خبر لنرفع راية حقوق الانسان مجددا.. إسرائيل اليوم

الساعة 11:18 ص|22 يناير 2010

بقلم: دوري غولد

اسرائيل تجد نفسها بدرجة متزايدة في موقف المدافع عن نفسها في قضية حقوق الانسان – سواء ان تعلق الامر بتقرير أمنستي الاخير او بتقارير الامم المتحدة مثل تقرير القاضي غولدستون. في الاونة الاخيرة تناقلت الاخبار التقارير عن مجموعات "حقوق انسان تركية" تنشط في محاولة لاعتقال وزير الدفاع ايهود باراك خلال زيارته لانقرة. الصحافة الدولية تنشر تقارير متكررة حول اعتقال "نشطاء حقوق انسان" على يد قوات الامن الاسرائيلية بسبب مظاهراتهم ضد الجدار الفاصل في بلعين او نعلين.

لم تكن الامور على هذا النحو في الماضي: قبل 60 عاما مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وقف الشعب اليهودي على رأس الحربة في كل ما يتعلق بصياغة الوثائق التي كانت ركيزة القانون الدولي. حقوق الانسان كانت مبادرة يهودية. رفائيل لامكن اليهودي من اصل بولندي هو الذي كان قد ثبت مصطلح "غينوسايد" (اي التطهير العرقي) الذي تبنته معاهدة منع ابادة الشعوب في عام 1948.

في نفس العام تبنت الجمعية العمومية للامم المتحدة البيان الشمولي بصدد حقوق الانسان الذي كان واضعه المركزي ريني كاسين الذي ترعرع جنوبي فرنسا وتعلم في مدرسة يهودية – دينية. رجل القانون اليهودي شبتاي روزين هو الذي وضع قاعدة المحكمة الجنائية الدولية التي قامت بعد حين بمحاكمة مجرمي الحرب. وبالفعل عندما قاد القاضي ايلي نتان الوفد الاسرائيلي في صياغة معاهدة روما في صيف 1948 التي تداولت في قضية اقامة المحكمة الجنائية الدولية قال بصدق في خطاب علني القاه: "هذه كانت يا فخامة الرئيس فكرتنا نحن".

نتان تطرق للمشكلة التي اثيرت خلال المداولات حول اقامة تلك المحكمة. الوفد الاسرائيلي وافق على معاهدة روما التي تنص على ان هذه المحكمة الجنائية ضرورية لمعالجة الفظائع الشنيعة التي يصعب تخيلها والجرائم البشعة التي تهز ضمير الاسرة الدولية كلها بصورة عميقة. الا ان الدول العربية سيطرت على المحكمة  الدولية عندما اضافت المستوطنات الاسرائيلية بتعريف "الجرائم الصعبة جدا في شدتها".

القاضي نتان قال للوفود التي جاءت للتوقيع على معاهدة روما: "الامر يؤلمني جدا – سواء كناج من الملاحقة النازية للشعب اليهودي او باسم الوفد الاسرائيلي الذي يترأسه باعتزاز – لتوضيح التصويت المعارض الذي فرض على اسرائيل خلافا لارادتها".

سواء  كان الدبلوماسيون الاسرائيليون الذين شاركوا في المداولات في روما قد ايدوا الاستيطان او عارضوه قد ادركوا جميعا المشكلة التي نشأت عندما طرح بناء المنازل اليهودية في يهودا والسامرة على نفس المقياس الاخلاقي لابادة الشعوب والتطهير العرقي وجرائم الحرب الاخرى.

الا ان ما حدث في روما في عام 1948 هو ما يحدث الان في كل العالم عندما تقوم دول بعيدة كل البعد عن حقوق الانسان باستخدام هذه المسألة كسلاح سياسي ضد اسرائيل.

يكفي التمعن في قائمة الدول التي صوتت في مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان في جنيف في الثاني عشر من كانون الثاني 2009 مع اقامة اللجنة التي اطلق عليها بعد حين لجنة غولدستون وهدفها "التحقيق في الخروقات الشديدة لحقوق الانسان في المناطق الفلسطينية المحتلة": الصين، كوبا، باكستان، روسيا والعربية السعودية – هذه دول ليست بالضبط من اصحاب لواء حقوق الانسان.

في الاونة الاخيرة تحديدا تناقلت الانباء قيام العربية السعودية بقصف مناطق سكانية مدنية في قرى تقع شمالي اليمن بواسطة المدفعية وسلاح الجو من اجل قمع التمرد الشيعي في تلك الدولة. وكما تبدو عليه الامور من الواضح ان السعوديين لم يكونوا قلقين من المساس بالابرياء عندما تعلق الامر بسياق غير اسرائيلي.

في الاردن يوجد عدد غير قليل من منظمات الانسان الفلسطينية التي تعمل مع محامين اوروبيين بهدف اعتقال ضباط اسرائيليين يزورون بريطانيا ومن بينهم دورون الموغ وبوغي يعلون وفي الاونة الاخيرة وضعوا وزيرة الخارجية سابقا تسيبي لفني في بؤرة تصويبهم.

ومن هم شركاء منظمات حقوق الانسان تلك يتبين ان المعلومات تجمع من قبل منظمة التوثيق التي هي ذراع قانونية لحماس. بكلمات اخرى محامون بريطانيون يعكفون على حقوق الانسان يتعاونون مع منظمة ارهابية اسلامية متطرفة تدعو ا لابادة اسرائيل والغرب عموما.

هؤلاء المحامون لا ينفذون عملية خاطفة فقط في قضية حقوق الانسان وانما يشوهون هدفهم الاولي لدرجة لا توصف من اجل خدمة اهدافهم السياسية الضيقة.

في المرة القادمة التي ستهاجم فيها اسرائيل باسم حقوق الانسان يتوجب عليها ان تعتبر نفسها مدافعة عن القانون الدولي وان تقود الكفاح ضد اولئك الذين يخربون هذا القانون بواسطة تسييسه السخيف.

الحقيقة هي ان الجيش الاسرائيلي يشكل نموذجا جيدا للطريقة التي تخوض فيها دولة تعترف بحقوق الانسان حربا ضد الارهاب في خضم مجموعة سكانية تعيش بازدحام مع بذل موارد كثيرة وهائلة لتوفير تحذيرات كثيرة لهؤلاء السكان قبل بدء الهجوم.

ليس هناك جهاز تحذير مثالي يمكنه ان يمنع المس بالمدنيين كليا. ممكن للحروب ان تكون فتاكة وظاهرة النار الصديقة تحدث هي الاخرى. مع ذلك ليس هناك جيش اخر في العالم يخوض حربا مثل تلك التي تخوضها اسرائيل. اداء الجيش الاسرائيلي في عملية "الرصاص المصبوب" لم يلحق الضرر فقط بالتزامها بحقوق الانسان وانما أكد هذا الالتزام بالتحديد.

على الدبلوماسية الاسرائيلية ان تسمع صوتها ضد خرق حقوق الانسان او اساءة استغلالها في ارجاء العالم في أماكن مثل دارفور وايران.

عندما يقوم ضباط الجيش الاسرائيلي باقامة مستشفى ميداني في هاييتي وينقذون مئات المتضررين من الهزة الارضية فهم يدافعون عن حقوق الانسان الاساسية جدا: الحق في العيش. يتوجب التأكيد بأن الطواقم الاسرائيلية التي تنشط اليوم في هاييتي وتدخلت سابقا في ارمينيا وتركيا ورواندا تعبر عن التزامها بحقوق الانسان بالافعال وليس بالاقوال الفارغة.

لشدة الاسف هناك اوساط كثيرة في الاسرة الدولية تعتبر ان دوافع واغراضا سياسية تختبىء وراء الارتقاء بحقوق الانسان. بالنسبة لاسرائيل حقوق الانسان هي جزء من القيم الاساسية التي يتوجب عليها ان تضمها الى هويتها بدلا من اولئك الذين يزيفون هذه الحقوق ويفرغونها من المضمون.