خبر 25-1-2010.. لا شرعية لحماس ولا عباس

الساعة 09:56 ص|25 يناير 2010

خبراء : الفلسطينيون باتوا أمام مشهد مغلق والقضية الفلسطينية مقبلة على كارثة

25-1-2010.. لا شرعية لحماس ولا عباس

علا عطا الله

غزة- 25 يناير.. في مثل هذا اليوم منذ أربع سنوات (فترة ولاية المجلس التشريعي دستوريا) جرت بفلسطين انتخابات تشريعية شهد العالم بنزاهتها وفازت فيها حركة "حماس" بأغلبية ساحقة في المجلس التشريعي تتيح لها تشكيل الحكومة.. وقبيل هذا التاريخ بنحو عام و16 يوما، وتحديدا في 9/1/2005 فاز الرئيس محمود عباس بأول ولاية رئاسية له، والتي انتهت فعليا في يناير الماضي، وتم تمديدها حتى يناير الجاري على أمل إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة.

 

لكن ما شهدته السنوات التي تلت الانتخابات التشريعية من أحداث انتهت بالانقسام الفلسطيني في يونيو 2007، والذي شطر الضفة الغربية المحتلة وغزة بين سلطتي حركتي فتح وحماس، ولم تنجح مبادرات المصالحة بين الفريقين في رأب صدعه، حالت دون إجراء الانتخابات المرتقبة.. وجعلت هذا التاريخ 25/1/2010 بدلا من أن يكون ذكرى لعرس الديمقراطية الفلسطينية عنوانا لـ"موت الشرعيات" بفلسطين، بحسب خبراء في الشأن الفلسطيني.

 

وفي ظل هذا الواقع الفلسطيني المنقسم بين حكومتين -إحداهما في الضفة والأخرى في غزة- تدعي كل منها الشرعية لنفسها وتنفيها عن الأخرى، أكد خبراء لـ"إسلام أون لاين.نت" أنه بحلول 25 يناير الجاري "لن يكون هناك شرعية لأي من الفريقين -بحسب الدستور- وهكذا بتنا محكومين بواقع قائم تكرسه قوة الوجود لا قوة الشرعية"، معربين عن تشاؤمهم بأن القضية الفلسطينية "مقبلة على كارثة".

وبعد أربع سنوات مما وصفوه بـ"عرس ديمقراطي فلسطيني" أجمع خبراء فلسطينيون على  أن "الفلسطينيين يقفون عاجزين عن ممارسة حقهم الانتخابي والتوجه نحو صناديق الاقتراع لتجديد دم الشرعيات، فقد باتوا أمام مشهد مغلق الأبواب".وبعد أربع سنوات مما وصفوه بـ"عرس ديمقراطي فلسطيني" أجمع خبراء فلسطينيون على  أن "الفلسطينيين يقفون عاجزين عن ممارسة حقهم الانتخابي والتوجه نحو صناديق الاقتراع لتجديد دم الشرعيات، فقد باتوا أمام مشهد مغلق الأبواب".

 

ومن تاريخ 25/1/2010 بدأ المحلل السياسي طلال عوكل تقليب أوراق الحكاية الفلسطينية، وبصوت كان أبعد ما يكون عن التفاؤل قال: "لن نرجع للوراء ونتحدث عما شاب هذه الأعوام الأربعة.. نحن أبناء اليوم كما يُقال.. واليوم قد دخلنا في مرحلة غياب الشرعيات".

 

وأردف قائلا: "بغض النظر عن تمديد ولاية الرئيس والبرلمان فإننا أمام مشهد جديد تتعمق فيه حالة الانقسام، ولن يستمع أي طرف للآخر، وستدعي كل فئة أنها صاحبة الشرعية، فيما تنفيها عن الآخرين، بينما في واقع الأمر لا أحد شرعي الآن بحسب الدستور، وقد بتنا محكومين بواقع قائم تكرسه قوة الوجود لا قوة الشرعية".

 

وكان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قد قرر مؤخرا تمديد ولايتي الرئيس محمود عباس والمجلس التشريعي (البرلمان) لحين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.

 

ووصف عوكل ما يجري على الساحة الفلسطينية الآن بـ"المأساة"، مضيفا: "هناك انقلاب جديد على الرأي العام الفلسطيني، يتمثل في مصادرة حقه في الانتخابات، وللأسف ما يجري يمهد لأن نستيقظ على مشهد لكيانين منفصلين تماما في غزة والضفة".

 

كيانات منفصلة

 

ومن حيث انتهى عوكل محذرا من الانفصال الكامل والحاد أكـد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة أن "فلسطين على موعد في الأيام القادمة مع كارثة حقيقية تتمثل في عدم اكتراث حركتي حماس وفتح باستحقاقات المرحلة الراهنة".

 

وتابع: "بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة ونشوب حالة الانقسام النكد بتنا نتحدث عن حكومتين، واحدة هنا وأخرى هناك، لكن الخطر الحقيقي اليوم يتمثل بعد مرور تاريخ الاستحقاق الدستوري، حيث يذهب المشهد الفلسطيني نحو مزيد من التعقيد والمجهول".

 

واستطرد موضحا: "فالانقسام سيتعمق، وما من انفراج في الأفق، ونشوء الكيانات المنفصلة مسألة وقت فقط، فحماس ستواصل بسط سيطرتها على غزة والتأكيد على أن كل الأمور تسير على ما يرام، وفتح ستبقى تسيطر على الضفة؛ ما يعني أن الوضع ذاهب نحو مزيد من المأساة".

 

وبعد سيطرة حركة حماس على غزة في منتصف يونيو 2007 وإقالة رئيس السلطة الفلسطينية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية، وتشكيل حكومة في الضفة الغربية المحتلة برئاسة سلام فياض، بدأ مسلسل الانقسام الداخلي ولم تفلح بعلاجه كل أدوية مبادرات الصلح.

 

وللعام الثالث على التوالي تتبادل حركتا حماس وفتح الاتهامات بالمسئولية عن عرقلة المصالحة، فبينما تقول الأولى إن ملف المعتقلين هو العقبة الرئيسية أمام المصالحة، وتطالب بالإفراج عن قرابة ألف من عناصرها تتهم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة المحتلة باعتقالهم على خلفيات سياسية، تصر فتح على أن المشكلة الأساسية هي تشكيل حكومة فلسطينية وضرورة التزامها بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية.

 

وكانت مصر راعية المصالحة الفلسطينية قد أجلت في أكتوبر الماضي حوار المصالحة الفلسطينية إلى أجل غير مسمى إثر رفض حركة حماس التوقيع على ورقة مصر الخاصة بإعلان المصالحة لتحفظها على بعض بنودها، بينما وقعتها حركة فتح.

 

وتقول حماس إن عدة صيغ في الورقة المصرية للمصالحة بشأن آليات تنفيذ الاتفاق وترتيباته جرى تعديلها دون توافق مع الحركة، وهو الأمر الذي تنفيه مصر.

 

"وحدة الصف"

 

متحسرا على تبعات المشهد القائم أكد أبو سعدة أنه "ما من خيار أمام الفلسطينيين سوى استعادة وحدة الصف وعدم السماح لإسرائيل -وحتى المجتمع الدولي- باستغلال حالة غياب الشرعيات لابتزاز الفلسطينيين ودفعهم إلى تقديم تنازلات".

 

وأضاف: "وصلنا إلى نفق مظلم ومطلوب منا جميعا أن نخرج وبسرعة وإلا فكلمة (كارثة) ستكون ترفا في وصف الحالة الفلسطينية ساعتها".

 

وفي هذا الاتجاه ومتوافقا مع الرأيين السابقين أكد المحلل السياسي مصطفى الصواف أن "المشهد العام لن يتغير وستبقى الأوضاع على ما هي عليه، فحركة حماس ستظل تحكم غزة فيما حركة فتح تحكم الضفة، وملف المصالحة لن يبرح مكانه".

 

ولا يتوقف الصواف عن وصف المرحلة القادمة بـ"الكارثية"، بل يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، متوقعا أن "أطرافا عدة داخلية وخارجية رغم ذلك ستسعى لإزاحة كل من حماس والرئيس عباس عن رأس السلطة في الضفة وغزة".

 

وأوضح قائلا: "ففي الضفة ستسعى الإدارة الأمريكية لإيجاد سلطة توافق على الاستمرار في مفاوضات السلام مع الاحتلال الإسرائيلي دون اشتراط وقف التوسع الاستيطاني الذي يتمسك به عباس".

 

أما في غزة -تابع الصواف- "فستندلع موجة من الاضطرابات تثيرها بعض عناصر فتح، كما أن الوضع على الحدود مع مصر مرشح للاشتعال في ظل تشديد الحصار وبناء الجدار الفولاذي واستمرار المظاهرات الاحتجاجية على بنائه وعلى ما تقوم به مصر من هدم للأنفاق التي تمثل شريان الحياة لغزة".

 

وأمام انسداد كل أبواب المصالحة الوطنية وفقد جميع السلطات لشرعيتها وفي ظل التهويد المستمر للقدس وابتلاع وحش الاستيطان لأراضي الضفة المحتلة أجمع الخبراء في نهاية أحاديثهم على أن "الفلسطينيين -ومن باب أضعف الإيمان- مطالبون بالاتفاق على مرجعية وطنية تحميهم من فوضى عارمة".