خبر من رب البيت؟- يديعوت

الساعة 09:33 ص|25 يناير 2010

لا نريد الانتحار

بقلم: الياكيم هعتسني

رئيس الوزراء أضاف غور الاردن الى نطاق تقليص الدولة الفلسطينية: حدود آمنة، كتل استيطانية، القدس، التجريد، الرقابة على الحدود، على عقد اتفاقات دولية، على الفضاء ومصادر المياه. وبرأي نتنياهو اذا لم تستوفى هذه الشروط فستعرض الدولة الفلسطينية للخطر وجود الدولة اليهودية.

ومع ذلك، يكاد يكون للفلسطينيين منذ الان كل شيء. لغزة، التي تسيطر على نحو نصف عرب "يشع" (يهودا والسامرة وغزة) (1.2 مليون) لا ينقص سوى مكانة الدولة. لرام الله (1.5 مليون) سلطة كاملة على العرب في كل الضفة، باستثناء حفنة في المنطقة ج يخضعون في شؤون التخطيط والبناء للحكم العسكري. مناطق أ و ب التي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية تضم 40 في المائة من الارض، ولكن معظم الـ 60 في المائة التي في يد اسرائيل هي صحراء يهودا وغور الاردن. في ظهر الجبل المأهول تركت اسرائيل لنفسها فقط جيوبا هي البلدات اليهودية والاروقة الرابطة بينها "نبضات اوسلو" نظفت كل الوعاء، ولم يتبقَ شيء يقشط منه.

هذه الجيوب والاروقة تعود الى "الحدود الامنية"، وذلك لان شارون خطط الاستيطان اليهودي انطلاقا من حساب سيستند اليه الجيش في حماية معابر سريعة وآمنة من السهل الساحلي الى غور الاردن، الخزان الجوفي للجبل ومواقع سيطرة استراتيجية. وفي داخل السكان المعادين فان الجيش لا يمكنه أن يصمد على مدى الزمن (نابليون: "لا يمكن الجلوس على الرماح").

خارج مناطق الاستيطان اليهودي، سيطرة السلطة الفلسطينية كاملة: برلمان، حكومة، رئاسة، قضاء، تعليم، اغاثة، زراعة، تجارة وصناعة، داخلية، راديو، تلفزيون، تلفون، انترنت، نقليات، امن داخلي، سفراء، تمثيل في الامم المتحدة (باستثناء التصويت)، اجهزة سرية، بريد وطوابع، جوازات سفر. ما ينقصهم هو طرد الجيش الاسرائيلي، تصفية الاستيطان اليهودي واقامة دولة – كل ما سيجعل الحياة في اسرائيل جحيما.

هكذا مثلا، الوهم بانه يمكن تعويض العرب من داخل اراضي سهل بيسان، قاطع لخيش والنقب ("دونم مقابل دونم") على الكتل التي ستضمها اسرائيل. هذا الوهم سيتبدد حين تثور هناك الصرخة – وليس بالذات من جانب المستوطنين الذين مسموح الدوس عليهم. دون أن نذكر بان اقتلاع مائة الف المتبقين "فقط" – سكان البلدات خارج الكتل – سيخلف وراءه دولة لم نعرفها من قبل.

ولا تزال الضربة الاشد منها جميعا ستكون اقامة الدولة الفلسطينية. اليوم، "يشع" (المناطق) هي الارض الاقليمية الاخيرة في العالم التي لا يوجد لها صاحب سيادة. المصير او العناية ابقيا لليهود "ارض الميعاد" مفتوحة لاختيارهم، بينما لا يوجد في العالم دولة ذات "حق عودة" الى "يشع" حسب القانون الدولي: الاردنيون اجتاحوا، وفي العام 1988 تنازلوا ايضا؛ الانتداب البريطاني الذي سبقهم قضى نحبه؛ الاتراك، في معاهدة لوزان، تنازلوا عن حقهم والمماليك – في المتحف.

يبقى ساري المفعول، طالما لا يوجد صاحب سيادة آخر، صك الانتداب الذي اعترف بالحق التاريخي للشعب اليهودي بان يعيد من جديد اقامة وطنهم القومي في بلاد اسرائيل، وأمر البريطايين بتشجيع "الاستيطان الكثيف للارض، بما في ذلك اراضي الدولة". وعليه، فنحن لا نزال رب البيت – وهو وحده يمكنه أن يتنازل عن حقه.

فقط اذا ما قامت لا سمح الله، بموافقة اسرائيل دولة فلسطينية، فان اراضينا ستعتبر "ارض فلسطين". وبعد ذلك، حتى حين يخرق الفلسطينيون الاتفاق والجيش الاسرائيلي يعود لاحتلال نابلس، سنضطر دوما للخروج، إذ أن هذه ستصبح "ارض فلسطين".

المانيا النازية ابيدت، ولكنها استبدلت بـ "المانيا اخرى"، وذلك لان هذه "ارض المانيا". الويل للزعيم اليهودي الذي على اسمه سيسجل في التاريخ تحويل ارض اسرائيل الى ارض فلسطين. يوجد يهود كانوا يفضلون الموت على أن يساهموا في مثل هذه الكارثة التاريخية، التي توازي كل المخاطر المادية بأسرها. من سيشرح للسناتور ميتشيل (ولرئيس وزرائنا) بان كل ما يمكن اعطاؤه للعرب، سبق أن تلقوه وما تبقى – اسرائيل لا يمكنها أن تعطيه دون ان تنتحر.