خبر لا لجيش المأجورين- هآرتس

الساعة 10:36 ص|20 يناير 2010

بقلم: العميد ايلي شرمايستر

(ضابط التعليم والشبيبة الرئيس في الجيش الاسرائيلي)

 (المضمون: الجيش الاسرائيلي هو جزيرة الاجماع، السور الواقي الامني والاجتماعي الذي بناه الفعل الصهيوني لنا هنا. هذا الذخر العزيز، جيش الشعب، في صيغته الحالية، محظور تفكيكه، جدير تعزيزه - المصدر).

 

في المستقبل المنظور، في ضوء حقيقة انه ينبغي لنا ان نعتمد على أنفسنا فقط، تلزمنا جملة التحديات الأمنية في الجبهة الخارجية والداخلية على الحفاظ على الجيش الاسرائيلي بحجمه الحالي، بحيث يقف جيدا في مهمات الردع، الانذار المبكر والحسم. اذا كنا افترضنا قبل حرب لبنان الثانية بأن الأمور مختلفة، حين كانت على جدول الأعمال فكرة تقصير الخدمة الالزامية وتقليص حجوم الجيش، فان الواقع صفعنا على وجوهنا: اعداؤنا لم يعيدوا حرابهم الى أغمادها. روح الزمن والتجربة الماضية يدلان على أن الجيش القوي هو واجب الواقع في الشرق الاوسط.

لنتجاهل للحظة حقيقة ان الجيش المأجور، بحجمه اللازم، سيكلف نحو 10 مليار شيكل لدافع الضرائب وسيشكل عبئا كبيرا على اقتصاد الدولة، ولنهتم بجودة وطبيعة هذا الجيش مثلما ايضا بقدراته على القيام بأهدافه.

في يوم الأمر الجيش المأجور لن يهجم على العدو. صحيح ان المال هو المحرك في العالم الرأسمالي والفردي، ولكنه لن يحمل جنديا شابا، مهما كانت قيمه، الى الفهم العميق الذي خط في الواقع الاسرائيلي منذ البداية. الجندي في الخدمة النظامية او الاحتياطية يعرف بأن الجيش سيفعل كل ما ينبغي كي يعيده الى بيته سليما معافا، وفي ظل غياب البديل سيضحي بنفسه من أجل الوطن ومن أجل رفاقه. وهذا كله لا يشترى بالمال. تفكيك نموذج جيش الشعب هو مثابة استسلام في المعركة الدائرة هذه الأيام على المثل.

        حتى عندما لا يتجند أجزاء من الشعب للجيش الاسرائيلي، فانه بدلا من الانشغال بتغيير الصيغة وتحويلها الى خدمة بالأجر، يجدر العمل على كل الجبهات لزيادة معدلات التجنيد وتشجيع المساواة في تحمل العبء. التجنيد للجيش الاسرائيلي هو أولا وقبل كل شيء مهمة المجتمع الاسرائيلي في جهاز التعليم، في وسائل الاعلام وفي جدول الاعمال الجماهيري – وليس تعبيرا لتطوير ضباط تصنيف او ضباط تجنيد. حذار علينا ان نتنازل للمتملصين من الخدمة او عنهم، بل ان نريهم الطريق المناسب. يجب التنديد بظاهرة التملص، مثلما يجب أيضا تطوير وتعويض لمن يخدم في النظام وفي الاحتياط بما يتناسب وعطائهم.

        لجيش الشعب عندنا يوجد هدف تاريخي، لا يمكن للمجتمع الاسرائيلي ان يسمح لنفسه بالتخلي عنه. الجيش الاسرائيلي في داخل شعبه يجلس. الخدمة في الجيش تشكل لقاء مميزا بين كل شرائح الشعب: القدامى والمهاجرين، اليهود وغير اليهود، ابناء المدينة وابناء القرية، الاغنياء واولئك الذين لا تنال ايديهم. الجيش الاسرائيلي يمنح فرصة متساوية للجميع ويمنح اداة للانخراط لمن يحتاج الى ذلك.

        كثيرون من ابناء الشبيبة يتجندون لصفوف الجيش وهم يجرون وراءهم فوارق ونواقص في مجالات الثقافة، اللغة، التعليم والقيم. وبصفته  جيش الشعب لم يقف الجيش الاسرائيلي جانبا في ضوء هذه النواقص: فهو يستوعب الهجرة، يعلم العبرية، يكمل التعليم العالي لجنوده، يعزز بنيتهم القيمية – الثقافية وصلتهم بالمجتمع والدولة. وبفعله هذا، ازداد الاحتمال في أن يصبح أبناء الشبية، من جنود ومجندات مواطنين طيبين ونافعين. الخدمة العسكرية تشكل بالنسبة للكثيرين الفرصة الاولى، ولكن ايضا الاخيرة بالتأكيد.

بهذه الطريقة يعزز الجيش الاسرائيلي تراص صفوف المجتمع الاسرائيلي، التكافل والمناعة الوطنية. الخدمة للجميع في الجيش الاسرائيلي هي عامل موحد في واقع مثير للشقاق، وسيكون من الخطأ التاريخي التنازل عنها. من الخطأ التفكير أن في الواقع الحالي توجد سبل أخرى اكثر نجاعة.

نظرة متمعنة الى المجتمع الاسرائيلي تبعث على الفخار في انجازاته في كل مجال. ومع ذلك، فان المستقبل ليس مضمونا، الفوارق الاجتماعية كبيرة، الخلافات كثيرة ومصادر القلق ثقيلة. الجيش الاسرائيلي هو جزيرة الاجماع، السور الواقي الامني والاجتماعي الذي بناه الفعل الصهيوني لنا هنا. هذا الذخر العزيز، جيش الشعب، في صيغته الحالية، محظور تفكيكه، جدير تعزيزه.