خبر منطقة كارثة على بعد ساعة من « تل أبيب » .. هآرتس

الساعة 09:29 ص|18 يناير 2010

بقلم: عكيفا الدار

من قال اننا ننطوي على انفسنا داخل فقاعة تل ابيب؟ كم من الدول الصغيرة المحاطة بالاعداء أرسلت مستشفيات ميدانية الى طرف الكرة الارضية الثاني؟ امنحونا زلزالا في هاييتي، وتسونامي في تايلند، وعملية تفجيرية في كينيا وسينتصر متحدث الجيش الاسرائيلي. سيوجد دائما في طائرة النقل مكان لمراسلين عسكريين يقدمون تقارير عن شباننا النشطاء من قيادة الجبهة الداخلية. الجميع يقومون في الحقيقة بعمل ممتاز: المخلصون الذين يتتبعون أثر الناجين، والاطباء الذين ينقذون الحياة والصحافيون الذين يربتون وبحق على أكتافهم. بعد أن جعلوا نائب وزير الخارجية داني أيالون وجها لنا، أصبح العالم كله يرى وجه اسرائيل الجميل.

العطف المدهش على ضحايا الكارثة الشديدة التي اصابت هاييتي البعيدة، يؤكد عدم الاكتراث بمعاناة سكان قطاع غزة المستمرة. فعلى مبعدة أقل من ساعة سفر عن دور الصحف الكبيرة، ما يزال يحصر 1.5 مليون شخص منذ سنتين ونصف في جزيرة معزولة. من يهمه ان 80 في المائة من النساء والاولاد والرجال الذين يعيشون بجوارنا حقا قد نزلوا تحت خط الفقر؟ كم من الاسرائيليين يعلمون ان كل واحد من اثنين من أهل غزة يعيش على التبرعات، وأنه منذ عملية "الرصاص  المصبوب" يجول في شوارع غزة مئات ممن قطعت أرجلهم، وأن مياه المجاري تتدفق طوفانا من الشوارع الى البحر؟

يعلم قارىء الصحف الاسرائيلي بقصة الطفل الذي أنقذ من بين الانقاذ في بور أو برنس. سمع القليلون عن الأطفال الذين ينامون بين أنقاذ بيوتهم في غزة. ان الحظر الذي فرضه الجيش الاسرائيلي على دخول الصحافيين قطاع غزة حجة ممتازة لدفن الرأس في رمال شاطىء تل أبيب؛ في يوم جيد تدفع التقارير الشديدة عن منظمات حقوق الانسان مثل "غيشاه"، و "اطباء من اجل حقوق الانسان"، و"بتسيلم" عن الوضع في غزة الى صفحات الصحف الخلفية. للحصول على صورة للحياة في أكبر سجن في العالم يجب التخلي من مشاهدة برنامج "الأخ الأكبر" والانتقال الى احدى الشبكات الاجنبية.

الكارثة في هاييتي ضربة طبيعة. اما الكارثة في غزة فهي صنع يد الانسان ولا فخر. صنع أيدينا. لا يرسل الجيش الاسرائيلي الى غزة طائرات نقل محملة بالادوية والمعدات الطبية. ان الصواريخ التي أرسلتها الطائرات الحربية لسلاح الجو الى هناك قبل سنة أصابت 60 ألف بيت ومصنع تقريبا، وجعلت 3500 منها أنقاضا. ويعيش 10 آلاف شخص منذ ذلك الحين بلا ماء جار ويعيش 40 ألفا بلا ربط للكهرباء. وقد تعطل 97 في المائة من المصانع بسبب القيود التي فرضتها حكومة اسرائيل على استيراد المواد الخام للصناعة. سيكون قد مر هذه السنة سنة على التزام الجماعة الدولية في المؤتمر الطارىء في شرم الشيخ أن تتبرع بـ 4.5 مليار دولار لاعادة بناء قطاع غزة. يفقد هذا المال قيمته بسبب الحظر الذي فرضته اسرائيل على ادخال مواد البناء المنطقة.

قبل أيام من مبادرة أطباء اسرائيليين الى انقاذ حياة جرحى في هاييتي، منعت السلطات في معبر ايرز 17 مريض عينين الوصول الى مستشفى في رام الله من أجل زرع عاجل لشبكيات العين. ربما يفعل هذا بمن صوتوا من أجل حماس. وفي حين يعالج أطباء نفسيون من اسرائيل أيتام هاييتي باخلاص، يستقين مراقبون من اسرائيل من أن احدا لا يحاول تخبئة دمية او دفتر او رزمة شوكولاطة في حاوية تؤدي الى غزة منتوجات حيوية. ماذا يعني ان طلبت لجنة غولدستون الى اسرائيل ان تزيل الحصار عن القطاع وان تنهي العقاب الجماعي لسكانها؟ ان كارهي اسرائيل فقط يستطيعون انشاء محكمة ميدانية لأول دولة انشأت مستشفى ميدانيا في هاييتي.

صحيح ان عصابات هاييتي المسلحة لا تطلق قذائف صاروخية على اسرائيل. لكن حصار غزة لم ينه اطلاق صواريخ القسام. ان حظر ادخال الكزبرة والخل والزنجبيل منذ حزيران 2007 كان يرمي الى التعجيل باطلاق جلعاد شليت والاسراع باسقاط نظام حكم حماس. وتعلمون أنه برغم ان هاتين المهمتين لم تحظيا بنجاح زائد، وبرغم النقد الدولي، ما تزال اسرائيل تغلق أبواب القطاع. لم تطمس صور اطبائنا الممتازين في هاييتي ايضا وجهنا القبيح في غزة.