خبر نائب الأمين العام لـ« الجهاد الإسلامي »: قد نشهد صيفاً ساخناً مع إسرائيل

الساعة 12:37 م|16 يناير 2010

فلسطين اليوم : دمشق

كشف الأستاذ زياد النخالة (أبو طارق) نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، النقاب عن بذل سوريا لجهد من أجل قبول السعودية زيارة قيادة "حماس" إليها، موضحاً أن التحرك السعودي الأخير فيما يخص الملف الفلسطيني يهدف إلى القول إن لها دوراً في هذا الملف، أما المصالحة فلم يكن نصيبها منه إلا القليل.

وبيَّن النخالة في حواره مع صحيفة "الوطن" السورية، أن الورقة المصرية لا تحل الإشكال الفلسطيني بل تزيده تعقيداً، نتيجة التداخلات الكبيرة الموجودة في السياقات، وربما يشكل كل بند من بنودها مشكلة.

ويعتقد نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي أن قطاع غزة مقبلٌ على صيف ساخن، وأن إسرائيل يمكن أن تدفع بالأمور باتجاه الحرب من أجل خلق معطيات جديدة وتحطيم قوى المقاومة فيه.

وفيما يلي النص الكامل للحوار:

س/ شهدت الأيام الأخيرة تحركاً دبلوماسياً عربياً، كانت بدايته مع زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إلى مصر ومن ثم إلى سورية، كيف تقرؤون هذا التحرك العربي في ظل حديث عن رعاية سعودية للمصالحة الفلسطينية؟

أبو طارق: يجب أن نكون مدركين لطبيعة الخلفية التي قام عليها التحرك السعودي، وبتقديري أنه كان هناك طلب من قيادة حماس لزيارة المملكة قابله رفض سعودي بعد اتفاق مكة، لأنها اعتبرت عدم تنفيذ الاتفاق ضربة لها ولذلك اتخذت موقفاً من حماس وحملتها المسؤولية وانحازت للسلطة.. وحماس معنية بالعلاقة مع السعودية، في هذا السياق كان هناك جهد سوري لدى السعودية لغرض قبول زيارة قيادة حماس، وما هدف إليه السعوديون هو سماع موقف حماس والتأكيد على أن للسعودية دوراً في الملف الفلسطيني وأن إيران ليست لاعباً أساسياً فيه، وهذا بدا واضحاً في ما نسب للوزير سعود الفيصل حول ما إذا كانت حماس في الصف العربي أم لا، وهذا سؤال ثقيل وغير لائق فالمقاومة هويتها واضحة وولاؤها لفلسطين والعرب والإسلام، وهنا لا أقصد الإساءة بل تحديد اللغة، كنت أتوقع من السعودية أن تملأ الفراغ، لا أن نأخذ موقفاً بناء على موقف طرف آخر.

 

أما بند المصالحة فبرأيي أنه لم يحظ إلا بجزء بسيط من هذا التحرك كون العرب تركوا الملف لمصر التي أصبحت حساسة جداً تجاه أي تدخلات ويبدو أنها تريد الاستئثار بالملف على طريقتها وليس بالضرورة أن تتوافق مع إرادة الشعب الفلسطيني.

 

س/ ما ملاحظاتكم على ورقة المصالحة المصرية، وهل هي الملاحظات نفسها التي تمنع حماس من التوقيع؟

أبو طارق: لدينا ملاحظات أكثر، وربما ملاحظات حماس هي الأقل، فنحن نعتبر الورقة المصرية إعادة لسيطرة السلطة على الوضع مرة أخرى وفتح الطريق أمامها لإحياء عملية المفاوضات حسب ما رسُم لها في خريطة الطريق واتفاقية أوسلو، وإذا دققنا في الورقة نجد أن جوهرها هو وضع الساحة الفلسطينية في تسوية معقدة، وقناعتنا أنها لا تحل الإشكال الفلسطيني، بل تزيده تعقيدا نتيجة التداخلات الموجودة في السياقات وربما يشكل كل بند من بنودها مشكلة، ولاسيما ملفات اللجان والأجهزة الأمنية والسلطة والتقاسم المتوقع الذي بنى عليه كاتب الورقة التصور النهائي لإمكانية سيطرة عباس على كل الأجهزة والقرار الفلسطيني، والقوى الفلسطينية لا تريد أن تعود إلى اتفاقية تنفجر في وجه الجميع مرة أخرى.

 

س/ هل هذه الملاحظات ناتجة عن عدم قراءة مصرية صحيحة للواقع الفلسطيني، أم ماذا؟

أبو طارق: المصريون يعرفون الوضع الفلسطيني تماما، ولكن في القاهرة سياسة محددة هي أنهم يريدون من المصالحة أن نعود إلى عملية التسوية مرة أخرى وأن يلتزم الجميع بخريطة الطريق وأن نذهب لنقول للأميركان إننا موحدون خلف التسوية والمفاوضات مع إسرائيل، وهذا ما كانت تقوله مصر في كل الاجتماعات التي جرت في القاهرة.. وعليه فإن جوهر الاتفاق عودة الوضع الفلسطيني للمفاوضات مع الإسرائيليين بالطريقة التي كانت مرسومة وتتوافق مع مبادرة السلام العربية، ووقف المقاومة وأن تضبط أسلحتها تحت سيطرة عباس كما نصت الورقة، وعليه فنحن كنا ذاهبين في هذه الورقة إلى منطقة مجهولة الملامح.

 

س/ كشف الأمين العام للجبهة الشعبية القيادة العامة أحمد جبريل عن زيارة قد يقوم بها محمود عباس إلى سورية يلتقي خلالها قادة الفصائل في دمشق، ما مدى إمكانية أن تحقق هذه الزيارة دفعا إيجابياً تجاه المصالحة؟

أبو طارق: اللقاء على مائدة طعام لا يحل التعقيد الفلسطيني، عباس لن يقبل اللقاء مع قادة الفصائل في دمشق لأنه سيعتبر ذلك قفزاً على الموقف المصري، ولا أعتقد أنه سيقدم على خطوة مثل هذه، وأريد أن أوضح أن المصالحة بحاجة لتفاهمات حقيقية حول هوية المقاومة وما حقوق الشعب الفلسطيني والوضع القائم في الضفة والتعاون الأمني الإسرائيلي الفلسطيني وغيره.. وهذه التعقيدات يجب أن تطرح على الطاولة. نحن مع التوقيع على مصالحة واضحة تجمع الشعب الفلسطيني وفقا لرؤية متفق عليها.

 

س/ إذاً المصالحة الفلسطينية أمام طريق مسدود؟

أبو طارق: حسب المعطيات القائمة وما خُطط لهذه المصالحة أعتقد أنه من الصعب أن يتم إنجازها، وعندما أبدت حماس بعض الملاحظات هي حاولت أن تحفظ حقها كحركة لديها سيطرة على القطاع، من جانب، وأن تحفظ حقها في الأجهزة الأمنية وأن يكون لها دور واعتراف مباشر وخاصة أن هذه الورقة ضمنت أن تعود السلطة إلى غزة وتشارك في حكمه، وفي الوقت نفسه لا تأخذ حماس شيئاً في الضفة.

ولكن أقول دائماً أمامنا فرصة لنتفق إذا توافرت النيات الحسنة والرؤية الصحيحة لإدارة الصراع، وأن نثبّت أن حق الشعب في المقاومة وألا نتنازل عن ثوابتنا وخاصة حق العودة وإقامة دولة عاصمتها القدس وهذه ثوابت الحد الأدنى، وإذا وضعناها نقطة إجماع فسنتفق أما إذا بقي الوضع ضمن مشروع تسوية لا نعرف آفاقه وأبعاده فأعتقد أن التوقيع على أي اتفاق مصالحة مضيعة للوقت، لأن إسرائيل لا تريد السلام وقد رفضت المبادرة العربية، ونحن اعتبرناها أخطر من وعد بلفور، والآن دول عربية تريد أن تقبل المبادرة، والنظام العربي يريد أن يفرض رؤيته على المقاومة في أي مبادرات تسوية هو يريدها نتيجة ضعف وتعقيدات مع واشنطن.

إن كل الأطراف التي تسعى للمصالحة لديها رؤى مختلفة، وهنا تكمن التناقضات، السعودية تريد مصالحة تلتزم مبادرة السلام العربية، وسورية تريد أن تكون المصالحة قائمة على حماية الشعب الفلسطيني، والتمسك بثوابت القضية وعودة اللاجئين، وإقامة دولة عاصمتها القدس من دون أن يكون هناك مفاوضات تقدم فيها الفصائل تنازلات، ومصر ترى أن المصالحة يجب أن تكون على أساس إعادة الحياة لعملية التسوية وفق اتفاقية أوسلو، لذلك تحقيق المصالحة في ظل هذا التعقيد ليس ناضجاً ويحتاج لوقت أكثر.

 

س/ مع مرور الذكرى السنوية الأولى للعدوان على غزة، نسمع ارتفاعا في وتيرة التهديدات الإسرائيلية لقطاع غزة، هل هناك حرب مقبلة قريبة؟

أبو طارق: أتوقع أن نكون مقبلين على صيف ساخن مع إسرائيل، والأسباب كثيرة منها الانسداد في العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة، والانسداد في السياسة الأميركية في المنطقة وهذا الانسداد لا يحله إلا معركة تخلق وقائع جديدة على الأرض ولذلك الإسرائيليون يمكن أن يدفعوا بالأمور باتجاه الحرب من أجل فتح أفق ومعطيات جديدة بهدف تحطيم قوى المقاومة في غزة التي تشكل عقبة في طريق أي تسويات على حساب الشعب الفلسطيني.

 

س/ تشير بعض التصريحات الصادرة من غزة إلى وجود تباينات في الحالة الميدانية بين الفصائل المقاومة، ما حقيقة هذا الواقع؟

أبو طارق: بعد العدوان على غزة فرضت وقائع جديدة، والمقاومة أخذت بعين الاعتبار معاناة الشعب الفلسطيني، لكن لا يوجد توافق على كيفية إدارة الاشتباك مع إسرائيل، وكل تنظيم أخذ سياسة معينة للرد على الاعتداءات، وبالنسبة للجهاد لا يوجد قرار باستئناف عمليات موسعة أو إطلاق الصواريخ، ولكن أيضاً لا يوجد قرار بإنهاء العمليات أو إعلان هدنة بحيث تبقى المبادرة موجودة للرد، ولا نريد أن ندخل في اتفاقيات تهدئة أو وقف إطلاق نار، ولن نتنازل عن حق المقاومة، قد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر ولكننا لم نطلق صواريخ خلال الفترة الماضية.

 

س/ كيف سيكون حال القطاع إذا شنت إسرائيل الحرب وأغلقت مصر الأنفاق؟

أبو طارق: من حسن الحظ أن الجدار بحاجة لوقت، وأقول إن هذا يشكل خطراً على حياة الناس وأرزاقهم، وهذه الخطوة خطيرة ومؤشر من أجل خنق القطاع وإخضاعه لرؤية سياسية معينة. قد يكون لمصر تبريرات من قبيل استخدام الأنفاق لتهريب الأسلحة أو أنها تدعم طرف دون آخر، ولكن الشعب ليس كله حماس أو الجهاد، والجدار لا يحمي أمن مصر، فقطاع غزة صمد أمام التقدم الإسرائيلي تجاه مصر، ومصر عمقنا العربي، للأسف السياسة المصرية تريد أن تقطع التواصل ليس فقط جغرافيا بل نفسياً، لأن هذا الأمر يخلق فجوة بين الجانبين.

 

س/ هناك من يتهم فصائل المقاومة وتحديدا الجهاد وحماس بأنها تخضع لأوامر طهران؟

أبو طارق: إذا كانت الدول العربية قلقة على أن الحركات الفلسطينية لها علاقات وخاصة مع إيران فليتفضلوا وليملؤوا الفراغ، إيران قدمت وتقدم المساعدات ومن دون الموقف الإيراني ما كان لغزة أن تصمد في الحرب وما كان لحكومتها أن تصمد حتى الآن، قدمت مساعدات لحكومة حماس بمئات الملايين في حين لم يقدم العرب عشرات الملايين، وقناعتي لولا إيران لما ضرب صاروخ واحد على إسرائيل.