خبر الزمن آخذ في النفاد- يديعوت

الساعة 10:30 ص|20 يناير 2010

بقلم: غادي طؤوب

 (المضمون: اذا كانت هناك جرائم حرب في اطار "رصاص مصبوب" فمن حقنا أن نعرف عنها وعلى منفذيها ان يتقدموا الى المحاكمة هنا في اسرائيل. ولكن ليس اقل اهمية من ذلك ألا نترك التقرير الانتهازي هذا دون رد ومن ارسل لحماية أمننا عرضة للمحاكمة والحبس - المصدر).

 

القانون الدولي يسمح بتقديم الاسرائيليين الى المحاكمة. المشبوهون بجرائم الحرب التي يزعم انها ارتكبت في حملة "رصاص مصبوب" في محاكم دول اخرى. هناك تحفظ على هذه الامكانية: فهي سارية المفعول اذا ما، وفقط اذا ما، لم تشرع اسرائيل بتحقيق ذاتي في الموضوع. هذه الامكانية محددة بالزمن والزمن ينفد. اسرائيل حصلت على ستة اشهر منذ نشر تقرير غولدستون، وهذه ستصل منتهاها في 15 اذار.

        اتهامات القاضي غولدستون معظمها ان لم تكن كلها، مدحوضة على ما يبدو. طريقة غولدستون، التي قبلت فيها الشهادات دون شك ودون مزيد من الفحص، ليست فقط غير نزيهة بل وفضائحية حقا. غولدستون نفسه اعترف في مقابلة مع الصحيفة اليهودية الامريكية "فوروورد" بان ليس في التقرير شيء يقف كدليل على جريمة حرب في المحكمة. فضلا عن ذلك، فقد برأت اللجنة حماس من استخدام مقصود للمدنيين كدرع واق للمقاتلين ولم تتهمها على الاطلاق بجريمة حرب واضحة: اطلاق الصواريخ على اهداف مدنية. وبدلا من ذلك يتحدث التقرير عن صواريخ اطلقتها "مجموعات فلسطينية مسلحة". هذا التواء ينزع، كما لاحظ الصحافي المستقل يونتان دحوح – هليفي، كل ذريعة الحملة ضد حماس ويجعل اسرائيل معتديا بلا تمييز.

اسرائيل اخطأت حين اختارت مقاطعة اللجنة، ولكن اخطر من ذلك بكثير اختيارها عدم احترام شروط الاسرة الدولية والشروع في التحقيق بذاتها، من قبل جهة مستقلة. مثل هذه الجهة يمكنها أن تكون لجنة برئاسة قاض، او فحص من مكتب مراقب الدولة.

مما يفهم من الفحص الذي اجراه الجيش الاسرائيلي – التقرير الكامل للجيش الاسرائيلي لم يرفع بعد – سيكون من السهل دحض الاتهامات هزيلة السند التي وجهها غولدستون. كما أن صحافيين مستقلين ومحللين آخرين طرحوا جملة من الشهادات على هزال التقرير. ليس لاسرائيل ما تخشاه من مثل هذا التحقيق، وبدونه كل ضابط وكل سياسي كان مشاركا في الحملة او في القرارات التي اتخذت حولها وفي اطارها سيكون عرضة للاعتقال والمحاكمة في دول اجنبية. التأثيرات المستقبلية لهذه الظاهرة بعيدة الاثر: لا يمكننا أن نسمح لانفسنا بان يتخذ مبعوثون في الحكومة وفي الجيش، الاشخاص المسؤولون عن امننا، القرارات تحت ظل الخوف على حريتهم الشخصية حين يخرجون من حدود اسرائيل.

لماذا، بالتالي لا نشرع في التحقيق؟ رئيس الاركان غابي اشكنازي ووزير الدفاع ايهود باراك يواصلان معارضة ذلك. وهناك يسعيان الى الحفاظ على سلسلة القيادة ومسؤولية الضباط تجاه قادتهم، وليس تجاه هيئة قضائية خارجية. اذا ما شعر الضباط بان كل امر، ليس فقط ذاك الامر الذي يعلوه علم أسود، يحتاج الى موافقة محامي ملاصق، فمن شأن سلسلة القيادة أن تتشوش.

ولكن ما يخيل لرئيس الاركان ووزير الدفاع كحماية لمرؤوسيهما هو عمليا ترك لهم لمصيرهم. فحص داخلي من الجيش الاسرائيلي لن ينجح في توفير الحماية لمن عمل كما ينبغي لانه لا يفي بشروط التحقيق المستقل، وستكون النتيجة ان كل ضابط سيخشى لاحقا تنفيذ الاوامر، حتى تلك المسوغة تماما، وذلك لانه حتى عندما يعمل كما ينبغي فان الدولة تتركه لمصيره ما أن يخرج من حدودها.

اذا كانت هناك جرائم حرب في اطار "رصاص مصبوب" فمن حقنا أن نعرف عنها وعلى منفذيها ان يتقدموا الى المحاكمة هنا في اسرائيل. ولكن ليس اقل اهمية من ذلك ألا نترك التقرير الانتهازي هذا دون رد ومن ارسل لحماية أمننا عرضة للمحاكمة والحبس. اذا كان الجيش الاسرائيلي فخورا في أنه لا يترك جنوده لمصيرهم في يد العدو، فيجدر به أن يفهم بان لدينا اعداء من نوع جديد وهم يمسون بقدرتنا على الدفاع عن انفسنا.