خبر شرق أوسط جديد -­معاريف

الساعة 09:29 ص|25 يناير 2010

بقلم: شموئيل روزنر

(المضمون: الادارة لن تضع مكانتها على المقصلة كي تحصد فشلا آخر. اوباما يحتاج الى انجازات، وهو سيستثمر في المسيرة السلمية، فقط اذا ما كانت له فرصة حقيقية في تحقيق نتائج - المصدر).

يوم الاربعاء الماضي، بعد يوم من تعرضه لضربة من الناخبين، في الانتخابات لمجلس الشيوخ لولاية مساشوستس، سافر المبعوثان الكبيران للرئيس براك اوباما الى موسكو. مستشار الامن القومي جيم جونز، ورئيس اركان القوات المشتركة، الجنرال مايك مولن، اجريا جولة اخرى من المحادثات – الروس قالوا انه كان هناك "تقدم ذو اهمية" – على الاتفاق بين الدولتين لتقليص ترسانة السلاح التي بحوزتهما. في السنة الماضية اتفق الرئيسان، اوباما وديمتري مدفديف، على تقليص عدد الرؤوس النووية بالتوافق، والتوقيع على ميثاق "ستارت" جديد، يحل محل ميثاق العام 1991 الذي انتهى مفعوله. وستستأنف المحادثات في بداية الشهر القادم. اتفاق من هذا النوع يحتاج الى مصادقة مجلس الشيوخ الامريكي، ومجلس شيوخ يوم الاربعاء الماضي لم يعد مجلس الشيوخ لعدة اشهر اخرى – بمعنى، ليس ذاك الذي سيطلب منه الرئيس مصادقته. وفضلا عن ذلك، لاقرار الاتفاق مع روسيا يحتاج اوباما الى اغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ – وليس الستين الذين لم يعودوا له، بل سبعة وستين شيخا ينبغي ان يصوتوا معه. ليس مؤكدا أنه كان لاوباما مثل هذه الاغلبية الاسبوع الماضي، بل واقل تأكيدا من ذلك ان ستكون له مثل هذه الاغلبية بعد شهرين.

        وبقدر ما تتقدم الساحة السياسية الامريكية نحو اشهر الصيف، بقدر ما تقترب الانتخابات للكونغرس في تشرين الثاني القادم، سيحتاج الرئيس الى رسائل بسيطة تلائم الحملة. وهو سيضطر الى التوجه الى مهرجانات التأييد للمرشحين الديمقراطيين، ليؤكد ما يقوله للناخبين بموجب ذلك. فهو رئيس قائم في حالة حرب – في العراق وفي افغانستان – وهو رئيس يكافح أزمة اقتصادية خطيرة – خلافا لتشريع اجتماعي طموح، فان التشريع لصد الازمة لا يزال بوسعه أن يقره. نقاط الضعف الواضحة لديه: اذا وقعت عملية ارهابية فان اوباما سيعتبر كمن جلب الى البيت الابيض عقلية طرية جدا ورفع بذلك مستوى الخطر على المواطنين. اذا ما تفاقمت الازمة الاقتصادية، فسيكون اوباما عرضة للادعاءات بانه ضيع اشهر هامة في معركة على الاصلاحات بدلا من الانشغال بكامل طاقته في معالجة الازمة.

        على أي حال سيكون لهزيمة الادارة في الساحة السياسية الامريكية الداخلية بالضرورة تأثير ايضا على السياسة الخارجية للرئيس ولكن من الصعب ان نحدد بالضبط في أي اتجاه. نموذجان محتملان: ذاك الذي يفترض أن الرئيس الضعيف في الساحة الداخلية سيكون بالضرورة اضعف في الساحة الخارجية ايضا. او بتعبير آخر: خسارة اوباما في مساشوستس ستسهل على بنيامين نتنياهو رفض مطالب الادارة وستجعل من الصعب على اوباما ممارسة ضغط ناجع على حكومة اسرائيل. ادارة مهزومة هي ادارة مترددة، ينبغي أن تختار معاركها بعناية والا تعرض نفسها لاهانة سياسية اخرى في سبيل اهداف من الصعب تحقيقها في الشرق الاوسط. مؤشر على مثل هذا الحذر كان يمكن ايجاده في مقابلة اوباما مع مجلة "التايم" والتي وفر فيها منذ الان عمليا العذر لانعدام الفعل في المستقبل: الطرفان غير معنيين، هذا اصعب مما اعتقدنا، او كما وصفت ذلك وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون: في نهاية المطاف هذا شأن بين الاسرائيليين والفلسطينيين. بمعنى ان الادارة لن تضع مكانتها على المقصلة كي تحصد فشلا آخر.

        ولكن يوجد ايضا نموذج معاكس: النموذج الفاعل. هذا النموذج الذي اختاره الرئيس بيل كلينتون في بداية التسعينيات، بعد أن تلقى ضربة موازية في محاولته اقرار الاصلاحات في التأمين الصحي. كلينتون، الذي انتخب للرئاسة وهو دون أي علم او اهتمام بالسياسة الخارجية، اظهر فجأة اهتماما متزايدا بما يجري في باقي العالم لفهمه انه في الساحة الخارجية تفرض عليه قيود اقل مما في الساحة الداخلية. وان السياسة الخارجية – وهذا لا يتضمن التوقيع على الاتفاقات واجبة المصادقة من الكونغرس – يمكن للرئيس ان يديرها فيما ان يديه اقل تقييدا من المشرعين المثارين الذين سيقفون امام انتخابات متجددة. اوباما يمكنه أن يبحث عن انجازات في السياسة الخارجية من النوع الذي لن يسمح الجمهوريون له بتحقيقها في الساحة الداخلية. ولكن عندها ايضا ليس مؤكدا ان يختار بالذات هدفا معقدا مثل المسيرة السلمية الاسرائيلية – العربية. اوباما يحتاج الى انجازات، وهو سيستثمر في المسيرة السلمية، فقط اذا ما كانت له فرصة حقيقية في تحقيق نتائج.