجمعة 22 ـ 1 ـ 2010".

المراهنة الفلسطينية العربية كانت كبيرة ومتفائلة ، ولكن - لم يجن الفلسطينيون والعرب سوى الخيبة ، فقد تراجع الرئيس اوباما كما هو معروف عن برنامجه الذي حمله معه اعلاميا في بداية ولايته ، اذ تعهد بحل سياسي يوصل الى اقامة الدولة الفلسطينية بحدود عام ـ 67 ، بل انه انصاع تماما لضغوط اللوبي الصهيوني وصلابة نتنياهو في قصة"تجميد البناء الاستيطاني" ، وتخلى عن هذا المطلب تماما ، بل اصبح واقطاب ادارته يتحدثون عن استئناف للمفاوضات حتى بدون التجميد ، بل ان الرئيس اوباما اقرّ في احدث خطاب له ب"صعوبة المحادثات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي" ، واعترف في مقابلة مع مجلة "تايم" ، نشرت الخميس21 ـ 1 ـ 2010  "أن إدارته هوّنت من تقدير صعوبة حل الصراع في الشرق الأوسط" ، مشيرا إلى "أنها حددت توقعات أكبر مما ينبغي في بداية العام الأول من ولايته مطلع العام "2009 ، بل ان وزيرة الخارجية الأمريكية ، هيلاري كلينتون كانت اوضح منه بشأن حالة الإحباط مما يسمى بـ"عملية السلام" في الشرق الأوسط، وقالت: إن ما يقصده الأخير هو" أن القضية في نهاية المطاف بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

تصوروا...،

بعد وابل من الوعود والتعهدات والخرائط الامريكية تصل كلينتون الى ذروة التنصل من الدور الوساطي الامريكي لترخي الحبل ل"اسرائيل" لتفعل ما تشاء ، وليفعل الفلسطينيون والعرب ما يقدرون عليه...،.

وفي القضية العراقية ايضا ، لم ينفذ اوباما وعوده بالخروج من اسر الاستراتيجية البوشية الحربية ، فالسياسة الحربية والممارسات والانتهاكات ضد الشعب العراقي هي هي لم تتغير...،.

اما في قصة"الحرب على الارهاب" ، فحدث ولا حرج ، ويكفي ان نوثق هنا ان الرئيس اوباما اعلن مرارا انه يواصل "الحرب على الارهاب" ، ولعلنا نتوقف هنا امام "قانون منع الفضائيات..".

فمجلس النواب الأمريكى تبنى بأغلبية الاصوات ، مشروع قانون يطالب الرئيس الأمريكى باراك أوباما بتقديم تقرير كل عدة أشهر حول القنوات والتليفزيونات التى يتم بثها من الشرق الأوسط ، وتحرض على -ما يسمونه - "الإرهاب والعنف ضد الأمريكيين" ، لاتخاذ إجراءات عقابية ضدها ـ 12 ـ 12 ـ ,2009

وجوهر هذا القانون عمليا هو: اياك أن تتحدث عن مقاومة الاحتلالات او عن جرائم اسرائيل او عن الهولوكوست العراقي او حتى اياك أن تنتقد الممارسات الاسرائيلية...،.

والحقيقة الساطعة في هذا القانون وفق مضامينه الحقيقية اننا امام:

- مشروع اسرائيلي وليس امريكيا ، وامام سياسة اعلامية اسرائيلية وليست امريكية..،.

والحقيقة الساطعة ايضا ان عهد الرئيس اوباما ما زال استمرارا لعهد بوش الظلامي ، وان الكونغرس الامريكي انما يظهر للعالم وهو يتبنى جملة كبيرة من مشاريع القوانين انه كونغرس اسرائيلي وليس امريكيا..،

وبالعودة الى العنوان: الحصاد العربي ، فقد يثير هذا العنوان تعليقات استهزائية ، فعن اي حصاد عربي نتحدث هنا اذن...؟،.

يمكن ان نكثف الامر كله بالقول القطع: إن هذا الحصاد العربي انما هو جملة من تراكمات خيبات الامل من السياسات الامريكية ، غير ان الحق في ذلك ليس عليهم وانما على بنى يعرب..،.

العالم كله يتوقف في هذه الايام امام الادارة الامريكية الجديدة في عامها الاول ، ليقرأ ويقوم ويستخلص الدروس والعبر، ونأمل ان يفعل العرب ذلك ايضا...،.