خبر ماذا حلَ بقرية المغراقة.. ؟

الساعة 11:32 ص|19 يناير 2010

ماذا حلَ بقرية المغراقة..؟

فلسطين اليوم- غزة ( تقرير خاص)

في حوالي الساعة السابعة والنصف ليلاً كان كل شئ هادئاً في منطقة المغراقة وسط قطاع غزة، الجو بارد، والمواطنين يلتزمون بيوتهم.. لحظات و"انقلبت الدنيا ولم تقعد" سيول من المياه والأتربة اجتاحت المنطقة، دمرت كل شئ في المكان بيوت وقطيع من الأغنام والبقر.. أما المواطنين فتشردوا من جديد..

 

فلحظات قليلة وجدت صفية عبد الرحمن العيماوي (16 عاماً) نفسها غارقة في بحر من المياه الملوثة والأتربة، وكل ما حولها من أثاث وممتلكات يتناثر من حولها، أما أشقائها فلم تعثر عليهم، ولم تعِ مايجري من حولها.. ومازالت تبحث لها عن مكان يأويها وعائلتها.

 

العيماوي وعائلتها وأكثر من 150 عائلة تقطن في منطقة المغراقة وسط قطاع غزة، كانت على موعد الليلة الماضية مع فيضانات أتت على كل شئ،  بسبب السيول التي تكونت إثر فتح قوات الاحتلال سد وادي غزة، في الوقت الذي هطلت الأمطار بغزارة زادت الأمور سوءاً.

 

البحث المستحيل..

وأوضحت العيماوي لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أن أشقائها مازالوا يعالجون في المستشفى بعد أن أصيبوا بجراح بسبب هذه السيول التي اجتاحت المنطقة، أما هي فلم تخرج من هذه المياه إلا صباحاً بعد أن تمكنت فرق الإنقاذ من اتنشالها.

 

وقد بدا التعب والإرهاق على العيماوي، فيما مازالت تكتسي الملابس المبللة بالمياه والأتربة المتسخة، وتنطلق في المكان ذهاباً وإياباً بحثاً عن أثاث من منزل عائلتها الذي تدمر جراء هذه السيول، فيما تحاول الاطمئنان على أشقائها المصابين.

 

وقد غرقت عشرات المنازل في القرية بعد ارتفاع منسوب الوادي بسبب قوة المياه القادمة من منطقة النقب الغربي المُحتل, حيث هرب مئات المواطنين من سكان تلك القرية، في حين هرعت للمكان فرق الإنقاذ التي اضطرت لاستخدام القوارب لإجلاء المتضررين الذين حاصرتهم المياه, كما فتحت مدارس لإيوائهم.

 

الثاني خلال 20 عاماً..

ومن جمبها يقف المواطن فايز المطوي في الخمسينات من عمره، وقد شمر عن ساعديه ورجليه وقد ابتلت ملابسه واتسخت بفعل هذه الفيضانات التي أتت على منزله و6 رؤوس من الغنم وخمس عجول، ليؤكد أن مواطني المنطقة يتعرضون للتشريد واللجوء من جديد بسبب هذه الفيضانات.

 

وأشار المطوي، إلى أن هذه الفيضانات دمرت مايقارب 20 منزلاً بشكل كامل، فيما تضررت بشكل جزئي مايقارب من 120 منزلاً تعود لمواطنين يقطنون المنطقة منذ سنين، مبيناً أن المنطقة قد تعرضت لفيضان مماثل في عام 1991 ، وقد وصف هذا الفيضان الجديد بالصعب.

 

أم مساعد الملالحة، أخذت تبكي وتنحب ما فقدته في هذه الفياضات حيث فقدت مايقارب من 40 رأس غنم، فضلاً عن ممتلكاتها وملابسها وعائلتها المكونة من ثمانية أفراد، قائلةًً:" لا نعرف أين نذهب، فكل شئ لنا ضاع، حتى ملابسنا لا نملكها لنبدل الملابس القديمة التي تبللت بالماء والأتربة المتسخة"

 

الملالحة أكدت لنا، أن الوقت لم يتسع لهم للخروج من منازلهم عند إبلاغهم بفيضان السد، قائلةً:" ما إن أبلغونا بوجود فيضان حتى كنا قد غرقنا وضاع كل ما نملكه في بيتنا، حتى الكتب المدرسية التي يدرس بها الأطفال تناثرت وضاعت في المكان".

 

كارثة حقيقية..

يُذكر، أن قرية المغراقة تقع جنوب غرب مدينة غزة، وتبعد عنها مسافة سبعة كيلومترات، وترتفع عن سطح البحر 25متر، فيما تبلغ مساحتها الكلية 8125 دونماً، وتزيد فيها مساحة المنطقة العمرانية بشكل متصاعد، وتحيط بمنطقة المغراقة أراضي مدينة غزة من جهة الشمال، بينما يحيطها من الغرب مدينة الزهراء والبحر المتوسط ومن الجنوب مخيم النصيرات، ومنطقة جحر الديك من الشرق ويبلغ عدد سكانها مايقارب من 10 آلاف نسمة.

 

هذا وقد وصف العديد من المسؤولين الذين زاروا المنطقة، ما حل بها بالكارثة، حيث طالب يوسف أبو هويشل رئيس بلدية المغراقة، الجهات المختصة، وخاصة الدفاع المدني ووزارة الأشغال ووزارة الصحة ووزارة الداخلية، إلى معالجة الأزمة بشكل سريع، والمبادرة بإغاثة الأسر المنكوبة التي شردتها المياه، ووضع خطة عاجلة وطارئة لمجابهة آثار الجريمة الإسرائيلية، واحتمالات قيام سلطات الاحتلال بجرائم وحماقات جديدة من هذا النوع.

 

المأساة لم تنته بعد..

المأساة لم تنته بعد،، فالمياه مازالت تتدفق إلى وادي غزة الأمر الذي يعني أن حياة المواطنين مهددة بالخطر، فالمناطق والأراضي المزروعة قد أغرقت، مما يعني خسارة في المحاصيل الزراعية، التي تعد حاجتها قوية في ظل الحصار الاقتصادي الصعب.

 

ولكن الغريب، أنه برغم كل ما يتعرض له المواطنين في المنطقة من تدمير وتجريف بفعل هذه الفيضانات، إلا أن المواطنين يظهرون تماسكهم وتعاطفهم التي تظهر في مثل هذه الظروف، فيتسارع بعضهم في المناطق البعيدة عن التجريف، لإيواء بعض العائلات في بيوتهم وتقديم الملابس والطعام لهم، ولا تسمع خلال تجوالك في المنطقة سوى "الحمد لله على كل شئ".