خبر رسالة انتقائية -يديعوت

الساعة 10:03 ص|19 يناير 2010

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

 (المضمون: حكم قاض اسرائيلي على الشيخ رائد صلاح بالسجن الفعلي 9 أشهر لانه بصق في وجه شرطي من حرس الحدود الاسرائيلي وهذا الحكم يدل على فشل الديمقراطية الاسرائيلية لان مهمة الديمقراطية حماية حق من تبغضهم الاكثرية - المصدر).

اسمحوا لي بأن اسبقكم يا كتاب الرسائل الى هيئة التحرير. فالرأي الذي أوشك أن أعبر عنه في هذا العمود الصحفي يشهد على سذاجة رجل اكاديمية، عالق في برجه العاجي من غير أن يدرك الواقع الذي نعيش فيه. واسوأ من ذلك ان الرأي الذي سأعبر عنه يعبر عن مشكلات نفسية شديدة للكاتب واعوجاج شديد لترتيب الاوليات عنده. ها نحن اولاء قد قلنا ذلك والان يمكن المتابعة.

        في يوم الاربعاء الماضي حكم القاضي اسحاق شمعوني – نير بتسعة أشهر سجن بالفعل وبغرامة مالية قدرها 7500 شيكل على الشيخ رائد صلاح، زعيم الفرع الشمالي من الحركة الاسلامية. ولماذا بالضبط حكم على صلاح بهذه العقوبات الشديدة؟ لانه بصق في اثناء مظاهرة مضادة للبناء في باب المغاربة في وجه شرطي من حرس الحدود.

        ذكر القاضي المزعزع ان هدف صلاح لم يكن المس بالشرطي فقط بل بما يمثله أيضا أي بالقانون وبدولة اسرائيل نفسها. وكتب أن صلاحا ضحك في اثناء شهادة الشرطي وعبر بذلك ان احتقاره له. "لا تمس أعمال المتهم بكرامة الشرطي وحده بل تعبر عن احتقار لابسي البزة العسكرية الذين يمثلون القانون في دولة اسرائيل وبأركان السلطة نفسها".

        كلفت هذه الضحكة الشيخ ثمنا باهظا. في دولة اسرائيل التي يبصق فيها الحريديون كل سبت ويرمون بالحجارة ويسبون الدولة وممثليها بقولهم (نازيون، وأيخمن وغستابو)، والتي يستعمل فيها المستوطنون كل يوم العنف على قوات الأمن – بلا عقوبة وبلا رد ومع ضبط لا نهاية له للنفس – حكم القاضي شمعون – نير على صلاح بعقوبة تفرض على نحو عام عن مخالفات قانونية أشد، عن سطو وسرقة وأعمال معيبة وخداع وعنف في العائلة. نقلت الرسالة آخر الامر وهي أنه يجب عدم احتقار لابسي البزات العسكرية الذين يمثلون القانون في دولة اسرائيل وأركان السلطة. مع ذلك من المهم ان نذكر أيضا الى من نقلت الرسالة. لقد نقلت الى جماعة ما طلب اليها ان تمحو البسمة عن شفاهها – الى العرب في  اسرائيل. يستطيع الاخرون بطبيعة الامر الاستمرار على السب والشتم والبصق ورمي الحجارة كالعادة.

        يسهل ان نبغض الشيخ رائدا. فهو يرانا غرسة غريبة في المنطقة ويتمنى اختفاءنا. ولا يتردد عن التعبير عن رأيه. وهو أيضا سياسي يصرح تصريحات غوغائية من غير ان يسأل نفسه من سيدفع ثمنها. لا يعجبني هذا الرجل. ان مشكلة الديمقراطية هي ان قوانينها ترمي للدفاع عن أناس لا يعجبوننا، فهناك بالضبط يجري امتحانها. "انا أبغض كل كلمة تقولها"، أعلن الفيلسوف الفرنسي فولتير، "لكنني مستعد لسفك دمي كي أمكنك من قول كلامك".

        لا تمتحن سلطة القانون بالاستعداد لتأييد القديسين وملائكة السماء، بل أناس بغيضين تثير فينا أقوالهم وأفعالهم الاشمئزاز. أجل هم أيضا يستحقون الدفاع عنهم، ويستحقون أيضا الاستمتاع بالشك. هذا غريب (وصادّ شيئا ما)، لكنهم أيضا يستحقون المساواة. للقادة السياسيين الحق في قول كلامهم والتعبير عن الاحتجاج، حتى بطرق شاذة للتيقن من أن المرفوض لا يسكت. ان من يقود جماعة مبعدة مظلومة على نحو خاص، لا يمكن ان يكون الأول (والوحيد) الذي تنقل على ظهره رسائل سلطة القانون.

        ليس الشيخ رائد كأس شايي. وليست الديمقراطية شاي مرشد في مقهى ارستقراطي. انها سوق ذات ضجيج، عمل الحراس فيها الدفاع عن اولئك الذين لا تحبهم الاكثرية.

        فشلنا في هذا الامتحان. يجب ان نقول ان غريزة ان ندفع عن الضعيف ابراز عضلات زائدا لأناس القانون قد خفتت عند المدافعين عن حقوق الانسان ايضا. انظروا الى الكشف الصحفي الكبير الذي حظي به اعتقال المتظاهرين اليهود في الشيخ جراح، والزعزعة الاخلاقية: تركي (سبع ساعات مع هاتف خلوي بلا شاحن؟ فضيحة!)، حكم على الشيخ رائد بتسعة أشهر سجن بالفعل لبصقة. هدوءا. هدوءا تام.