خبر كرامة رجال العصابات.. هآرتس

الساعة 09:33 ص|17 يناير 2010

بقلم: تسفي بارئيل

الان أرينا الاتراك ايضا من نحن. فالحديث يدور عن كرامة يهودية، صهيونية، لشعب اجتاز الكارثة وتقرير غولدستون، ولن يصنع احد عنا فيلما يعرضنا كمجرمي حرب. وبالتأكيد ليس فيلما تركيا. اذا كان رئيس الوزراء التركي يعتقد بأن بوسعه ان يوبخنا دون رد، فنحن سنريه ونري كل باقي دول العالم. لا مفر، فالقوة وحدها هي التي يفهمون. بريطانيا تريد ان تقاطع بضائع اسرائيل؟ سندعو سفيرها ونجلسه على فرشة من المسامير. الولايات المتحدة تنكل بالمستوطنات؟ سنوجه الى رأس سفيرها مسدسا دون عيارات ونضغط على الزناد. للاخافة فقط، وليس للقتل حقا. فنحن لسنا قتلة بل مثيري رعب، والرعب كما هو معروف، يبعث على الاحترام. اسألوا العراب.

ولكن اذا ما قررنا اجراء مثل هذه المسرحية، فمن المهم ان نفعل ذلك بأسلوب. وذلك لانه يصبح سخيفا حين يجلس المخرجون على كراسي عالية، غير مريحة، أقدامهم بصعوبة تصل الى الارض، فقط كي يظهروا بأنهم أعلى. فهم بصعوبة نجحوا في أن يتنفسوا، أعضاء الهيئة القضائية اولئك. وبدلا من اعداد غرفة اهانات مهنية، وطلب كرسي منخفض من نجار فنان، أحذية عالية او كراسي بار، والاحتفاظ بمخزون من أعلام ممزقة للدول، لكل دولة، وذلك لانه لا يمكن ان نعرف اذا ما اضطررنا غدا الى اهانة سفير السويد او ايرلندا. الزينة المناسبة كجزء حيوي في دبلوماسية العصابات، ليست موضوعا للهواة. فما قدمه لنا نائب وزير الخارجية كان الضحك من الاهانة.

البند الاخر في القضية هو موضوع الكرامة والاخلاق. النص الدقيق للناطق بلسان الخارجة يقول ان "تصريحات رئيس الوزراء اردوغان تضاف الى بث البرنامج المناهض لاسرائيل في التلفزيون التركي... ولدولة اسرائيل محفوظ الحق الكامل في الدفاع عن مواطنيها ضد هجمات الصواريخ وارهاب حماس وحزب الله، وتركيا هي آخر من يمكنه ان يزاود اخلاقيا على دولة اسرائيل وعلى الجيش الاسرائيلي". ثلاث تهم وضعت معا في لائحة الاتهام هذه: اردوغان يتعاون مع التلفزيون التركي، يتآمر على أمن اسرائيل، وبالاساس – يقفز الى رأس طابور المزاودين اخلاقيا بدلا من احتلال مكانه بعد اوروبا والولايات المتحدة.

لم يكلف احد نفسه عناء القول إن المسلسل التلفزيوني موضع الحديث، الذي هاجم فصله الاول الولايات المتحدة بالذات، انتج في العام 2003، اصبح فيلما في 2006 وعلى خلفية نجاحه التجاري الهائل تقرر انتاج فصول اخرى – هذه المرة، خليط من المافيا، الموساد، خطف الاطفال وبطولة تركيا. من نشر المسلسل كانت محطة ستار تي في بملكية أيدن دوان الخصم المرير لاردوغان. من هذه التهمة بالذات اردوغان بريء.

التهمتان الاخريان اخطر بكثير. تركيا بالذات تساعد أمن اسرائيل. فهي تشتري منها الطائرات الصغيرة بدون طيار والتي بواسطتها تكافح ضد نشطاء الارهاب في PKK، حزب العمال الكردي. وهي تلاحقهم في تركيا وفي اراضي العراق على حد سواء. وبواسطة التكنولوجيا الاسرائيلية تعرف تركيا الى اين توجه قنابلها ضد تجمعات الـ PKK التي يقتل فيها مدنيون ايضا. تركيا تفعل في العراق ما تفعله  اسرائيل في غزة. السؤال الكبير هو من هو الاكثر اخلاقية: ذاك الذي يبيع السلاح انطلاقا من معرفة هدفه ام هذا الذي يستخدمه؟

لو كانت اسرائيل حقا دولة اخلاقية، لكان بوسعها ان تطالب على سبيل الاشتراط، مثل الولايات المتحدة، الا يتم استخدام تكنولوجيتها في الحرب ضد المدنيين. ولعلها كانت تتعرض لخسارة لصفقة بقيمة 200 مليون دولار، ولكنها تشتري بالمقابل الحق في القول ان "تركيا هي اخر من...". فهل يتصور احد ما ان يطالب ايهود باراك بذلك اليوم لدى زيارته الى تركيا؟

لو كانت اسرائيل دولة اخلاقية لكانت اعترفت بكارثة الأرمن رغم أنف الاتراك، ولكنها تخشى من ان يكلفها هذا الموقف الاخلاقي ثمنا باهظا. لو كانت اسرائيل دولة اخلاقة لرفعت منذ زمن بعيد الطوق عن مليون ونصف من سكان غزة – ليس من اجل اردوغان، بل من أجل نفسها.

وعليه، ليست الاخلاق هي الموضوع، بل مكان تركيا في طابور المزاودين اخلاقيا. ولكن كون الحديث يدور عن دولتين صديقتين ليست أي منهما وليا، ولماذا ينبغي دفع تركيا بالذات الى نهاية الطابور في المنافسة على الاخلاق.