خبر إدارة أوباما نكوص وتراجع .. عبد الزهرة الركابي

الساعة 08:08 ص|20 يناير 2010

بقلم: عبد الزهرة الركابي

على العكس من مسحة التفاؤل التي أظهرها بعض المراقبين بشأن النهج الذي ستتبعه إدارة أوباما في مسار التفاوض الفلسطيني - “الإسرائيلي”، فإن هذه الإدارة بدت خطواتها بطيئة ومترددة، بل تصرّ على أن يقوم العرب بإجراءات لما أسمته “بناء الثقة”، وهي إجراءات بمعناها الصريح: التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني الذي لم يرسل أي إشارة لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي حدا بأحد مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى القول “لاحظنا تراجع الموقف الأمريكي بشأن المفاوضات بالانتقال من المطالبة بتجميد الاستيطان إلى المطالبة بالعودة إلى المفاوضات من دون تحقيق التزام “إسرائيل” بذلك” .

كما أن إعلان نتنياهو وقف الاستيطان الجزئي والمؤقت في هذا الوقت، يمثل مناورة مكشوفة من المناورات التي درجت عليها “إسرائيل” في مختلف المراحل التي شهدت جولات من التفاوض على المسار الفلسطيني .

وبدلاً من وضع خارطة جديدة لعملية السلام إثر الرفض “الإسرائيلي” لوقف الاستيطان بناءً على مطالبة إدارة أوباما في مستهل ولايتها، راحت هذه الإدارة تمالئ إن لم نقل تتماهى مع “إسرائيل” في موقفها، عندما التزمت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مؤخراً، بالشروط “الإسرائيلية” لإعادة إطلاق عملية التسوية، وذلك على مسامع البعض من نظرائها العرب، حيث دعت إلى استئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني - “الإسرائيلي” من دون شروط مسبقة، وهي بهذه الدعوة تؤكد أن مطالبة الفلسطينيين والعرب “إسرائيل” بوقف عملية الاستيطان، تعد شروطاً مسبقة، على الرغم من ان إدارتها نحت مثل هذا المنحى في بداية الأمر، قبل أن تعود إلى تبني الموقف “الإسرائيلي” في هذا الجانب، وهي التي تزعم في تصريحاتها، أنّ واشنطن ملتزمة بتحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط على أساس حل الدولتين .

من الواضح، أن هناك تقابلاً في الرؤى والمواقف بين الفلسطينيين “السلطة الفلسطينية” والأمريكيين، طفا على سطح هذا الجانب بشكل لافت ولاسيما في الفترة الأخيرة، وحسبما أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات رداً على وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون، فإن استئناف المفاوضات يتطلب وقفاً شاملاً للاستيطان . بينما ترى كلينتون أن تسوية مشكلة الحدود تحل مشكلة الاستيطان، وتسوية قضية القدس تحل مشكلة الاستيطان . لكن الموقف الفلسطيني بدا مفنداً لرؤى الوزيرة الأمريكية عندما قال عريقات، سنستمر في مساعينا حتى تتمكن الإدارة الأمريكية من الزام “إسرائيل” باستئناف المفاوضات على أساس الالتزامات الواردة في خارطة الطريق، خصوصاً وقف النشاطات الاستيطانية، بما فيها النمو الطبيعي والقدس، وتابع عريقات كما نأمل أن تستأنف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في كانون الأول/ديسمبر ،2008 ونريد اعترافاً واضحاً بحل الدولتين، والاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 .

ان استئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني - “الإسرائيلي”، كما تراه السلطة الفلسطينية التي يؤازرها دعم وحراك عربيان في هذا الاتجاه، يجب أن يكون جدياً من الكيان وليس ملهاة وتسويفاً مثلما اعتادت في المراحل السابقة، وقد يكون التهديد الموجه للكيان من قبل مبعوث الإدارة الأمريكية جورج ميتشل والمتعلق، بإمكان استخدام المساعدات المالية التي تمنحها إدارته إلى “إسرائيل”، للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو بهدف القيام بخطوات تساعد على عملية السلام، تصريحاً للاستهلاك الإعلامي وربما يأتي بمنفعة لحكومة نتنياهو أكثر مايثير لها القلق، حيث إن “إسرائيل” مطمئنة إلى موقفها في أروقة المؤسسات الأمريكية الفاعلة، وهي بالتالي لا تخشى من أي تهديد في هذا المضمار، وهو أمر أكده المسؤولون الأمريكيون في تعقيباتهم بشأن هذا التهديد، عندما سارع موظفو إدارة الرئيس باراك أوباما إلى إبطال مفعول هذه المواقف، بدليل ان صحيفة يديعوت أحرونوت “الإسرائيلية” نقلت عن مصدر أمريكي قوله إن كلام ميتشل لم يكن تهديداً، ولا حتى إشارة تهديد، وكل ما في الأمر أنه كان يرد على سؤال في مقابلة تلفزيونية عن موقف الولايات المتحدة في حال استمرار الرفض “الإسرائيلي”- الفلسطيني لتجديد المفاوضات .

على كل حال، يبدو أن إدارة أوباما على صعيد السلام في الشرق الأوسط لم تأت بشيء جديد، وليس بمقدورها القيام بعمل ضاغط لإجبار الكيان على وقف الاستيطان بشكل شامل، حتى يتسنى المجال لإجراء المفاوضات على المسار المذكور، كما أن حكومة نتنياهو تعي جيداً أن “العروض الجديدة” التي تقدمها سواء للفلسطينيين أو للعرب، هي عروض لايمكن القبول بها، وهي بالتالي عروض ولدت ميتة، وأن الغرض من تقديمها، هو الادعاء بأن الفلسطينيين هم من يرفضون إجراء هذه المفاوضات .