خبر مفاوضات : دون الانتصار على الآخر .. إسرائيل اليوم

الساعة 09:31 ص|18 يناير 2010

بقلم: يوسي بيلين

ظاهرا يوجد قاسم مشترك بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبين رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو: كلاهما معنيان بالوصول الى تسوية دائمة بين الطرفين وليس تسوية انتقالية رغم ان مستشارين مجربين، براغماتيين ومتهكمين، يقولون لهما بان ليس لذلك أمل وان من الافضل لهما الاكتفاء بتسوية انتقالية. عباس يخشى من أن تتحول كل تسوية انتقالية الى تسوية دائمة لا توفر الحد الادنى من مطالب الفلسطينيين. اما نتنياهو فيخشى من أن يكون مضطرا في التسوية الانتقالية للتنازل عن ارض ذات مغزى دون أن يتلقى مقابلا فلسطينيا مناسبا، ولا حتى مقابلا عربيا عاما ملائما.

غير أنه لا يكفي هذا القاسم المشترك، ولا الاتفاق المبدئي على حل الدولتين طالما يرى الطرفان في المفاوضات بينهما لعبة نهايتها الصفر، يكون فيها كل ما أخسره تربحه أنت. التقدم سيأتي عبر التفكير الذي يرى في اتفاق حل ليس فيه سوى منتصرين. يخيل لي اننا أثبتنا امكانية الانتصار المتبادل في مبادرة جنيف التي اتفق عليها قبل ست سنوات ونشرت مؤخرا كل ملاحقها المفصلة، التي تقع في نحو 500 صفحة. ما كنت أوصي بقراءة الملاحق للجمهور باسره، وهذا ايضا هو السبب في أنه خلافا لما فعلناه في 2003، حين بعثنا المبادرة الاصلية لكل بيت في اسرائيل هذه المرة لم نكبد الكثير من الناس العناء. ولكن كان بالتأكيد مرغوبا فيه ان يقرأ الزعماء بعناية الاقتراحات المفصلة.

لا. فهم ليسوا مطالبين بان يتبنوا كل كلمة. يدور الحديث الان عن مفاوضات لسنتين، وان شاءوا يمكنهم ان يقصروها لاشهر قليلة. واضح أن نتيجة المفاوضات ستكون مختلفة عن نتيجة المفاوضات التي أدرناها مع مسؤولين فلسطينيين كبار في العقد الماضي، ولكن هذا دليل على ما يمكن الوصول اليه اذا ما اراد الطرفان النجاح حقا، وليس فقط الكشف عن رفض الاخر. في مثل هذه المفاوضات يمكن للطرفين ان يحققا انجازات ذات مغزى تنبع فقط من وجود التعاون. هكذا مثلا ملحق جودة البيئة يعرض امكانية العمل المشترك لتحقيق بيئة انظف غربي نهر الاردن، مكافحة المخاطر البيئية والتمتع بالطاقة المتجددة. ملحق المياه يشير الى امكانيات زيادة مخزون المياه من خلال التنسيق والاستخدام الانجع للمياه الموجودة. باختصار، بدلا من الانشغال بالتقسيم والمحاسبة للماضي يمكن العمل معا من اجل مستقبل اكثر نجاحا.

القدس، التي توصف في الملاحق بتفاصيل التفاصيل حتى مستوى دقة البيت، ستكون العاصمة اليهودية الاكبر في تاريخنا، وستتضمن المدينة الغربية، الاحياء التي اقيمت خلف الخط الاخضر حتى 2003، الحي اليهودي وحائط المبكى. المناطق الاخرى في شرقي المدينة ستشكل عاصمة فلسطين. الترتيبات الامنية ستضمن للدولة التي الى جانبنا ان تكون غير مسلحة، وان قوة متعددة الجنسيات ستنتشر في اراضيها. اللاجئون الفلسطينيون سيحظون بحل لن يثقل على المشكلة الديمغرافية في اسرائيل اما الطرفان فسيعترفان بان اسرائيل وفلسطين هما الوطنان القوميان للشعب اليهودي والشعب الفلسطيني.

مبادرة جنيف، بوثيقة 2003 والملاحق التي اضيفت اليها الان، هي المحاولة الوحيدة التي قام بها اناس مركزيون من اسرائيل ومن م.ت.ف لعرض حل مفصل. وهو لن يكون قائما الى الابد. فالواقع من شأنه أن يؤدي حتى بهذه الورقة، التي تعتبر في نظر الصقور بعيدة الاثر جدا، الى أن تتحول بعد وقت ما الى مصدر للاشتياق. قبل الدخول في خطوة سياسية – اذا كانت مثل هذه الخطوة عملية قريبا – يجدر بالطرفين ان يدرساها وان يفهما جيدا ماذا يمكن ان يقترحه التيار المركزي في الطرفين كي تكون نتيجة المفاوضات هي نتيجة منتصرين اثنين.