خبر فريد في جيله -هآرتس

الساعة 09:28 ص|25 يناير 2010

بقلم: عكيفا الدار

 (المضمون: بدلا من استمرار الاحتلال والخطر الذي يحدق بمستقبل اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، فان الرئيس بيرس يدحرج الى بوابة الفلسطينيين المسؤولية عن فشل المسيرة السياسية ويعد "الخط الاعلامي" لجولة العنف التالية - المصدر).

في ربيع العام الماضي سار الرئيس شمعون بيرس بعيدا حتى البيت الابيض كي يقنع قيادة الادارة الامريكية بأن "السلام في رأس اهتمام" رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ولعل هذا ما قصده الرئيس براك اوباما حين قال لمجلة "التايم" انه لو توقع المشاكل السياسية في الطرفين في وقت مبكر اكثر، لكان اكثر حذرا من رفع مستوى التوقعات بهذا القدر. اذا كان "مهندس اوسلو"، يشهد على ان الرجل الذي لم يوفر جهودا في القاء اتفاقه الى سلة مهملات التاريخ "يبحث عن سلام تاريخي"، فلماذا ينبغي لاحد ان يشكك بنواياه؟ منذ زمن غير بعيد نجح بيرس في ان يقنع حتى المصريين المتشككين في انه قبل ان يقول لزوجته "صباح الخير" بيبي يسألها "حسنا يا سارتي، ماذا سنفعل اليوم من اجل السلام التاريخي مع الجيران؟".

اذا لماذا حقا لا يوجد سلام؟ هذا منوط بمن تسألون. حسب أوباما، الطرفين – الاسرائيليين والفلسطينيين – يجدون صعوبة في الشروع في مفاوضات ذات مغزى. في مقابلة "التايم" تحدث اوباما بنفس واحد عن حماس التي تنفخ في قذالة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وعن الائتلاف الاشكالي لنتنياهو. عباس، كما هو معروف، يرفض ضم حماس الى حكومته، بسب رفض المنظمة تبني حل الدولتين على اساس خطوط 67. بالمقابل، في حكومة نتنياهو، وحتى في حزبه، يوجد تمثيل كبير للمعارضين لتقسيم البلاد. وفضلا عن ذلك، فان نتنياهو (وايهود باراك) يفضلان الائتلاف مع اليمين المتطرف على حكومة وحدة مع حزب الوسط "كاديما".

حسب الرئيس بيرس، ابو مازن وحده هو المذنب. ولا كلمة عن نتنياهو. الفلسطينيون هم اولئك الذين "تسلقوا على الشجرة" في  موضوع تجميد البناء في شرقي القدس. في اثناء زيارته الى القاهرة قبل شهرين وعد بيرس بأن فور افتتاح المفاوضات، لن يكتفي نتنياهو بتجميد تام للبناء "القانوني" في المستوطنات، بل وسيخلي ايضا البؤر الاستيطانية غير القانونية. هذا أمر لا يصدق! رئيس الوزراء مستعد عن حق وحقيق لان ان يفي بالتعهدات الدولية (خريطة الطريق) التي وقعت عليها اسرائيل قبل 7 سنوات؟ انه يستحق بالفعل المدالية الذهبية عن مركز بيرس للسلام.

وماذا سيحصل في الاحياء العربية في شرقي القدس بعد ان تبدأ المفاوضات (حسب خطة بيرس، في المرحلة الاولى دون بحث عن القدس واللاجئين)؟ فهل يبدي الرئيس استعداده على الاطلاق لان يتعهد بأنه عندما يخرج عباس من اللقاء مع نتنياهو، لن يسمع في الراديو عن اقامة حي يهودي جديد في جبل الزيتون؟ اذا كان مسموحا لرئيس الجميع ان ينشغل بشؤون سياسية موضع خلاف، فلماذا يحرص على الصمت في "الشؤون الرسمية" في مسائل اخلاقية مثل القاء عائلات لاجئي 1948 من غربي القدس من منازلهم في شرقي القدس الى الشارع؟ فهل سمع احد ما بيرس يقول شيئا عن اعتقال حفنة رجال اليسار الذين يحتجون ضد تحقير العدالة في الشيخ جراح؟ أوليس لديه ما يقوله عن قرار صديقه الجديد، ايهود باراك، لرفع مستوى كلية أرئيل؟

        لعل الرئيس منشغل في الاعداد لهجوم جديد آخر على القاضي ريتشارد غولدستون، قبل النقاش الذي سيجرى في الامم المتحدة الاسبوع القادم لتقريره عن "رصاص مصبوب". ماذا كان سيفعل بيبي بدونه؟ لماذا يرسل الى الجمعية العمومية وزير الخارجية الاشكالي الذي اختاره حين يكون الحائز على جائزة نوبل للسلام مستعدا دوما لان يطفىء كل الحرائق؟ بيرس انتقل من مباي الى رافي، عاد الى المعراخ، حاول التنافس على رئاسة الوزراء بتمثيل من ميرتس، جلس في حكومة شارون وانتقل معه الى كاديما. من الطبيعي جدا ان يكون مستعدا لان يخدم حكومة الليكود. ولكن في الاسبوع الماضي نجح بيرس في ان يفاجئنا.

        حسب تقرير في "هآرتس" حذر الرئيس عباس بأنه "يلعب بالنار" وذلك لان استمرار الجمود السياسي من شأنه ان يحدث انتفاضة ثالثة. وبدلا من الركوب على موجة عطف "الشعب"، التي يتباهى به جدا، الوقوف بشجاعة أمام الجمهور الاسرائيلي والتحذير من استمرار الاحتلال والخطر الذي يحدق بمستقبل اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، فان الرئيس يدحرج الى بوابة الفلسطينيين المسؤولية عن فشل المسيرة السياسية ويعد "الخط الاعلامي" لجولة العنف التالية. بيرس هو حقا فريد في جيله.