خبر المارد خرج من القمقم- اسرائيل اليوم

الساعة 08:24 ص|16 يناير 2010

بقلم: البروفيسور ابراهم بن تسفي

 (المضمون: ما تزال طريق امريكا الى التقدم والمساواة الحقيقية والانفتاح الفكري طويلة – المصدر).

يفتح الكتاب الجديد للصحافيين الامريكيين، مارك هلبرن وجون هيلمن، "تغيير اللعب"، الذي يتناول الدسائس والتلاعب والصراعات الشخصية التي حدثت في المعركة الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة في سنة 2008، نافذة لفهم الديناميكية الحقيقية التي تستعمل القوة والقبيحة احيانا للمنافسة نحو البيت الابيض.

وفي الحقيقة يوجد وراء ستار السلامة السياسية التي يحرص الساسة ورجال الحياة العامة الامريكيون فيها حرصا شديدا وهم يمكثون في المجال العام المعلن وفي اضواء المصابيح، يكشف في الكتاب عن صورة معوجة جدا لجيوب استهانة ورأي سابق وعنصرية بارزة احيانا ما تزال تسود اعلى المستويات في هذا الجهاز السياسي.

* * *

في الحقيقة أن جزءا من هذه التعبيرات، ولا سيما النظرة المتكبرة لبيل كلينتون الى اوباما وكأنه "شاب كان الى بضع سنين يقدم القهوة لنا"، يمكن تسويغها – وان يكن ذلك متكلفا – بحماسة المعركة على البطاقة الديمقراطية.

لان هيلاري كلينتون اجرت في تلك الايام صراعا شديدا مع براك اوباما في الانتخابات التمهيدية، وعبرت ملاحظة الرئيس السابق عن خيبة أمل ازاء انجازات خصمها المفاجئة (كان لهيلاري كلينتون ايضا تعبيرات معلنة مشكلة في ذلك الوقت عندما عرفت اوباما انه مرشح يمثل طائفة وجنسا).

* * *

لكن فيما يتصل بكلام الزعيم الحالي لكتلة الاكثرية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، هاري ريد، لا يمكن ان يوجد أي هامش غموض. وذلك لان السناتور من نيفاده تناول بعمق "لون البشرة الصافي نسبيا للمرشح الديمقراطي" وكلامه "البريء من لهجة السود" على أنهما عاملان قد يساعدانه في سباقه الى القمة.

ان تعبيرات مشابهة، سيئة السمعة صدرت عن بيني غرشون، ليست محدودة عندنا فقط وتشهد بان التصنيف العنصري ليس له حدود.

يدهشنا على نحو خاص امر ان سياسيا ذا تجربة ناجحا مثل ريد ما يزال مكبلا في تفكيره – في بدء القرن الـ 21 – بقيد تصورات مقولبة ذات بعد واحد عن المعاني الكامنة في بروز اوباما الى مقدمة المنصة.

واشد من ذلك انه لا يوجد في كلام ريد أي تناول للمواقف السياسية ولتصور السناتور من الينوي.

ما يزال المجتمع الامريكي بعيدا سنوات ضوئية عن المساواة التامة والحقيقية بين اللبنات العرقية المختلفة والمتنوعة التي تكونه.

واضح ايضا ان ترشح اوباما قد اضطر امريكا الى ان تواجه على نحو مباشر طائفة كاملة من القضايا المعقدة والحساسة التي تتصل بهويتها الذاتية وتعريفها الثقافي اللذين حاولت التهرب منهما في الماضي.

ولان امريكا آخر الامر ثبتت لهذا التحدي بنجاح، فانه تقلقنا حقيقة أن مراكز الشعور الوطني وتمييز الاخر والمختلف – كما نجح شعاع ضوء هلبرن وهيلمن في الكشف عنه، موجودة في سرة مراكز السلطة لا في هوامش المجتمع الجاهلة المهملة.

* * *

على خلفية هذا الواقع ثمّ محل لسؤال ألم تتعجل الامة الامريكية الاحتفال بنصر التقدم والتسامح مع دخول اوباما البيت الابيض.

        كذلك يشهد على ذلك الرد الزائد المذعور لعالم الاعمال الابيض على قضايا دعارة ملك الغولف تايغر وودز التي كشف النقاب عنها اخيرا (وذلك بخلاف شديد لقضية دعارة نجم التلفاز الابيض ديفيد ليترمن وهي قضية خفتت من الفور الى صمت عميق).

        بعد كل شيء، الطريق الى التقدم والانفتاح الفكري الحقيقي – لا كذاك الذي توجبه اعتبارات السلامة السياسية – ما يزال طويلا. وما يزال الحلم السامي لمارتن لوثر كينغ عن شكل المجتمع الذي يطمح اليه بعيدا من التحقق التام هو ايضا.