خبر الاحتلال يزعم نجاحه في مواجهة الاستشهاديين وفشله أمام الصواريخ

الساعة 07:45 ص|23 يناير 2010

فلسطين اليوم- القدس

دعا الباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب أمير كوليك الجيش الإسرائيلي إلى إشراك الاستخبارات الإسرائيلية في شكل أوسع في خططه لمواجهة تهديد الصواريخ قصيرة المدى أو "ذاتية الدفع" التي اعتمدها "حزب الله" وحركة "حماس والمقاومة الفلسطينية" وسيعتمدها في المستقبل في مواجهة إسرائيل.

 

وقال إن العقيدة الأمنية التقليدية التي يسير الجيش الإسرائيلي بموجبها منذ عشرات السنين ينبغي أن تشهد تعديلات يستوجبها انخفاض وزن تهديد الحروب التقليدية (بين الدول) التي قامت عليها هذه العقيدة "وذلك في أعقاب خروج مصر من دائرة المواجهة مع إسرائيل، وتوقف سورية عن السعي الى تحصيل توازن استراتيجي مع إسرائيل، والقضاء على عراق صدام حسين كقوة عسكرية"، في موازاة ارتفاع وزن التهديدات الأخرى: الاستشهاديين والأسلحة ذاتية الدفع، التي تبتغي أساساً استنزاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

 

وأضاف في تقرير نشرته "الحياة" اللندندية اليوم السبت أنه فيما حققت إسرائيل نجاحاً في مواجهة الاستشهاديين، خصوصاً عبر "الاغتيالات الموضعية"، فإنها ما زالت تفتقر إلى الوسائل الملائمة لمواجهة القصف قصير المدى، "علماً أن هذا القصف بات مركباً مهيمناً في العقيدة العسكرية لحزب الله وحماس وحتى لسورية" لإدراكها أنه ليس لدى الجيش الإسرائيلي رد عملياتي ناجع لهذا السلاح، وأن للقصف تأثيراً فاعلاً على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فضلاً عن دوره في كبح تقدم القوات الإسرائيلية البرية.

 

وتقوم العقيدة الأمنية التي تم إرساؤها في خمسينات القرن الماضي على ثلاثة مبادئ تناولها "تقرير فينوغراد" (عن الحرب على لبنان) وهي: الردع والتحذير والحسم، وبموجبها فإن على إسرائيل أن تردع الدول العربية عن شن هجوم عسكري.

وفي حال لم ينفع الردع في تحقيق الهدف، يتوجب على الاستخبارات الإسرائيلية أن تزود الجيش تحذيراً باحتمال وقوع الهجوم وبموعده لتمكينه من الاستعداد له، ثم بعد اندلاع الحرب يجب أن يكون الجيش قادراً على نقل المعركة إلى أرض العدو وحسمها في وقت قصير، خصوصاً إزاء افتقارها (إسرائيل) لعمق استراتيجي وقدرتها المحدودة على الصمود.

 

ويرى الباحث أن عنصر "التحذير" بمعناه التقليدي غير قابل للتطبيق عندما لا يكون العدو دولة إنما تنظيم عسكري. ويضيف: "أما في مسألة الحسم، فإن العمل المخابراتي المكثف يلعب دوراً مركزياً أكبر عندما يكون الحديث عن مواجهة قصف قصير المدى".

ويقتبس الباحث عن نائب رئيس اركان الجيش الإسرائيلي في ستينات القرن الماضي يسرائيل طال تحديده معنى الحسم بقوله: "الحسم هو مصطلح مرادف لإلحاق هزيمة نكراء بالعرب تشمل القضاء على قوة العدو العسكرية كقوة قتال نظامية واحتلال أرضه والسيطرة على مناطق شاسعة وضرب حلفاء العدو وتدمير بنيته الاقتصادية وتهديد عاصمته".

 

ويضيف كوليك ان حسم العدو الذي ينتهج القصف القصير المدى يجب أن يرتكز إلى ثلاثة معايير، أولها وقف أو تقليص حجم الإطلاق نحو إسرائيل، ثم ضرب ثروات أو أوراق استراتيجية للعدو وثالثها قوة صمود الجبهة الداخلية، "وللاستخبارات دور مهم في المعيار الثالث، إذ يتحتم عليها أن تهيئ الرأي العام لأسوأ السيناريوات قبل وقوعها والمشاركة في تقويم الوضع في شأن مجرى الحياة في الجبهة الداخلية".

 

وعلى رغم إقرار الباحث بأن إسرائيل لا تملك رداً ملائماً على القصف قصير المدى حالياً، لكنه مقتنع بأن بإمكانها تقليص حجم الضرر الذي يلحقه، فيقترح أولاً اعطاء المخابرات دوراً أكبر في رصد منصات إطلاق الصواريخ وتحديد "سلم أولويات جغرافي" لمعالجتها والأخذ بالحسبان حقيقة أن قوة النيران تختلف من منطقة إطلاق وأخرى "ما يستدعي تركيز الرد على مصادر النيران الكثيفة وتلك التي تستهدف مواقع إسرائيلية ذات كثافة سكانية، وهذا بدل الرد الموحد على مناطق الإطلاق المختلفة". ويضيف: "من ناحية استخباراتية وعملانية فإن تفضيل المناطق المستوجب معالجتها يجب أن يتواصل خلال الحرب في شكل دينامي مستنداً إلى تحليل معطيات القصف ووضع القوات الإسرائيلية، وأيضاً وضع المدنيين في مناطق معينة في إسرائيل، أي أنه في حال تعرضت مدينة معينة إلى قصف مكثف يجب تركيز الجهود في رصد منصات الإطلاق لتدميرها قبل غيرها التي تقصف مناطق أخرى".

 

إلى ذلك، يضيف الباحث أنه يتوجب على الاستخبارت أن تكون لديها معلومات دقيقة عن نقاط الضعف لدى "حزب الله" أو "حماس" أو سورية "التي من شأن ضربها أن تشل أكبر عدد ممكن من منصات الإطلاق". ويقصد الباحث في هذا الرصد أن تكون لدى الاستخبارات معلومات وافية عن مبنى القيادات ومراكز السيطرة الرئيسة والقيادات المحلية وقواعد الاتصال، كل ذلك بهدف استهدافها خلال الرد الإسرائيلي على القصف. يضاف إلى كل ذلك تحديد أهداف مركزية يتم استهدافها ووضع أولويات لتدميرها وفقاً للخطر الذي تشكله والإمكانات المتاحة للجيش لتنفيذ ذلك.

 

ويرى الباحث أن استهداف إسرائيل ما يعتبره العدو "ذخراً استراتيجياً" يجب أن يبقى في صلب الرد الإسرائيلي، ويقول إنه على رغم أن "حزب الله" أو "حماس" ليسا دولة يمكن استهداف بناها التحتية، لكن لدى كل منهما أكثر من ذخر استراتيجي، "فمن الناحية الجغرافية فإن مركز الثقل هو في المناطق التي تناصر التنظيمات، مثل مخيمات اللاجئين في قطاع غزة التي تعتبر معقل "حماس"، أو جنوب لبنان ووسط البقاع وشماله (بين بعلبك والهرمل) والأحياء الجنوبية في بيروت التي تشكل تقليدياً معاقل طبيعية لحزب الله، وعليه فإن ضرب هذه المناطق أو احتلالها في شكل كامل أو جزئي يمكن أن يعتبرها التنظيم ضرراً استراتيجياً".

 

كذلك يشير الباحث إلى وجوب أن تكون بين الأهداف مؤسسات تابعة للتنظيم تقدم خدمات دولة في مجالات الصحة والتعليم والبناء والرفاه الاجتماعي والثقافة والدين، "ولهذه المؤسسات مسؤولون ومبانٍ ومخازن يعتبرها التنظيم ذخراً استراتيجياً". كذلك يمكن اعتبار ناشط معين يشار إليه كزعيم في المستقبل، أو ممتلكات اقتصادية يعتاش منها كبار المسؤولين في التنظيم، ذخراً استراتيجياً ومن شأن استهدافها أن يخلق أجواء من "الهزيمة النكراء" في أوساط التنظيم وقيادييه، "مع التذكير بأن "الهزيمة النكراء تبني مع مرور الزمن الردع الإسرائيلي".

 

ويخلص الباحث إلى القول إن مواجهة القصف قصير المدى لا ينبغي أن يكون محصوراً في الرد عليه، إنما يجب أن يكون ذا رؤية أبعد تقود في نهاية الأمر إلى إدراك "حزب الله" و "حماس" أو أي جهة أخرى ان الضرر من استهداف الجبهة الداخلية الإسرائيلية أكبر من النفع، وهنا يكمن دور الاستخبارات في رصد أكبر عدد ممكن من الثروات والأوراق الاستراتيجية التي من شأن المس بها أن يسهم في تحقيق الردع على المدى البعيد.