خبر تجربة « حماس » البرلمانية .. زرعت في طريقها الألغام وبقيت قائمة في الحرب والحصار

الساعة 11:53 ص|24 يناير 2010

مع انتهاء الولاية الدستورية للمجلس التشريعي الفلسطيني

تجربة "حماس" البرلمانية .. زرعت في طريقها الألغام وبقيت قائمة في الحرب والحصار

فلسطين ليوم- غزة

لم يكن يوم الخامس والعشرين من كانون ثاني (يناير) 2006 يوماً عاديا في تاريخ الشعب الفلسطيني ولا في المنطقة ككل، وذلك بعدما فازت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية بأغلبية ساحقة وسط ذهول فلسطيني وعربي ودولي بهذه النتيجة وآثارها.

ولكن بالتأكيد؛ فإن اليوم ذاته من هذا العام الذي يصادف غداً الاثنين (25/1) سيكون يوما عادياً بما تحمله هذه الكلمة من معنى لشعب واقع تحت نير الحصار والاحتلال الذين لم يسمحا لتجربته الديمقراطية التي أقر العالم بنزاهتها، ولم يعطيا الفرصة لهذه الحركة باستلام زمام الأمور بشكل سلسل وتداول سلمي للسلطة كما هو الحال في كل بلدان العالم.

وويرى مراقبون أن ممارسة السلطات الإسرائيلية لسياسة الاعتقالات ضد نواب "حماس" وما اعتبروه "تآمر" المجتمع الدولي وبعض دول الجوار وفريق من الفلسطينيين على الحركة الإسلامية أفسد بريق هذه التجربة الفريدة من نوعها، حسب تعبيرهم.

ويدافع ممثلو حركة "حماس" في المجلس التشريعي عن تجربتهم البرلمانية التي استمرت أربع سنوات رغم الاعتقالات "والتآمر الفلسطيني والدولي". لكن مراقبين وبرلمانيين مستقلين وصفوا التجربة بأنها "مريرة نظراً للمؤامرات وحالة الانقسام التي أصابت مكونات المجتمع الفلسطيني".

 

يقول النائب عن كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية التابعة لحركة "حماس" يحيى موسى "إن تجربة "حماس" غنية بالمصاعب والألغام التي وضعت في طريقها من أجل إجهاض هذه التجربة في مهدها بعد الفوز الكاسح".

ويوضح النائب موسى لـ "قدس برس" أنه لو أي دولة بكافة أركانها ومقوماتها أحيطت بها الظروف التي فرض على تجربة "حماس" البرلمانية لسقطت. ويضيف: "حماس" لم تمكن من السلطة بكل ما تعنيه الكلمة وإنما وضعت في ضغوط قاهرة وحرب كونية اجتمع عليه القريب والبعيد، هذه الظروف لا بد أخذها بعين الاعتبار عند تقييم التجربة البرلمانية".

 

وتابع قائلاً: "حماس" دخلت إلى الانتخابات ويدها بيضاء وبعد أربع سنوات ما زالت يدها بيضاء وتتمتع بشفافية عالية جدا في التعامل .. يكفي أن "حماس" لم تتسلم أي مليم من أموال السلطة الفلسطينية ولم تدفع لها أي دوله من الدول المانحة".

 

ولم يمتلك موسى تعقيباً على انجازات المجلس التشريعي خلال السنوات الأربع الماضية سوى القول: "إن المجلس التشريعي عقد مائة جلسة برلمانية وسن عشرين قانون تتعلق في الأمور الحياتية الناظمة للحياة في الأراضي الفلسطينية".

 

ودافع النائب  موسى عن تجربه حركته بصوت هادئ قائلاً: "هي (حماس) تجتهد وتدير أمرها وتدير أمر شعبها بالقليل القليل لتعطي صورة مشرقة في التضحية والشفافية والنزاهة وهذا أمر مهم جدا بعد ما كان كل الأنظمة الفلسطينية صورة من صور الفساد والانحراف".

 

وحافظت كتلة "التغيير والإصلاح" التابعة لحركة "حماس" على عقد جلسات في مقر المجلس التشريعي بمدينة غزة قبل قصفة من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي خلال العدوان الموسع على القطاع في الفترة الواقعة بين السابع والعشرين من كانون أول (ديسمبر) 2008 والثامن عشر من كانون ثاني (يناير) 2009.

 

ولجأت كتلة "حماس" البرلمانية إلى سياسة "التوكيلات" التي رفضتها الكتلة البرلمانية الفلسطينية الأخرى للتغلب على إشكالية اكتمال نصاب الجلسات التي كانت تعقدها في قطاع غزة الذي تديره منذ صيف العام 2007.

 

ويقول النائب عن كتلة "التغيير والإصلاح" التابعة لحركة "حماس" عاطف عدوان: "حماس سعت لحد كبير إلى إثبات نفسها والثبات والصمود في وجه كل العراقيل الداخلية والعربية والدولي رغم أن كمية التآمر الداخلي والإقليمي والدولي كان كبيرة".

 

واعتبر عدون، الذي يرأس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي الفلسطيني، إن أهم انجازات حماس أنها زاوجت بين السلطة والمقاومة والتمسك بثوابت القضية الفلسطينية رغم كل ما أحيط من ضغوط وإشكاليات.

 

وأضاف: "استطاعت "حماس" أن تثبت في ميدان الصراع وأن تنفتح أكثر على العالم بفعل جهودها وصمودها وثبات حقيقة نموذجها السياسي الذي كسب التعاطف من قبل برلمانات العالم".

 

وتطرق عدوان خلال حديثه لـ "قدس برس" إلى نموذج قطاع غزة ووصفة بأنه "أصبح نموذجاً للعزة والكرامة بعد أن فشل الاحتلال ومعاونيه في استباحة أرضة واغتيال قادته وتدمير المقاومة التي تمثل رأس الحربة في القضية الفلسطينية".

 

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدر نهاية تشرين أول (أكتوبر) الماضي مرسوماً بتحديد موعد الانتخابات في موعدها القانوني في 25 كانون ثاني (يناير) الجاري غير أن لجنة الانتخابات المركزية أعلنت تعذر إجرائها بسبب ما قالت إنه "منع حركة حماس أي نشاط لها في غزة".

 

وعلى أثر ذلك؛ قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية تفويض الرئيس عباس والتشريعي بالبقاء في منصبهما لحين تهيئة الأجواء أمام إجراء الانتخابات التي تقول حماس إنها رهن التوصل إلى اتفاق فلسطيني.

 

وحكم الخبير في شؤون الحركات والجماعات الإسلامية خالد صافي على تجربة حركة "حماس" البرلمانية بأنها "مشلولة". وتساءل في حديثه مع "قدس برس": "كم مرة انعقد المجلس التشريعي وكم قانون سنة وما هو دورة في مراقبة الحكومة الفلسطينية".

 

وقال: "إذا أرادت "حماس" المحافظة على أيدلوجيتها الفكرية عليها أن تعالج الواقع الحاصل وتعيد حساباتها، لكن ليس على حساب ميثاقها الداعي إلى التمسك بالمقاومة ورفض الاعتراف بإسرائيل والاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير مع الدولة العبرية". 

 

لكن أمين سر كتلة "حماس" البرلمانية النائب مشير المصري رفض وصف تجربة حركة البرلمانية بـ "المشلولة"، وقال: "حماس" ناضلت وواجهت المؤامرات من أجل إنجاح تجربتها والحفاظ عليها".

 

وقال المصري لـ "قدس برس": "حماس" تشدد على احترام الديمقراطية والتعددية السياسية وتداول السلطة وتؤيد إجراء الانتخابات في موعدها الدوري لكن في حال توفرت متطلباتها".

 

وأوضح أن متطلبات الانتخابات هي في توفر النزاهة والشفافية بعيداً عن أي تزوير، وكل ذلك يتطلب تهيئة الأجواء الفلسطينية لإجراء المصالحة وإنهاء الانقسام عبر اتفاق مصالحة ومن ثم إجراء الانتخابات.

 

ويرد المتحدث باسم حركة "فتح" أحمد عساف قائلاً: "إن الانتخابات ليس هبة من أحد، وإنما حق للشعب ليقول كلمته"، متهماً حركة "حماس" بتعطيل مساعي حركته والفصائل الفلسطينية لإجراء الانتخابات في موعدها واحترام الخيار الديمقراطي.

 

ويقول عساف في تعقيب لـ"قدس برس": "للأسف بعد أن أصدر الرئيس عباس مرسوما بالتحضير للانتخابات رفضت "حماس" هذا المرسوم ورفضت لجنة الانتخابات، وبالتالي بات تأجيل الانتخابات قصراً في ظل استمرار حالة الانقسام.

 

ومن جانبه، يعتبر النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة، أن التجربة البرلمانية للمجلس التشريعي الحالي "كانت مرة على مدى السنوات الأربع الماضية نتيجة تغييبه من قبل الاحتلال الإسرائيلي عبر اختطاف النواب، وتغيب النواب بشكل طوعي لانتمائهم وولائهم للتنظيمات أكثر من ولائهم للمواطن الذي انتخبهم".

 

ويقول خريشة، وهو نائب مستقل عن الضفة الغربية لـ "قدس برس": "المجلس التشريعي يجب أن يرفع صوته ويحاسب ويراقب، ويكون عنواناً لكل المظلمين في المجتمع الفلسطيني، لكن هذا الدور سلب منه خلال الأعوام الماضية، وقُيدت حرية المواطن بالتعبير والنقد وأصبحت تنتهك حرية المواطن الفلسطيني بشكل يومي، وأصبح هناك هوة بين المواطن الفلسطيني والتنظيمات الفلسطينية".

 

وأشار إلى فشل القوى السياسة الأخرى غير "حماس" و"فتح" الممثلة في المجلس التشريعي في تشكيل كتلة جامعة مانعة أمام محاولات تعطيل المجلس.